ما بعد الإدانة والتنديد بإيران

ما بعد الإدانة والتنديد بإيران!

ما بعد الإدانة والتنديد بإيران!

 العرب اليوم -

ما بعد الإدانة والتنديد بإيران

بقلم _ عريب الرنتاوي

انتهت قمم مكة الثلاث بما كنّا نعرفه، حظيت إيران بأشد عبارات الإدانة والتنديد، بالذات في القمتين الخليجية والعربية، وحصلت دول عربية ثلاث: السعودية والإمارات والبحرين، على كل ما طلبته من خطابات الدعم والتضامن والاسناد ... انفض الجمع الكثيف في مكة المكرمة، لكن سؤال: ماذا بعد؟ ما زال يحوم فوق الرؤوس من دون إجابات قاطعة، فماذا بعد الإدانة والتنديد ... ماذا بعد الدعم والتضامن والاسناد؟
العرب الذين اجتمعوا بمكة المكرمة في العشر الأواخر من رمضان، لا يرغبون بشن الحرب على إيران، ولا يقدرون عليها ... معنى ذلك واحدٌ من أمرين، أو كلاهما معاً: (1) الاستمرار في حروب الوكالة ضد طهران ... (2) انتظار «الترياق» من واشنطن، بعد أن تعذر الحصول علي «ريق حلو» من العراق ... هذا ما تبقى لدينا من خيارات في مواجهة «الأخطار والتهديدات الإيرانية المُزعزِعة لاستقرار المنطقة»، وفقاً لما جاء في بيانات القمم ومداولاتها.

لكن مشكلة هذين الخيارين تبدو أكثر تعقيداً من أن يجيب عليها بيان قمة عادية أو طارئة ... فإن يكون قرار الحرب والسلام مع إيران في يد واشنطن، يعني الإبقاء على سيف الارتهان لواشنطن مسلطاً على رقابنا، سيما وأن في بيتها الأبيض، رجل أقرب ما يكون لـ»تاجر البندقية»، لا «هدايا عنده ولا وجبات مجانية»، وهو فوق هذا وذاك، لا يرغب في الحرب، ولا يريدها، وربما لا يقوى على دفع أثمانها، بالرغم من ارتفاع ضجيج طبول الحرب التي قرعها ومساعدوه بقوة غير مسبوقة في الأسابيع القليلة الفائتة.

أما خيار «حروب الوكالة»، فمشكلته أن هذه الحروب تدور في بيوتنا وغرف نومنا نحن العرب، وحدنا دون سوانا ... نحن حطب هذه الحروب ووقودها ... وأموال أجيالنا القادمة تنفق بمئات المليارات عليها ... ومجتمعاتنا تتعرض للتشويه والتمزيق، وأطفال دول الأزمات العربية المفتوحة، معروضون للمجاعة والتقزم وسوء التعذية والجهل والمرض، من دون أن تلوح في الأفق القريب أو البعيد، بوادر حلول سياسية وتفاوضية لهذه الأزمات ... صحيح أن إيران «تنزف» بدورها في ساحات حروب الوكالة، ولكن شتان بين نزيفها ونزيفنا، شتان بين جرح نازف في الكف أو القدم، وآخر يدمي القلب ويتدفق من شرايينه بغزارة ومن دون توقف.

الولايات المتحدة التي حظيت بدعم وتأييد القمم لاستراتيجيتها ضد إيران، لا تتطلع للحسم العسكري أو الحل السياسي، تكتفي بمراقبة المشهد عن بعد، وتلتزم بإدارة الأزمات لمنع خروجها عن السيطرة والتحكم، وليس بحلها ...وتوظف المخاوف المتبادلة والقلق العميق الراسخ على ضفتي الصراع، من أجل استدرار المزيد من الصفقات واستدراج المزيد من العقود الفلكية، والأهم من كل هذا وذاك، تطويع المنطقة للقبول بوجود إسرائيل ككيان طبيعي وحليف محتمل وشريك قائم في العداء لطهران وحلفائها.

مرة أخرى، ماذا نحن فاعلون؟
إن كنّا غير راغبين بالحرب ولا قادرين عليها، وإن كانت حروب الوكالة تستنزفنا بأكثر مما تستنزف طهران، وإن كانت واشنطن تجد مصلحتها في إبقاء الصراع مفتوحاً إلى آجال قادمة ... فلماذا نعجز عن إطلاق المبادرات التي تخرج المنطقة من لحظة التآكل الذاتي إلى فضاءات الأمن والتعاون؟ ... إن كنا غير قادرين على هزيمة طهران، وإن كانت الأخيرة غير قادرة على إلحاق الهزيمة بنا، فلماذا الاستمساك بـ»خيار شمشون» وسياسة «هدم المعبد»؟ ... ألم يحن الأوان للتفكير بمبادرة إقليمية من «الحجم الكبير»، كأن يتشكل فريق تفاوضي عربي من الدول ذات الصلة، لفتح حوار ثنائي مع إيران، على أمل توسيع مظلته في مرحلة لاحقة، لإدماج تركيا في هذا الحوار، وربما أثيوبيا كذلك، وصولاً لبناء منظومة إقليمية للأمن والتعاون، تحفظ قواعد حسن الجوار، وتعيد الاعتبار لمفهوم الدولة الوطنية والسيادة الوطنية، وتكفل مصالح هذه الأمم التاريخية المُؤسسة لإرث هذا الإقليم وتاريخه، والمسؤولة عن حاضره، والشريكة في صياغة مستقبله.

لا يمكن أن نُبقي الأوضاع في المنطقة على حالها، لا حرب ولا سلام، لا حسم ولا حل مبني على الاعتراف بالحقوق والمصالح المتبادلة ... لا يمكن لحالة النزف والاستنزاف أن تظل سيدة الموقف في هذا الإقليم ... إن لم نقو على الحرب، فلنجرب خيار السلام، حتى وإن كانت دونه عوائق وعقبات كأداء، حتى وإن كنّا مثقلين بالشكوك والهواجس من نوايا «دول الحور الإقليمي» للأمة العربية... إن نعجز عن إطلاق المبادرات الخلاقة، فلنتجاوب مع المبادرات المطروحة، بدءاً بمعاهدات عدم الاعتداء وحسن الجوار الإيرانية، التي رحبت بها موسكو وعواصم دولية، وأبدت الاستعداد للوساطة من أجل إنجاحها ... لا خيارات غير هذه، ولا نملك ترف الانتظار إلى ما لا نهاية له.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد الإدانة والتنديد بإيران ما بعد الإدانة والتنديد بإيران



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:23 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

عن قمة باريس للذكاء الاصطناعي

GMT 02:39 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

سماع دوي أصوات انفجارات في العاصمة كييف

GMT 17:11 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

وفاة الممثل والكاتب السورى هانى السعدى

GMT 13:02 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

مبابي يعود لقيادة منتخب فرنسا في مارس رسميًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab