الجبير في بغداد  المغزى والسياق

الجبير في بغداد ... المغزى والسياق

الجبير في بغداد ... المغزى والسياق

 العرب اليوم -

الجبير في بغداد  المغزى والسياق

بقلم : عريب الرنتاوي

حار المراقبون في تفسير مغزى أول زيارة لوزير خارجية سعودي لبغداد منذ أزيد من ربع قرن، وانقسموا فيما بينهم إلى فريقين اثنين: الأول، ويعتقد أن الزيارة تأتي في سياق التقارب مع إيران التي باتت تحظى بنفوذ “مقرر” في العراق ... والثاني، يرى خلاف ذلك، إذ يدرج الزيارة في سياق محاولة سعودية لعزل إيران وفك “تبعية” العراق له وتخليصه ما أمكن من نفوذها المهيمن.

القراءتان كلتاهما، تنطويان على قدر كبير من “الوجاهة” وتستندان إلى مؤشرات تتفاوت في درجة “صلابتها” مع أنهما شديدتا التعارض ... الأولى، تنطلق من فرضية أن طرفي الانقسام المذهبي ورأسيي المحورين الإقليميين المتصادمين، قد أعياهما التعب والإنهاك، بعد مسلسل “حروب الوكالة” الذي اجتاح المنطقة وتراجع مكانة النفط وعائداته ... والثانية، تنطلق من حالة العداء المستحكم التي ما زالت تباعد البلدين المشاطئين للخليج وتتحكم بسياساتهما الداخلية منها والخارجية.

القراءة الأولى، المتفائلة، ترصد جملة من الظواهر الأخيرة: من بينها رسائل الغزل والاستعداد المتبادل لولوج عتاب “حوار مشروط”، والوساطة الكويتية بين دول الخليج وإيران، والاتفاق بين المملكة والجمهورية على تخفيض انتاج النفط في إطار منظمة الدولة المصدرة أوبك، وحديث الرئيس روحاني عن محاولات قامت بها عشرة دول على الأقل، لجسر الفجوة بين البلدين واحتواء النزاع القائم بينها.

القراءة الثانية، المتشائمة، تستند إلى مؤشرات منها أن السياسة السعودية المناهضة لإيران استمدت زخماً إضافياً بعد مجيء دونالد ترامب وإدارته للحكم في الولايات المتحدة، وبخطاب شديد العداء لطهران، ومنها الحراك التركي صوب الخليج، والذي يستهدف من ضمن ما يستهدف، تقليم أظافر إيران والحد من نفوذها ... ومنها ما يتردد عن حلف إقليمي “ناتو إقليمي” يضم دولاً عربية معتدلة من بينها السعودية، إلى جانب الولايات المتحدة  بهدف مواجهة “أكبر دولة راعية للإرهاب” على حد تعبير المسؤولين الأمريكيين  والسعوديين على حد سواء.

من السابق لأوانه سبر أغوار الزيارة، ومعرف نوايا الزائر أو ردود أفعال المضيف ... فالمنطقة برمتها في “مرحلة انتقال وانتظار” صعبة للغاية ... الأنظار ما زالت شاخصة صوب واشنطن لاستجلاء مواقفها وسياساتها واستراتيجياتها الفعلية في المنطقة، بعيداً عن “طوفان الثرثرة” الذي يجتاح واشنطن، فالسعودية ليست لديها الفكرة الكافية عن الحدود الذي ستصلها سياسات ترامب في الانفتاح عليها، وإيران “القلقة” بلا شك، ليست لديها فكرة مماثلة عن الحدود التي يمكن أن يبلغها الرجل في “حروبه” عليها ... والأهم من كل هذا وذاك، فإن الطرفين، ما زالا ينتظران التعرف على ما يدور في خلد الرجل وأركان إدارته من مشاريع لكل من سوريا والعراق واليمن، وهي ساحات الاشتباك الرئيسة بين القطبين الإقليميين.

لكن في مطلق الأحوال، فإن الحرب متعددة المسارات والأشكال والساحات بين الدولتين، لم تضع أوزارها، ولن تضع أوزارها في المدى المنظور، ومن الصعب تصور “سيناريو ازدهار” في علاقاتهما الثنائية في المدى المرئي والمنظور ... بيد أن أشكالاً من “التهدئة” و”التسويات” تظل مع ذلك، ممكنة هنا أو هناك ... ما حصل على ساحة النفط وأوبك، يمكن أن يعطي دليلاً متواضعاً على “دور المصلحة” في تقريب المسافات المتباعدة ... وربما تتشكل مصالح أخرى بين الجارتين اللدودتين، في مطارح أخرى، من نوع “مواجهة الانقسام المذهبي” الذي هو سيف ذو حدين يتهدد وحدة المجتمعات والتراب الوطني للجميع من دون استثناء، و”التصدي لخطر الإرهاب الذي يتهدد الجميع أيضاً، ومن دون استثناء كذلك، بصرف النظر عن هويته الدينية والمذهبية أو شكل نظام حكمه أو موقعه وموقفه وتحالفاته.

 الأيام وحدها، ستضع زيارة عادل الجبير لبغداد، المفاجئة وغير المسبوقة منذ أجل بعيد، في سياقها الصحيح.

المصدر : صحيفة الدستور

arabstoday

GMT 05:33 2021 الإثنين ,12 إبريل / نيسان

عن القدس والانتخابات

GMT 04:29 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 05:43 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و»حرب السفن»

GMT 18:43 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجبير في بغداد  المغزى والسياق الجبير في بغداد  المغزى والسياق



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab