حين يُنتهك «شرف» صندوق الاقتراع في تركيا

حين يُنتهك «شرف» صندوق الاقتراع في تركيا

حين يُنتهك «شرف» صندوق الاقتراع في تركيا

 العرب اليوم -

حين يُنتهك «شرف» صندوق الاقتراع في تركيا

بقلم - عريب الرنتاوي

ما زالت كلمات مستشار الرئيس التركي إرشاد هرمزلو (2012) تقفز إلى ذاكرتي: تركيا نجحت في «حفظ شرف» صندوق الاقتراع بالرغم من تعاقب الجنرالات والمدنيين على حكم البلاد ... كان ذلك في نيسان / أبريل عام 2012، عندما كنا من ضمن وفد ضمّ قرابة الأربعين شخصية قيادية عربية، معظمهم من الإسلاميين، في رحلة نظمها مركز القدس للدراسات السياسية تحت عنوان: «دورس من تركيا».
استعيد ذلك المقطع من تلك الحوارية في القصر الجمهوري في أنقرة، قبل أن ينتقل مقر رؤساء تركيا إلى «القصر الأبيض» الجديد، وأنا أتابع نبأ إعادة الانتخابات المحلية في إسطنبول، بعد سلسلة من الضغوط الضخمة التي بذلها الرئيس والحزب الحاكم، للتشكيك في صدقية الانتخابات والطعن في نتائجها والمطالبة بإعادة فرز جزئية للأصوات، قبل المطالبة بإعادة الانتخابات برمتها لاحقاً، حيث ثبتت اللجنة العليا للانتخاب النتائج لصالح أكرم إمام أوغلو، ومنحته «شهادة» رسمية بها، قبل أن تعود وتخضع للضغط السياسي وتقرر إعادة الانتخابات في الـ» 23 حزيران/ يونيو القادم.
جرت العادة أن تُتهم السلطات الحاكمة بممارسة التزوير في الانتخابات العامة، وأن تقوم المعارضة بتوجيه الاتهامات للحزب/ الأحزاب/ الزعيم/ الجنرال، بتزوير الانتخابات ... في تركيا جاء الأمر معكوساً تماماً: السلطة تتهم المعارضة بالتزوير، وتشتكي وتستأنف،  تطالب بإعادة فرز جزئي للأصوات، وعندما تتكرس هزيمتها، تلقي بكل ثقلها لإلغاء النتائج والدعوة لانتخابات جديدة، علها تحظى بفرصة ثانية للفوز، مع أن هذه السلطة، وزعيمها، هي من عيّن الهيئة المشرفة على الانتخابات، وهي ليست من موروثات العصور الغابرة ليجري اتهامها أو ابتزازها... الصورة في تركيا مقلوبة تماماً.
يبدو أن الحزب الحاكم، وبالأخص رئيسه، يرفض الهزيمة، وهو عبر عن ذلك مرتين: الأولى عندما دعا لانتخابات برلمانية مبكرة في تشرين الثاني 2015، بعد خمسة أشهر فقط من انتخابات لم تسعفه نتائجها بالحصول على أغلبية مطلقة، وتشكيل حكومة منفردة من دون شراكة مع أحزاب أخرى ... والثانية، اليوم، عندما ألقى بكامل ثقله للضغط على اللجنة العليا للانتخابات لإعادة دعوة سكان إسطنبول لجولة انتخابات ثانية، بذريعة أن الانتخابات التي سبقت شابها التزوير واعترتها الشبهات.
في العام 2015، وفي الفترة بين الانتخابين، جرى اللعب على الوتر الديني – القومي للناخبين الأتراك كما لم يحصل من قبل، واشتعلت جبهات القتال في جنوب شرق الأناضول ... وفي العام 2019، يجري اللعب على وتر «التهديدات الخارجية»، وتتكثف الاتهامات للتنظيم الموازي (فتح الله غولن) وتتهم المعارضة العلمانية بأقذع الاتهامات ... يبدو أن تركيا زمن العدالة والتنمية، تقترب من انتهاك شرف صندوق الاقتراع إن لم تكن قد انتهكته فعلاً ... يبدو أن اتهامات المعارضة للحزب الحاكم بـ»الخيانة» و»الديكتاتورية» لها ما يبررها.
وبدل أن تقود تركيا قاطرة المنظمات والحكومات الإسلامية إلى ضفاف الديمقراطية والانتخابات الحرة والنزيهة والتبادل السلمي للسلطة، كما كان مأمولاً ومنتظراً، يبدو أنها تعيد انتاج «السرديات الإسلاموية» في منطقتنا: حيثما يخسر الإسلاميون الانتخابات، فإنها حكماً مزوّرة، وحيثما يفوزون، فإن نتائجها تأتي تعبيراً صادقاً عن ضمير الأمة وعقلها الجمعي ...  أي هراء هذا؟!
كان من الأفضل لمستقبل تركيا ووحدتها الوطنية، وسلمها المجتمعي وانتقالها الديمقراطي، أن يقبل الحزب الحاكم بنتائج الانتخابات وأن يستعد لخوض غيرها، بدل أن يطعن المسار الديمقراطي في ظهره، ويبدد ثقة الأتراك في اختيارهم الديمقراطي، ويضعف ثقة المواطنين بصناديق الاقتراع والعملية السياسية الجارية في بلادهم ... الحزب الحاكم اختار الطريق الأسوأ لمستقبل تركيا.

 

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين يُنتهك «شرف» صندوق الاقتراع في تركيا حين يُنتهك «شرف» صندوق الاقتراع في تركيا



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab