«الصدام الكبير» طبيعته وكلفه

«الصدام الكبير»... طبيعته وكلفه

«الصدام الكبير»... طبيعته وكلفه

 العرب اليوم -

«الصدام الكبير» طبيعته وكلفه

بقلم _ عريب الرنتاوي

يرفع الأردن من نبرة التحدي للخطوة الإسرائيلية المرجحة بضم الغور وشمالي الميت والمستوطنات، إنفاذاً لـ»صفقة القرن»، وهي الخطوة التي سبق لحكومة التناوب الإسرائيلية أن قررت لها موعداً «مبدئياً» في الأول من تموز القادم.

الملك سبق وأن حذّر من «تأثير» قرار من هذا النوع على مستقبل العلاقة الأردنية – الإسرائيلية، وهو وصف هذه العلاقات بأنها في أدنى مستوياتها منذ أعوام...اليوم، يحذر الملك من «صدام كبير» قد تشهده هذه العلاقة إن قررت إسرائيل المضي في قرار الضم.

هذا الموقف، سقط على رام الله كهدية في وقتها، عبّرت عنها عبارات الترحيب والتثمين التي صدرت عن المسؤولين الفلسطينيين الذين طالما حذروا من تداعيات «صفقة القرن» ليس على الفلسطينيين وحدهم، وإنما على الإقليم برمته، بدءاً بالأردن...ومن تتبع ردود الأفعال والتغطيات الإسرائيلية والدولية للتحذير الملكي غير المسبوق، يلحظ أنه بدأ يحدث مفاعليه لحظة النطق به، وهذا أمرٌ مهم.

على أن الأسئلة التي يستمطرها التحذير الأردني، إنما تتعلق بماهية الخيارات والبدائل التي تمتلكها الدبلوماسية الأردنية، وهي تقترب من لحظة «الصدام الكبير» مع الجانب الإسرائيلي...هنا تمضي التكهنات في اتجاهات شتى، بعضها «قائم بالفعل»، وتقوم به الدبلوماسي الأردنية بنشاط كثيف: اتصالات مع مختلف عواصم العالم لتطويق «الصفقة» وقطع الطريق على قرار «الضم»...لم يبق مسؤول واحد، في دولة مؤثرة واحدة، من دون أن يجري الاتصال به والتباحث معه في مخاطر الخطوة الإسرائيلية المحتملة وانعكاساتها.

على أن الأسئلة والتساؤلات لا تتوقف عند هذا الحد...هناك من يسأل عن مستقبل العلاقات الدبلوماسية بين عمان وتل أبيب، هل سيجري تخفيضها أو قطعها حال الإقدام على قرار أرعن من النوع الذي «بشّرت» به حكومة التناوب؟.... ما مصير الاتفاقات الثنائية (صفقة الغاز مثلاً)؟...ماذا عن التنسيق والتعاون الأمني والاستخباري بين الجانبين؟...وصولاً بالطبع إلى معاهدة وادي عربة، وما إذا كانت ستخضع للمراجعة أو التجميد أو الإلغاء، هنا تتركز الأسئلة وتتمحور التكهنات.

ثمة وجهة نظر، تتناول المسألة من زاوية «الحالة الاقتصادية والمالية» الصعبة للغاية التي يجد الأردن نفسه فيها، قبل «جائحة كورونا»، وبالأخص بعدها، واستمرار «اعتماديته» على المساعدات الخارجية، الأمريكية بخاصة، بدل «الاعتماد على الذات»، وهو الهدف الذي سيحتاج لسنوات عدة للوصول إليه...أصحاب وجهة النظر هذه، يقولون بمحدودية الخيارات ويفترضون «قلة البدائل» التي بحوزة صناع القرار في الدولة الأردنية.

لكن ثمة من يجادل، بأن التهديد الذي تستبطنه صفقة القرن، والتداعيات المترتبة على قرار «الضم» الإسرائيلي، أكبر من تقاس بالمساعدات الخارجية، مهما بلغت أهميتها وتعاظم أثرها، وأن الرد الأردني ينبغي أن يتجاوز ما هو تكتيكي-مرحلي، إلى ما هو استراتيجي، بحكم الطبيعة الاستراتيجية للتهديد، على أمن الأردن واستقراره وسلمه الأهلي وهويته الوطنية ونسيجه الاجتماعي.

أياً يكن من أمر، فإن الخيارات المتاحة أمام صناع القرار ليست من نوع «أبيض أو أسود»، التكيف مع الصفقة وقرار الضم، أو المواجهة الشاملة بويلها وثبورها وعظائم أمورها...بمقدور الأردن أن يفتح خياراته في التصدي لإسرائيل حد إلغاء المعاهدة، إن هي استمرت في إدارة ظهرها لحساباته ومصالحه وحساسياته، وليس بالضرورة أن ينتهي الأمر إلى «قطع وقطيعة» لا مع المجتمع الدولي، ولا مع مجتمع المانحين برمته، بل ولا حتى مع الولايات المتحدة ذاتها، فالأردن ما زال يحتفظ فيها بصداقات خارج «الإدارة والبيت الأبيض»، يرجح أن تكون كفيلة بامتصاص ردّات الفعل غير الموزونة، التي قد تصدر عن البيت الأبيض...فهذا هو طريقنا وهذا هو خيارنا للدفاع عن أمننا الوطني ومصالحنا العليا.

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الصدام الكبير» طبيعته وكلفه «الصدام الكبير» طبيعته وكلفه



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab