إسلاميون ولكن … علمانيون ولكن

إسلاميون ولكن …. علمانيون ولكن

إسلاميون ولكن …. علمانيون ولكن

 العرب اليوم -

إسلاميون ولكن … علمانيون ولكن

بقلم : عريب الرنتاوي

ثمة ما يوحي بأن اجماعاً وطنياً قد تحقق حول مفهوم «الدولة المدنية»، جميع التيارات السياسية والفكرية الوازنة في البلاد، ترقص حول نار «الشعار» وبريقه الأخّاذ، الذي سطع فجأة على المشهد الانتخابي، وأنار بصر وبصيرة السياسيين الأردنيين من مختلف المرجعيات.

والحقيقة أن اجماعاً كهذا، تحقق في دول وتجارب عربية، قبل «الربيع العربي» وبالأخص في سياقاته، وبدا أننا أمام «قاسم مشترك أعظم» يمكن أن يجسر الفجوات، وأن يبني جسور الانتقال السلس والآمن إلى ضفاف الديمقراطية والتعددية، فالأردن بهذا المعنى، لم يكن أول شاهد على تجربة الإجماع هذه، ولن يكون الأخير.

في مصر، ومنذ مطلع العشرية الأولى من القرن الجاري، بدا أن رياحاً شديدة قد هبّت على جميع التيارات السياسية والفكرية، واحتل شعار «الدولة المدنية» مكان القلب والصدارة في بناء التحالفات و»التصورات» للنضال المشترك ضد نظام الركود والاستبداد والفساد … لكن الريح التي هبّت من ميدان التحرير، وإحساس التيار الإسلامي بنشوة النصر المتكرر، وضعف وشتات خصوم التيار، كانت أقوى بكثير من «المشتركات» و»جسور التوافق الهشة»، فانتقلنا إلى «التمكين»، ومن ثم الاصطراع بين حلفاء الأمس، وصولاً لثورة يونيو .

في تونس، تحقق الإجماع حول هذا الشعار، وصمدت التجربة، أما أسباب صمودها فعائدة إلى توازنات القوى داخل المجتمع التونسي، التي لم تسمح بالهيمنة والاستئثار والتفرد من جهة، بل واستنفرت من جهة ثانية، كافة القوى الحية في هذا المجتمع، من «رباعي الوساطة» إلى الحركة النسوية، مروراً بالمجتمع المدني والأحزاب السياسية المشرعة نوافذها على التجربة الأوروبية، وإرثها الثقافي والحضاري … «الدولة المدنية» في تونس، صمدت بفعل توازنات القوى، وربما تتعمق إن ظل الحال على هذا المنوال.

أما في المغرب، فثمة «حراسة ملكية» لهذا الإجماع، فالفضاء الديني محتكر من مؤسسة العرش، وقواعد اللعبة بين الأطراف مضبوطة لإيقاعات القصر، والنظام الانتخابي يخضع لتوازنات دقيقة، يصعب اختراقها على نحو واسع، والحركة السياسية والحزبية المتغيرة، تسمح بوجود «قطبية ثنائية» كما هو الحال الآن، أو «تعددية قطبية» كما كان الحال من قبل، قبل تآكل نفوذ اليسار وأحزاب الحركة الوطنية المغربية التاريخية.

الحال في تونس والمغرب، يختلف كثيراً عن الحال في مصر والأردن، لجهة التبدلات المتسارعة في بنية وخطاب الأحزاب ذات المرجعية الدينية … وهي تبدلات وضعتها على مسافة بعيدة نسبياً عن المدرسة الإخوانية، وبقدر عالٍ نسبياً من المرونة والقدرة على التكيف مع الظرف الجديد الناشئ إثر سقوط نظام ابن علي في تونس، أو بفعل الوجهة الإصلاحية التي انتهجها الملك محمد السادس بعد أن لسعت رياح 20 فبراير الثوب المغربي.

الأردن، يدخل حلبة الجدل حول مفهوم «مدنية الدولة» متأخراً نسبياً عن البلدان التي ذكرنا … والتيارات المختلفة من دينية ويسارية وقومية وليبرالية وغيرها، تدخل هذا الجدل «متلعثمة» عموماً … لقد رأينا إسلاميين يتحدثون عن «الدولة المدنية» قبل سنوات عدة، لكن صدور «الإخوان» ضاقت بهم، ولفظتهم خارج صفوفها … وهناك من لا يزال في أوساطهم، يتحدث بذات اللغة، بيد أن الأنباء الأخيرة، تتحدث عن نيتهم تشكيل حزب جديد، «موازٍ» لمبادرة زمزم»… وحتى في حال هجرة «الحكماء» حزبهم الجديد، سيبقى في داخل الجماعة من يرفع لواء الدولة المدنية، رجل الجماعة الثاني (القوي)، تحدث بهذه المفردات، ودعا لحوار مع العلمانيين، فهل سيتمكن من قيادة الجماعة إلى ضفاف أخرى، ام أنه سيواجه المصائر ذاتها التي آل إليها «زمزم» و»الحكماء»، يبدو أن ظاهرة «تناسل» الأحزاب السياسية من رحم الجماعة الأم، لن يتوقف.

لا نعرف على وجه الدقة، ما الذي يقصده الإسلاميون بشعار الدولة المدنية، فهو كما تعرفون من أكثر الشعارات التباساً وتضليلاً في كثير من الأحيان، فهو حيناً يرفع في مواجهة الدولة الأمنية، وأخرى في مواجهة الدولة الدينية، وثالثة في مواجهة البنى العشائرية – التقليدية السابقة لنشؤ الدولة الحديثة … شعار الدولة المدنية يكتسب معناه من مصدرين: هوية الجهة التي ترفع لوائه، والسياق الذي يطرح به، أنه أكثر الشعارات السياسية «نسبيّةّ».

يمكننا القول في هذه اللحظة السياسية بالذات، إن رفع شعار الدولة المدنية، من قبل الإسلاميين، لا يعني شيئاً أكثر من قولهم «إسلاميون ولكن»، فمدنية الدولة هنا، لا تتعارض جوهرياً مع «تديينها»، بدلالة الموقف من المنهاج والمدرسة الوطنية/ العمومية … وحين يرفع الشعار من قبل العلمانيين، لا يعني بدوره سوى «علمانيون ولكن»، فهذه التيارات تمارس بدورها، «التقية» و»التورية» حين تتحدث عن «مدنية» الدولة من دون الإشارة إلى «علمانيتها» …. على أن هذه «اللكن» تفتح باب الاختلاف والفرقة، بقدر ما يمكن أن تؤسس لتساكن التيارات وانخراطها في عمل مشترك، وتوافقها حول قواعد محددة وشفافة للعبة السياسية.

في الأردن، لا يمكن لتوازنات القوى السياسية والاجتماعية، أن تحمي هذا التوافق حول «مدنية الدولة»، فاختلال التوازنات بيّنٌ للغاية، وليس في الأفق المنظور ما يشي بقرب تجسيرها … في الأردن، كما في المغرب، يمكن لمؤسسة العرش أن تحفظ هذا التوازن وأن ترعاه وأن تضبط إيقاعاته، شريطة أن تتوفر في الأردن، كما توفرت للمغرب، قوى مجتمعية وسياسية قادرة على الاستجابة لضرورات بناء التوازن … في المغرب وجودوا «حزب الأصالة والمعاصرة»، وفي الأردن، يغيب حزب «رجالات الدولة» عندما تشتد الحاجة إليه، وتقريباً في جميع المنعطفات، حتى لا نقول جميعها… وللبحث بقية.

arabstoday

GMT 05:33 2021 الإثنين ,12 إبريل / نيسان

عن القدس والانتخابات

GMT 04:29 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 05:43 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و»حرب السفن»

GMT 18:43 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسلاميون ولكن … علمانيون ولكن إسلاميون ولكن … علمانيون ولكن



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab