عن «غزوة أورلاندو»

عن «غزوة أورلاندو»

عن «غزوة أورلاندو»

 العرب اليوم -

عن «غزوة أورلاندو»

بقلم : عريب الرنتاوي

“ذئب متوحد” آخر، يضرب من جديد، موقعاً خمسين قتيلاً ومثلهم من الجرحى، وفي الولايات المتحدة هذه المرة، في عملية قتل جماعية، هي الأكبر من حيث عدد الضحايا في تاريخ الولايات المتحدة، وهي الثانية من حيث حجم الخسائر البشرية المترتبة عليها من أحداث الحادي عشر من أيلول ديسمبر 2001.

ثمة مناخات من الغموض ما زالت تحيط بعملية أورلاندو، وقد نحتاج لمزيد من الوقت للمعرفة مختلف ملابساتها والأجواء المحيطة بها ... منفذ العملية شاب “متعاطف” مع داعش، عن بعد على ما يبدو، وهو رجل “عنيف” بطبعه، بشهادة زوجته الأولى، معروف لدى أجهزة الأمنية بـ “تطرفه” ويخضع لمراقبتها، من دون أن يمنعه سجله “الأمني” من شراء قطعتي سلاح آلي، أو العمل كرجل أمن “خاص”، هنا سيقال الكثير عن “التقصير” و”التواطؤ”، ومن هنا ستنبعث “نظرية المؤامرة” من جديد.

الأمريكي، ذو الأصول الأفغانية، يكره المثليين جنسياً، ولهذا اختار بدقة، إذ استهدف ملهى ليلياً لهم، ومعظم ضحاياه كانوا من هذه الفئة على وجه الخصوص ... مؤسف أن أمراً كهذا لقي صدى طيباً عند بعض الكارهين للمثلية الجنسية، وفي أقل تقدير، لقي بعض التفهم لدوافع القاتل ... هذا المزيج المنسجم من “المرجعية السلفية الجهادية” إلى “نبذ المثلية” ولّد حافزاً جباراً دفع بالقاتل إلى فتح نيران رشاشه في كل اتجاه، حاصداً حيوات العشرات من الأمريكيين.

أياً يكن من أمر، هذه ليست المرة التي يضرب فيها الإرهاب المحلي Homegrown terrorism””، في الولايات المتحدة، قبلها بستة أشهر، نفذ زوجان باكستانيان عملاً مماثلاُ في كاليفورنيا... لكن “النشأة المحلية” للتهديد الإرهابي، لا تعني بحال، أنه ليس مستلهماً من مصدر واحد، بعيد آلاف الكيلومترات ... داعش التي أعلنت مسؤوليتها على الفعلة النكراء، تتحول إلى “Software”، ما أن تجد بيئة فردية أو جماعية بالمواصفات الضرورية، حتى تبدأ بالعمل بأعلى كفاءة ممكنة، تاركة خلفها الأشلاء والخرائب.

قلنا من قبل، وقال غيرنا كذلك، إن “داعش” تزداد خطورة كلما اقتربت من خط نهايتها في العراق وسوريا، وخطورة داعش لن تقتصر على البلدين المذكورين، فهي تبحث عن أهداف رخوة وعمليات استعراضية في شتى أنحاء العالم، وتحديداً في دول الغرب الكبرى، فذلك متطلب ضروري لغايات رفع الروح المعنوية لرجالات وأنصارها من جهة، ومن أجل البرهنة لخصومها من جهة ثانية، على أنها ما زالت “باقية وتتمدد” وإن بأشكال مختلفة.

كيف سينعكس اعتداء أورلاندو الإرهابي على سياسة واشنطن حيال سوريا والعراق والحرب على “داعش”؟ ... وهل من أثر ستتركه على المعركة الانتخابية المحتدمة بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب؟

من السابق لأوانه، التكهن بإجابات دقيقة على السؤالين كلاهما، لكن المؤكد أن الولايات المتحدة التي سيصعب عليها “البحث عن عدو” في الداخل، فهو غير مرئي، ولا قواعد أو معسكرات له، ستصعد حربها ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وربما تتوسع دائرة حملاتها العسكرية لتشمل منظمات إرهابية أخرى في سوريا والعراق واليمن وليبيا، وصولاً إلى أفغانستان، ونقول ربما، لأننا لم نصل بعد إلى يقين، بأن الولايات المتحدة، جادة فعلاً في محاربة الإرهاب، بكل تسمياته، وأنها لا تسعى لـ “توظيف” بعض ألوانه، في حسابات السياسة السورية أو العراقية، شديدة التعقيد، مثلما يجري مع جبهة النصرة وحلفائها الذين ليسوا أقل تطرفاً منها.

ومن المؤكد أن دعوات المرشح الجمهوري المناهضة للمسلمين عموماً، سوف تجد “رواجاً” أكبر وأسرع، بعد العملية الإرهابية، وقد تحسن التغطية الإعلامية الكثيفة والصادمة، من فرص أكثر مرشحي الرئاسة الأمريكية إشكالية، في السباق الرئاسي، لكن الوقت ما زال مبكراً لمعرفة التحولات المحتملة في اتجاهات الرأي العام الأمريكي.

مثل هذه العمليات الدامية، التي تأخذنا على حين غرة، ومن حيث لا نحتسب، مرشحة للاستمرار والتصاعد، فالحرب الكونية على الإرهاب، ربما تكون قد عطّلت قدرات “داعش” على تنظيم هجمات منسقة، من عناصر منتظمة في صفوفه، أو من خلايا وأفراد مرتبطين مباشرة به، وتلقوا التدريبات في معسكراته وعلى خطوط قتاله الممتدة مئات الكيلومترات، لكن “الصنف الثالث” من الإرهابيين المتأثرين عن بعد بالتنظيم الأكثر دموية، والمعروفين باسم “الذئاب المتوحدة”، سيشكلون التهديد الأبرز للأمن والاستقرار في المرحلة المقبلة، سيما وأن كثيرين منهم، ليست لدى أجهزة الأمن والمخابرات معلومات كافية عنهم.

والمؤسف حقاً، إننا نمر بلحظة سياسية، إقليمية ودولية، قد يسهم فيها عمل إجرامي واحد، أحمق وطائش، في التأثير على حياة ملايين المسلمين والعرب حول العالم، بل وقد يفضي إلى تغيير سياسات دول وتبديل أولوياتها.

 

arabstoday

GMT 05:33 2021 الإثنين ,12 إبريل / نيسان

عن القدس والانتخابات

GMT 04:29 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 05:43 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و»حرب السفن»

GMT 18:43 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «غزوة أورلاندو» عن «غزوة أورلاندو»



أيقونة الموضة سميرة سعيد تتحدى الزمن بأسلوب شبابي معاصر

الرباط ـ العرب اليوم

GMT 06:40 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 العرب اليوم - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 06:57 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل
 العرب اليوم - أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 11:03 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

فئرانُ مذعورة!

GMT 14:28 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

الجيش السوداني يتقدم في عدة محاور قرب ود مدني

GMT 13:22 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تسييس الجوع والغذاء

GMT 16:45 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

مايكروستراتيجي تواصل زيادة حيازاتها من البيتكوين

GMT 16:25 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

غارات جوية تستهدف موانئ نفطية ومحطات طاقة في اليمن

GMT 04:09 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

22 شهيدا في غزة وانصهار الجثث جراء كمية المتفجرات

GMT 14:46 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

نونو سانتو أفضل مدرب فى شهر ديسمبر بالدوري الإنجليزي

GMT 04:06 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مقتل 6 أشخاص وإصابة اثنين بغارة إسرائيلية جنوب لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab