بقلم - عريب الرنتاوي
فيما أنظار المراقبين تتركز حول سؤال: من سيفوز في الانتخابات المقبلة، فتح أم حماس، لا تحظى «الديناميكيات» الجديدة التي تتفاعل في أوساط المجتمع الفلسطيني، كنتيجة لاقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي باهتمام ملائم من جانب هؤلاء...ثمة خشية فلسطينية رسمية، عربية رسمية، ودولية، من إعادة انتاج سيناريو انتخابات 2006 واكتساح حماس لصناديق الاقتراع، لكن ما هو غائب عن «بازار» التكهنات والتوقعات، هو احتمال أن تأتي المفاجآت من حيث لم يحتسب أحد، وقد تكون جيدة على أية حال.
أمس، أعلن ناصر القدوة عن قيام الملتقى الوطني الديمقراطي، وبحضور 250 شخصية وازنة، من فتح وخارجها...قبلها كان عشرات الشبان الفلسطينيين، يعلنون عن قيام حراك «وعد» الذي يَعدّه البعض مقرباً من رئيس الحكومة الأسبق، سلام فيّاض...وبينهما كان نائب رئيس المجلس التشريعي السابق حسن خريشة، يعلن عزمه تشكيل قائمة خاصة به، ربما تجد بعض الدعم من جهات فلسطينية في المعارضة...والقيادي الفتحاوي نبيل عمرو ينوي المشاركة بقائمة مستقلة، إن تعذر أن يجد نفسه كما يريد، على متن قائمة فتح الرسمية، أو القائمة التي يعمل عليها القدوة...وطوال الوقت، ثمة تكهنات، بأن فصائل اليسار، تستطلع فيما بينها، فرص المشاركة بقائمة موحدة، متخطية انقساماتها التاريخية المزمنة...وما زالت هناك فسحة كافية من الوقت، لظهور قوائم وتكتلات جديدة، ربما.
من بين جميع المحاولات لبلورة قائمة مستقلة عن فتح وحماس، تبدو القائمة التي يعمل ناصر القدوة عليها، أكثرها جدية، وأكثرها قدرة على استقطاب كتلة وازنة من أصوات الناخبين...لكن فرص هذه القائمة تتوقف على موقف مروان البرغوثي، القائد الأكثر شعبية، فإن محضها ثقته ودعمه، ربما تحوز على عدد من المقاعد أكبر من ذاك الذي ستحظى به الحركة الأم...وبخلاف ذلك، ثمة شكوك كبيرة، بقدرة القائمة التي يقودها الرمز الفتحاوي، الأكثر «نخبوية»، على انتزاع عددكافٍ من المقاعد، يجعل منها «رقماً صعباً في المعادلة الفلسطينية».
اليسار الفلسطيني إن نجح في التوحد، والانفتاح على قوى وشخصيات وطنية من «قماشته»، فإن بمقدوره أن يتحصل على قرابة العشرة بالمائة من الأصوات، وهو الذي لم يحصل في انتخابات 2006 سوى على6 بالمئة منها فقط...هي مهمة ليست يسيرة بحال، في ظل الموروث المتراكم من»الشكوك المتبادلة» و»تضخم النظرة للذات»، لكنها ليست مستحيلة في ظل الظروف المحيطة بالانتخابات هذه المرة.
بقية القوائم، ستجاهد لاجتياز عتبة الحسم، إن قُدّر لها أن تواصل مشوارها حتى يوم الاقتراع، بل والأهم، إن قُدّر للانتخابات أن تجري في مواعيدها المقررة، في ظل تفاقم المشكلات والتحديات التي تجابه قيادة فتح، في ترتيب شؤون بيتها الداخلي، واحتواء الصراع بين أجنحتها المتنافسة على السلطة والتمثيل.
مفاجآت الانتخابات، إن ظلت من هذا النوع، فلن تثير قلق المجتمع الدولي، أو تستثير حساسية الدول العربية المعنية...هذه الأطراف، تخشى «مفاجأة حماس»، وتخشاها فقط، وهي تعرف أن فتح بعد الانتخابات، لن يتعذر عليها الائتلاف مجدداً، وأن لدى الحركة مخزون من الخبرة في التعامل مع قوى اليسار، وغيرها من المجاميع الصغيرة، ما يكفي لضمها تحت جناحيها...المهم: ألا تكتسح حماس الانتخابات، حتى لا تتبدد فرصة حل الدولتين، وتتعقد مهمة بايدن، التي لم تبدأ بعد...والأهم: ألا يُعاد الاعتبار للإسلام السياسي، سيما وأن عدة دول عربية تنخرط في «حرب استئصال» مع جماعة الإخوان، وسيكون فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية، خبراً صادماً لها، والقول الفصل لقادمات الأيام.