أين يذهب الفلسطينيونعر

أين يذهب الفلسطينيون؟عر

أين يذهب الفلسطينيون؟عر

 العرب اليوم -

أين يذهب الفلسطينيونعر

بقلم - عريب الرنتاوي

هذا السؤال ليس لي، إنه السؤال الذي تمحورت حوله كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية قبل أقل من أسبوعين، في مسعى منه لتفسير وتبرير ما يقدم، أو ما يمكن أن يقدم عليه الفلسطينيون من خطوات وإجراءات، وما قد يتخذونه من مواقف وسياسات، وأحسب أن المُخاطَب بالسؤال ليس أعضاء المجلس، ولا الشعب الفلسطيني، وإنما المجتمع الدولي وبعض الدول العربية.

عرضَ الرئيس عباس لانسداد آفاق “العدالة” أمام الفلسطينيين، على المستويين الفردي والجمعي، فالجرائم التي تقترفها إسرائيل بحقهم كشعب وأفراد، لا تجد من يتابعها ويلاحقها، فالمحاكم الإسرائيلية ليست سوى ذراع احتلالية بامتياز، وجهاز القضاء في إسرائيل جزءٌ لا يتجزأ من البنية الاحتلالية الاستعمارية، والفلسطينيون ممنوعون من اللجوء إلى القضاء الدولي بمؤسساته الجنائية المعروفة، وهم يتعرضون لكل أنواع الضغوط لمنعهم من الوصول إلى أروقة “العدالة الدولية” ... أين يذهب الفلسطينيون والحالة كهذه، من ينصفهم، ومن يرفع عنهم مظلومياتهم، ولمن يحتكمون؟ هكذا تساءل الرئيس.

والرئيس تقدم بجردة حساب عن حصاد القرارات الدولية الخاصة بفلسطين ... 43 فيتو أمريكيا ضد فلسطين، أكثر من 80 قرارا عن مجلس الأمن، وأكثر من 700 قرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، دع عنك القرارات الصادرة عن أجهزة الأمم المتحدة الأخرى ومؤسساته من يونيسكو إلى حقوق الانسان مروراً باليونيسيف وغيرها، وقرار محكمة العدل الدولية بخصوص الجدار الاستيطاني – العنصري ... كل هذا الركام من القرارات الأممية، ظلت حبراً على ورق، ولم يعد المزيد منها، أمراً يؤرق إسرائيل أو يُسعد الفلسطينيين، فأين يلتجئ الفلسطينيون ولمن يلجؤون؟

لم يقصد الرئيس، وهو يتقدم بمطالعته المطوّلة تلك، القول إنه “نفض” يديه من الشرعية الدولية أو القانون الدولي أو العدالة الدولية ... هذا آخر ما يفكر به الرئيس، ولم يقل إنه سيكف عن المحاولة المرة تلو المرة، ومن دون كلل أو ملل... بل إنه في الخطاب ذاته، قال إنه سيطرق أبواب مجلس الأمن الدولي مرات ومرات، طالبا الاعتراف بفلسطين دولة تحت الاحتلال، ورفع الظلم عنها، حتى وإن استخدمت واشنطن الفيتو في كل مرة.

وهو قال، إنه ماضٍ في مسعاه لاستكمال عضوية فلسطين في المنظمات والبروتوكولات الدولية البالغ عددها 550 منظمة وبروتوكولا، بما فيها المنظمات والبرتوكولات الـ “22 “ التي طلبت إليه واشنطن عدم التوجه إليها بخاصة، بوصفها خطوطاً حمراء، سيعتبر اجتيازها عملاً استفزازياً أحادي الجانب إن أقدم الفلسطينيون عليه ... يعكس هذا الموقف، عمق قناعة الرئيس بجدوى خوض المعركة مع إسرائيل في المعترك الأممي، وبكل أشكال المواجهة السياسية والإعلامية والدبلوماسية والحقوقية ... وهو أمرٌ متفق عليه فلسطينياً على أية حال.
ولقد اقترب الرئيس في مسعاه لتقديم إجابة عن سؤاله، وإن كنا على شكوكنا العميقة حين يتصل الأمر بترجمة الأقوال إلى أفعال، أو حين يتعلق بالأدوات التي يمكن اللجوء إليها لترجمة هذه المواقف ونقلها إلى حيز التنفيذ، لكنه والحق يقال، اقترب من الإجابة المطلوبة عن سؤال: أين يذهب الفلسطينيون؟

رفع كلفة الاحتلال، التي تطرق إليها الرئيس أكثر من مرة، تبدو عنصراً تأسيسياً في مشروع الإجابة ... وهو ردد في غير موقع “أننا سلطة بلا سلطة واحتلال بلا كلفة” ... الأمر الذي يصبح معه السؤال حول كيفية رفع كلفة الاحتلال، وتحويله من احتلال مجاني (خمسة نجوم) إلى احتلال مكلف، سؤالاً مشروعاً وملحاً.
تأخذنا الإجابة عن الأسئلة المتناسلة من السؤال الرئيس، عنوان هذا المقال، إلى طرح أسئلة المصالحة الوطنية والتلكؤ المتبادل في إتمامها، وإلى مشروع بعث واستنهاض منظمة التحرير من تحت ركام ورماد التهميش والعزلة والشيخوخة والعجز ... على أن الرزمة الأهم من الأسئلة، تلك المتعلقة بالمقاومة الشعبية السلمية، التي أكثر الرئيس من الحديث عن جدواها، ودعا الآخرين للحديث عن جديتها وجدواها، دونما خجل أو وجل، ودونما خشية من الابتزاز والمزايدة ... نحن لا نرى جهوداً جدية تبذل، للإجابة عن أسئلة الرئيس ذاتها، وفي مقدمها سؤال الرئيس: “أين يذهب الفلسطينيون؟”.

لن تكتسب قرارات الشرعية الدولية أقداماً تسير عليها، ولن تمتلك محكمة العدل الدولية أذرعاً “مفتولة” تجدف بها، ما لم يبادر الفلسطينيون أنفسهم بتزويد هذه المرجعيات بالأقدام الصلبة والأذرع القوية الضرورية لنقل القرارات المذكورة من الأراشيف المتراكمة، إلى أرض الواقع ... وأذهب أبعد من ذلك للقول، إن القرارات ذاتها، ستكتسب معانيها ومضامينها الحقيقية تبعاً لتوازنات القوى على الأرض، فالقوي والمسيطر والمنتصر، بمقدوره تعطيل القرار الأممي، أي قرار، وبمقدوره أيضاً تفسيره وإعادة تفسيره، كل مرة وفقاً لمصالحها وأولوياتها ... ولم يكن الفلسطينيون طرفاً قوياً في هذا الصراع، فلا يتعين عليهم أن ينتظروا الكثير من الشرعية الدولية ولا من القضاء الدولي.

إن الاعتماد على “قوة المنطق”، لا يمكن أن يكون بديلاً لـ “منطق القوة”، ومنطق القوة هنا، لا يمكن أن يكون في استعراض أرقام الدولة المؤيدة لفلسطين وتلك المناهضة لها، ولا في إحصاء عدد القرارات الدولية التي أخذت بنظر الاعتبار “قوة الحق” الفلسطيني ... المطلوب فوق هذا وذاك، امتلاك بعض من الأنياب والمخالب، وبخلاف ذلك، ستظل الصرخة الفلسطينية محصورة في وادٍ سحيق.

ليذهب الفلسطينيون في كل اتجاه، وليطاردوا إسرائيل في كل محفل، ومن على كل ساحة ومنبر... هذا “أمر عمليات يومي”، ينبغي أن تحرص كافة الأجهزة والمؤسسات والنشطاء والمنظمات ذات الصلة، على وضعه نصب أعين القائمين عليها، كل صباح.

لكن ليدرك الفلسطينيون، أن وجهتهم الأولى، التي يتعين أن يشدوا الرحال إليها صبحاً وفي المساء، هي فلسطين ذاتها، هناك يجثم الاحتلال، وهناك تدور المعركة، وهناك ترتسم موازين القوى، وهناك يمكن رفع كلفة الاحتلال أو جعله مريحاً ومربحاً ... هناك تتموضع خطوط التماس، هناك تتمدد المستوطنات ويتمدد الجدار كالثعبان حول أعناق القرى والبلدات الفلسطينية، هناك يختبر آخر وأبشع نماذج التمييز العنصري، وهناك التجمع الأكبر من الشعب الفلسطيني وعلى الأرض الفلسطينية.

لا يتعين على الفلسطينيين أن يذهبوا في أي اتجاه، قبل أن يكونوا متأكدين من أنهم أنجزوا “فروضهم المنزلية” في منازلهم وقراهم وبلداتهم، ومن خلال مقاومة شعبية سلمية كما قال الرئيس نفسه، لا أكثر، وبعد ذلك، وبعده فقط، ستكتسب القرارات الأممية قيمتها ومعناها، وتكتسب قرارات “العدل الدولية” روحها ومضمونها، وربما تلوح نافذة الأمل ويطل شعاع الضوء للمرة الأولى، من نهاية النفق الطويل المظلم.

المصدر : الدستور

arabstoday

GMT 05:33 2021 الإثنين ,12 إبريل / نيسان

عن القدس والانتخابات

GMT 04:29 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 05:43 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و»حرب السفن»

GMT 18:43 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين يذهب الفلسطينيونعر أين يذهب الفلسطينيونعر



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة
 العرب اليوم - خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مورينيو ومويس مرشحان لتدريب إيفرتون في الدوري الانجليزي

GMT 14:39 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

وست هام يعلن تعيين جراهام بوتر مديراً فنياً موسمين ونصف

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تحتفل بألبومها وتحسم جدل لقب "صوت مصر"

GMT 14:38 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتى يحسم صفقة مدافع بالميراس البرازيلى

GMT 14:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جوزيف عون يصل إلى قصر بعبدا

GMT 20:44 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر يونايتد يعلن تجديد عقد أماد ديالو حتي 2030

GMT 14:32 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كييف تعلن إسقاط 46 من أصل 70 طائرة مسيرة روسية

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab