سوريا وإسرائيل أية قواعد للاشتباك

سوريا وإسرائيل... أية قواعد للاشتباك؟

سوريا وإسرائيل... أية قواعد للاشتباك؟

 العرب اليوم -

سوريا وإسرائيل أية قواعد للاشتباك

بقلم - عريب الرنتاوي

تنجح إسرائيل – حتى الان على الأقل – في فرض قواعدها الخاصة للاشتباك مع سوريا وإيران ... لا يكاد يمضي أسبوع واحد، من دون أن تشن الطائرات الحربية الإسرائيلية هجمات صاروخية ضد إهداف سورية (إيرانية)، وغالباً في مواقع حساسة من مثل مطار دمشق الدولي ومحيطه، ملحقة خسائر مادية وبشرية في كل مرة... العدوانية الإسرائيلية تكشّر عن أنيابها، وبدل تسجيل هذه العمليات «ضد مجهول»، أصبحت إسرائيل تعلن مباشرة عن مسؤوليتها على هذه الضربات، في تحدٍّ لدمشق، وبالأخص لطهران، وفي تعبير عن الاستهانة والاستخفاف بموسكو من ورائهما.
منذ شباط/فبراير الفائت، حين أسقطت الدفاعات الجوية السورية طائرة حربية إسرائيلية، تحدثت دمشق وطهران وضاحية بيروت الجنوبية عن «تغيير في قواعد الاشتباك» ... وتعزز موقف هذه الفريق، بقرار موسكو نقل صواريخ «إس 300» لدمشق، وتوقف سلاح الجو الإسرائيلية عن انتهاك الأجواء السورية ... لكن الأمر لم يستمر طويلاً، إذ عاودت إسرائيل هجماتها في طول الأراضي السورية وعرضها، متفادية مناطق شمال – غرب البلاد، حيث تتمركز القواعد العسكرية الروسية.
الجديد في «قواعد الاشتباك» بين الجانبين، أن الدفاعات الجوية السورية، باتت أكثر قدرة على التصدي للصواريخ الإسرائيلية ... حتى الآن، تحاذر إسرائيل في اقتحام الأجواء السورية بطائراتها، وتكتفي بإطلاق الصواريخ من فوق الأجواء اللبنانية ... لكن وعلى الرغم من النجاحات التي تحققها الدفاعات السورية، والتي شاهدها الناس بعيونهم المجردة وعلى الهواء مباشرة ... إلا أن ما يصل من الصواريخ الإسرائيلية إلى أهدافه، كفيل بإحداث خسائر فادحة، فضلاً عما يستبطنه من «رسائل التفوق» المصحوبة بطوفان التهديدات الذي لا يتوقف بمطاردة إيران في سوريا حتى عودة آخر جندي إيراني إلى بلاده.
 العدوان الأخير في محيط مطار دمشق، جاء مختلفاً عن سابقاته ... كثافة الصواريخ واتساع دائرة الاستهداف، فضلاً عن إطلاق صاروخ أرض – أرض من سوريا ضد أهداف إسرائيلية ... تطورات تشي باقتراب الفريقين من «حافة الهاوية»، وعلى الرغم من أن أياً منهما لا يريد المقامرة بإشعال حرب شاملة، إلا أن احداً لن يكون بمقدوره وقف التدهور ومنع الانزلاق إلى قعرها.
دمشق تبذل ما بوسعها للحد من الخسائر واحتواء الهجمات، بيد أنها لا تتوفر على المضادات والدفاعات الكفيلة بمنع الاختراقات الإسرائيلية ... ولا يبدو أن لديها ضوءاً أخضر حتى لاستخدام الـ»إس 300»، وضرب الطائرات الإسرائيلية فوق الأجواء اللبنانية ... إيران لا تريد حرباً، ولا تتوفر على قوة في سورية كفيلة بتغيير قواعد الاشتباك، ما لم تقرر فتح الجبهة اللبنانية ضد إسرائيل، وهو قرار ستكون له تداعيات كبرى، لا يبدو أن إيران لها قبل عليها أو أنها راغبة في حصولها في هذا الظرف بالذات... وفي مطلق الأحوال، لا تستطيع العاصمتان الحليفتان الاكتفاء بتلقي الضربات الإسرائيلية من دون حراك، أو بردود أفعال متواضعة، كتلك التي دأبتا عليها خلال الأعوام الفائتة، فكلفة هذا الخيار عالية جداً كذلك.
أكثر الأطراف «حرجاً» في المشهد هي موسكو ... قرارها الاستراتيجي تفادي الاشتباك مع إسرائيل، فهي تعلم أن الاشتباك معها هو اشتباك مع الولايات المتحدة ... وموسكو بالأصل، لم تأت إلى سوريا لهذا الغرض، وقد أظهرت حذراً مفرطاً في تسليم سوريا أسلحة «كاسرة للتوازن» مع إسرائيل ... وليس مستبعداً أن يكون الكرملين راغباً في «توظيف» الضربات الإسرائيلية لإقناع إيران بتقليص وجودها في سوريا، ونقول تقليص وليس إنهاء، لأن الأزمة السورية ما زالت تنتظرها معارك كبرى في إدلب والأرياف المحيطة بها، وربما في أماكن أخرى، ومن دون إيران وحلفائها يصعب على حلفاء موسكو، خوض معارك برية كبرى في سوريا.
لكن الغطرسة والتمادي الإسرائيليين، يضعان موسكو في موقف حرج للغاية، سيما أن تواصلت وتوسعت ومسّت مواقع حساسة واستراتيجية كما في العملية الأخيرة ... مثل هذا السلوك الإسرائيلي يدق أسافين بين موسكو وكل من طهران ودمشق، ويضعف صدقية الكرملين، بل ويتهدد المنجزات الروسية في سوريا برمتها...  خيارات الكرملين المحرج بين حلفائه وأصدقائه، بمن فيهم إسرائيل، تبدو محدودة للغاية، فإن ظل واقفاً بلا حراك، فإن الأحداث والتطورات في سوريا قد تتجاوزه، وقد تقوض ما تحقق له من منجزات.
لا أدري كيف سيتصرف الكرملين، وما هي العروض التي يمكن أن يقدمها لإسرائيل وتقبل بها دمشق وطهران ... لا أدري ما هو شكل «التسوية» التي يمكن أن تشبع الغرور والغطرسة الإسرائيليين، وتحفظ لدمشق أمنها ولطهران ماء وجهها ... معادلة شديدة التعقيد، والمؤكد أنها لا تقل تعقيداً عن «معادلة الشمال السوري»، حيث تقف موسكو بدورها حائرة بين حلفائها السوريين والإيرانيين من جهة، وتركيا وحلفائها من جهة ثانية، والأكراد ومن خلفهم الأمريكيين من جهة ثالثة.

 

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا وإسرائيل أية قواعد للاشتباك سوريا وإسرائيل أية قواعد للاشتباك



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab