الأهم ماذا قال، وليس لمن تحدث

الأهم ماذا قال، وليس لمن تحدث

الأهم ماذا قال، وليس لمن تحدث

 العرب اليوم -

الأهم ماذا قال، وليس لمن تحدث

بقلم - عريب الرنتاوي

انصب اهتمام المراقبين والمعلقين حول ما إذا كان يحيى السنوار على علم بهوية الصحفية التي أجرت معه مقابلته الأخيرة، أم لا ...منتقدو السنوار أخذوا عليه أن تحدث لصحيفة «يديعوت أحرونوت» بوصف ذلك عملاً «تطبيعياً» مرذولاً، ومؤيدوه لاذوا بالصمت المريب إلى أن تصاعد الدخان الأبيض من مدفئة مكتبه ... وهو حين تصدى لهؤلاء بالنفي والتوضيح، اكتفى بالقول إن الصحفية أنكرت هويتها، وأنه لم يكن يعلم بأنها «ستبيع» المقابلة للصحيفة الإسرائيلية ... أما عن مضمون ما جاء في المقابلة، فقد اكتفى السنوار بالقول أن بعض «التحوير» الذي أجرته المراسلة، كان بهدف إظهار أن المقابلة أجريت لصالح الصحيفة الإسرائيلية، أما بقية ما ورد على لسانه، وهو الأهم من وجهة نظري، فلم يتطرق له كثيرون، لا من مؤيدي السنوار ولا  من معارضيه، بل ولا من السنوار نفسه في بيان النفي والتوضيح.
لست آخذ على السنوار أنه تحدث لصحيفة إسرائيلية، بل وأحسب أنها نقطة تحسب له لا عليه، مع أنه يرفض ذلك تماماً، وكثيرون غيره ... السنوار قضى أكثر من عقدين في سجون الاحتلال، وأتيحت له الفرصة لتعلم العبرية والتعرف على أنماط التفكير الإسرائيلي، وهو حرص منذ تولي قيادة حماس في غزة، على إيلاء اهتمام أكبر بالإعلام الحمساوي الموجه للجمهور الإسرائيلي وبلغته.
ما يهمني أكثر، هو ما كشفت عنه أجوبة السنوار على أسئلة المراسلة الصحفية، من تطورات وتبدلات في لغة حماس ونبرتها وأولوياتها، وما وفرته من مادة تصلح للتعرف على الطريقة التي تفكر بها حماس اليوم، بعد أحد عشر عاماً من إمساكها بتلابيب السلطة، وما صاحبها من عقوبات وحصار جائرين ... هذا هو الجانب الأكثر أهمية في المقابلة، وليس مع من أجراها وأين وكيف وصلت إلى الصحيفة الإسرائيلية الأكثر انتشاراً.
بدا من المقابلة، أن الرجل «مستميت» للحصول على «تهدئة» مع إسرائيل، أية تهدئة وعبر أي وسيط، شريطة أن تكون مقابلها تفكيك أطواق الحصار عن القطاع، لا مطرح هنا للحديث عن المقاومة والتحرير والعودة التي اتخذت مسيرات حماس منها، عنواناً لها ... وكان لافتاً أن السنوار تحدث عن «زوال الاحتلال» وليس عن «إزالة الحصار»، تلكم نقطة مهمة وشفافة في تفكير الرجل، حيث اعتدنا أن نسمع من حماس، أن القطاع بات محرراً، خارج الاحتلال، وأن ما حصل في العام 2005 هو «تحرير» للقطاع، وليس انسحاباً أحادي الجانب، ومفخخاً، من قبل أريئيل شارون.
باسمه واسم كثير من الفصائل التي لم يسمها، تعهد السنوار بالهدوء المطلق مقابل التهدئة ورفع الحصار، شرح الاعتبارات الإنسانية الناجمة عن المعاناة، وبدا أن جُل، إن لم نقل، كُل، ما يشغل بال حماس ويحتل صدارة أولوياتها هو «رفع الحصار»، ودائماً بما لا يفقدها «سلطة الأمر الواقع» القائمة في القطاع.

 

هو لا يريد الحرب، هكذا قال، فهي ليست في مصلحة أحد ... وكلمة مقاومة لم ترد مرة واحدة على لسانه، أقله في النص الذي قرأته مترجماً من أكثر من مصدر، مع أنه قال إنه إن اعتدت إسرائيل على القطاع، فسيدافع عنه، ولن تحصل تل أبيب على مبتغاها.... السنوار، غادر مربع «التبجح» الذي طالما دارت في إطاره تصريحات قادة كثر من حماس، حين قال: «من يريد أن يحارب دولة نووية (إسرائيل) بأربعة مقاليع»، والنص والرقم من عنده وليست من عندي.
ذكرتني تصريحات السنوار، بانشغال خالد مشعل قبل عدة سنوات بما أسميته «رياضيات المقاومة والردع» حين قال إن معادلة الخسائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين وصلت إلى (2مقابل 1)، وأن وقتاً ليس بعيداً سيأتي حين يتعادل حدّي المعادلة هذه ... نحن هنا أمام لغة جديدة، ومنطق جديد... نحن هنا أمام نموذج حي، عن كيفية تطويع السلطة باحتياجاتها وحساباتها، للمقاومة بضروراتها ولغتها ومفرداتها.
ثقة السنوار بقدرته على «تحقيق تسوية مع إسرائيل» بدت أكبر من قدرته على إلحاق الهزيمة بها ... بدا متفائلاً بفرصة التوصل إلى اتفاق سلام غير مباشر مع إسرائيل، وحدد لذلك موعداً هو منتصف الشهر الجاري، أي بعد عشرة أيام (في الحقيقة لا أدري من أين جاء بهذه الثقة والتفاؤل)... بدا استعداده ا لاحترام أي اتفاق معها وحفظ توقيعه عليه، أكبر من رغبته في تطوير معادلات «الردع والرعب» و»التوازن المتبادل»، وفرض «قواعد اشتباك» جديدة ... ولولا أننا نعرف المتحدث ونعرف أين تمت المقابلة، لقلنا أنه أحد قادة فتح والسلطة والمنظمة هو من أدلى بهذه التصريحات، لصحيفة» لا ريببليكا» أو «يديعوت أحرونوت»، لا فرق.
وحتى حين حاول التلويح بورقة «تصعيد المقاومة» اختار مفردات مغايرة تماماً، غير تلك المتداولة في خطاب حماس ... قال إذا لم يكن هناك اتفاق (مع إسرائيل بعد عشرة أيام)، فإن حماس ستسبب الفوضى من خلال المظاهرات الحاشدة على الحدود بين غزة وإسرائيل»... استبدل المقاومة بالفوضى، وهو أمر يفسر بعض الجوانب غير المعلنة، أو بالأحرى، المسكوت عنه، في مظاهرات العودة الكبرى وما يجري على الخط الحدودي والشيك الدامي، ويشف عن الأهداف الحقيقية للحركة الكامنة وراء تسييرها.
تصريحات السنوار، تستحق التأمل والتدقيق فيما يدور داخل الحركة، والأهم فيما يعتمل في ذهن أحد أبرز قادتها، الذي قد تتفق معه أو تختلف، بيد أنه من الصعب على أي منصف وموضوعي، التشكيك في كفاحية الرجل والتزامه الوطني.

arabstoday

GMT 15:19 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

لماذا كل هذه الوحشية؟

GMT 15:17 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

عن حماس وإسرائيل ... عن غزة و"الهدنة"

GMT 15:21 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

لجان الكونغرس تدين دونالد ترامب

GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأهم ماذا قال، وليس لمن تحدث الأهم ماذا قال، وليس لمن تحدث



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab