إسـرائيل تفتح النار على «الاتفاق الثلاثي»

إسـرائيل تفتح النار على «الاتفاق الثلاثي»

إسـرائيل تفتح النار على «الاتفاق الثلاثي»

 العرب اليوم -

إسـرائيل تفتح النار على «الاتفاق الثلاثي»

بقلم : عريب الرنتاوي

لم تكن إسرائيل بعيدة عن المفاوضات الثلاثية التي أفضت لاتفاق “تخفيف التصعيد” جنوب غرب سوريا، حتى وإن لم يكن لها مقعد خاص على المائدة ... الطرف الأمريكي كان شديد الحرص على أخذ مواقف تل أبيب ومصالحها بنظر الاعتبار في كل مرحلة من مراحل التفاوض، ولقد أخذ كلٌ من بيرت ماكغورك ومايكل براتني على عاتقيهما هذه المهمة.

ولقد بدا خلال الأيام التي أعقبت قمة العشرين والكشف عن الاتفاق، إن إسرائيل لا تغرد بعيداً عن السرب الثلاثي، حتى أن البعض نظر للاتفاق بوصفه أقرب لحفظ مصالح إسرائيل ومراعاة هواجسها ومخاوفها الأمنية، سيما تلك المتصلة بوجود قوى حليفة لإيران ومحسوبة عليها، من ميليشيات وحرس ثوري وعناصر لحزب الله.

لكن نتنياهو اختار العاصمة الفرنسية، ليطلق من هناك، أكثر المواقف وضوحاً في رفض الاتفاق باعتباره لا يعالج مخاوفها الأمنية، ويسمح لإيران بالاحتفاظ بنفوذ متزايد في سوريا، الأمر الذي عدّه خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه... بدا الأمر لافتاً حقاً، فلماذا اختيار العاصمة الفرنسية ولماذا هذا التحول التصعيدي في مواقف إسرائيل من الاتفاق الثلاثي؟

من حيث المبدأ، يمكن القول، إن إسرائيل لم تبد حماسة ظاهرة لمشاريع التسوية والتهدئة والحلول السياسية للأزمة السورية، من منطلق أن مصلحتها العليا في سوريا، تكمن في إطالة أمد الأزمة، فالأطراف المتطاحنة في سوريا وعليها، تنتمي في معظمها، إن لم نقل جميعها، لقوائم أعداء إسرائيل وخصومها ... والاتفاق الثلاثي كما جرى الحديث عنه وفي السياق الذي أدرج فيه، يحمل في طياته بوادر حل للقضية السورية بعد سنوات سبع عجاف على اندلاعها.

وفي القلب من مصالح إسرائيل في سوريا، منع إيران من الاحتفاظ بوجود مهمين، وتحديداً من خلال حزب الله، إذ وضعت إسرائيل هدف منع الحزب والحرس والميليشيات المقربة من طهران، في صدارة لائحة أهدافها العسكرية، وأعلنت للملأ مراراً وتكراراً، إن تمكين الحزب من الأسلحة الكاسرة للتوازن، هو خط أحمر لا يمكن التسامح فيه أو حياله ... ولهذا حرصت القيادة الإسرائيلية في مختلف مراحل الأزمة، على التأكيد بأنها لن تقبل بأي اتفاق أو ترتيبات، لا يراعي هذه المصالح من جهة، ويفرض قيوداً على “حرية حركة” جيشها وطيرانها الحربي أو يكبل يديها من جهة ثانية، وقد كان هذا الموقف، شديد الوضوح في كل ما أجرته من لقاءات وترتيبات وتفاهمات مع موسكو، ولقد كررته بعد الإعلان عن الاتفاق الثلاثي الأخير.

وإذ بدا أن من الصعب على إسرائيل أن تصطدم مباشرة مع دونالد ترامب، الرئيس الأكثر حميمية حيالها، ومع فلاديمير بوتين الرئيس الذي تطورت في عهده العلاقات الإسرائيلية – الروسية كما لم يحدث من قبل، فقد تكشف الآن، أن موقفها “الملتبس” من الاتفاق الثلاثي كان أقرب إلى الرفض منه إلى القبول، على الرغم من أن الاتفاق قضى بانسحاب المليشيات الصديقة لإيران إلى مسافة أمان كافية نسبياً، عن حدود سوريا مع الأردن وإسرائيل على حد سواء.

تصعيد الرفض الإسرائيلي للاتفاق الثلاثي، يخفي سياسة تقوم على الابتزاز، مثلما يستبطن حرص تل أبيب على ألا تبعث برسالة مفادها أنها تقبل بنفوذ إيراني في سوريا، خارج منطقة تخفيف التصعيد في جنوبيها الغربي، وكان واضحاً من تصريحات نتنياهو في باريس بعد لقائه الرئيس ماكرون، أن الرجل يريد أن يحجز لنفسه مقعداً في ترتيبات الحل النهائي للأزمة السورية، وأنه بهذا الموقف يضع مطلبه بطرد إيران وحلفائها من سوريا، في صدارة جدول أعمال المفاوضات والمقايضات الدولية في سوريا وعليها.

الاتفاق الثلاثي، جزئي جغرافياً ومؤقت زمانياً، ويلبي مخاوف إسرائيل من “الخطر الإيراني، بالحدود التي يسمح بها بحكم طبيعته ... هذا لا يكفي لإسرائيل على ما يبدو، فتل أبيب تريد إبقاء مطلبها بفصل سوريا عن إيران وحزب الله، في صدارة المطالب وعلى مائدة التفاوض في كل الظروف والأحوال.

أما لماذا باريس، فالحقيقة أن نتنياهو ليس فرحاً بالتحولات في السياسة الفرنسية حيال سوريا والتي جاءت في أعقاب مجيء إيمانويل ماكرون إلى سدة الإليزيه ... والمؤكد أن “يشتاق” لمواقف فرانسوا هولاند المتشددة في مفاوضات “النووي” مع إيران أو حيال الرئيس الأسد ونظامه ... لكأنه بهذه المواقف يضغط لقطع الطريق على التحولات في السياسة الفرنسية، وإثارة مخاوف باريس من إيران وحلفائها والأسد وحلفائه، انطلاقاً من موقف إسرائيل قديم جديد، يرى أن خطر النظام وحلفائه أشد فداحة على إسرائيل من خطر داعش والنصرة، وأن الأولوية هي لإلحاق الهزيمة بمحور طهران وهلالها و”حزامها”، أي “إرهاب الإسلام الشيعي”، وليس لمحاربة الإرهاب “الإسلامي السنّي”، وفقاً للتعبيرات المتداولة في إسرائيل.

وطالما أن الانقلاب السياسي على الاتفاق الثلاثي قد وقع وأعلن، فليس مستبعداً على الإطلاق أن تعمد إسرائيل إلى إحباطه ميدانياً، وعلى الأطراف الثلاثة المتعاقدة أن تراقب عن كثب تطورات المشهد الميداني في محافظتي القنيطرة ودرعا، فقد تلتقي مصالح إسرائيل مع مصالح النصرة وحلفائها المتضررين من الاتفاق الثلاثي، فنرى تصعيداً ميدانياً في قادمات الأيام، حيث من السهل إلقاء الاتهامات على النظام وحلفائه والقول بأنهم هم من خرقوا الاتفاق وأن ما يجري هو من باب رد الفعل وليس الفعل ... كما ليس مستبعداً أن تقدم إسرائيل عبر أذرعتها الاستخبارية الطويلة، من العبث من جديد بورقة “كيماوي سوريا”، طالما أنها الخط الأحمر الوحيد المتبقي لدى ترامب – ماكرون قبل اللجوء إلى استخدام القوة ضد النظام، وبما يخلط الأوراق ويقلب المائدة على رؤوس الجميع.

المصدر : صحيفة الدستور

arabstoday

GMT 05:33 2021 الإثنين ,12 إبريل / نيسان

عن القدس والانتخابات

GMT 04:29 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 05:43 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و»حرب السفن»

GMT 18:43 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسـرائيل تفتح النار على «الاتفاق الثلاثي» إسـرائيل تفتح النار على «الاتفاق الثلاثي»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab