دور الملكية الدستورية في تعميق الديمقراطية

دور الملكية الدستورية في تعميق الديمقراطية"

دور الملكية الدستورية في تعميق الديمقراطية"

 العرب اليوم -

دور الملكية الدستورية في تعميق الديمقراطية

عريب الرنتاوي

الحلقة الحادية عشرة في سلسلة الحوارات التي يجريها منتدى الفكر العربي للأوراق الملكية النقاشية، جاءت تحت عنوان ""دور الملكية الدستورية في تعميق الديمقراطية"، وقد شارك فيها حشد من السياسيين والكتاب والمفكرين الأردنيين، حيث ذهبت الآراء حول هذا الموضوع في اتجاهات شتى ... بعضهم كاد يختزل الملكية الدستورية بمعادلة "ملك + دستور"، بصرف النظر عن فحوى هذا الدستور ومضمونه، بعضهم الآخر، ارتأى "القفز" إلى معادلة "يملك ولا يحكم" والمعظم آثر الحديث عن تجارب كونية وتاريخية، ربما تفادياً للدخول في لبّ الموضوع، وبين هذه الحدود الثلاثة، دارت معظم النقاشات. الملكية الدستورية، بصرف النظر عن التطور التاريخي للمصطلح والمفهوم، باتت تعني في الأدبيات السياسية المعاصرة، معنى واحداً (يملك ولا يحكم، حكم وليس حاكماً) ... وعندما يجري تداول هذا المفهوم في السياق الأردني، يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار، أن المصطلح يؤول إلى المعنى المذكور، وعلينا أن نتصرف على هذا الأساس، فهل هذا ما نريده، كيف ومتى وفي أية شروط وظروف؟ عنوان الحلقة الحوارية، بدا كمن يقترح وضع "العربة أمام الحصان"، فالملكية الدستورية تاريخياً جاءت في سياق لاحق للتطور الديمقراطي في الغرب وتتويجاً له، وهي بلا شك، أسهمت في تعميق ودفع مسارات التحوّل الديمقراطي في الدول التي نشأت في أكنافها، هنا يمكننا الحديث عن "علاقة جدلية" بين المسألتين... أما في السياق الأردني المُعيّن، فإن التحوّل إلى الملكية الدستورية، بحاجة إلى "متطلبات مسبقة"، فيأتي الانتقال إليها بمثابة التتويج لمسار كامل من التحولات، وليس "قفزة في الفراغ أو المجهول". أولى متطلبات التحول للملكية الدستورية، بناء توافق وطني عريض وعميق وصلب، حول القواعد الـ "فوق دستورية"، العابرة للحكومات والأقليات والأغلبيات الانتخابية ... قواعدَ مُؤسسة للنظام السياسي الجديد، ومنظومة صلبة للحقوق والواجبات، حقوق الأفراد والجماعات وواجباتهم ... وأن يجري اختبار هذه القواعد و"التوافقات" في دورتين أو ثلاث دورات برلمانية، تنبثق عنها حكومات برلمانية تتعاقب على إدارة شؤون البلاد والعباد. إن الدرس الأهم الذي يمكن استخلاصه من ثورات الربيع العربي، إنما يعزز هذه الفرضية ويدعّمها ... فلا يمكن الركون لأحزاب وتيارات، ليست ديمقراطية في بنيانها الداخلي، لتقود مسيرة التحوّل والانتقال إلى الديمقراطية، وهذه ميزة لا تختص بها الأحزاب والحركات الإسلامية وحدها دون سواها، بل تشترك فيها جميع الأحزاب السياسية العربية من قومية ويسارية وليبرالية، وثمة الكثير مما يمكن أن يقال في هذا المجال. والديمقراطية ليست صناديق اقتراع، تتيح نتائجها للحزب أو الائتلاف الفائز، بتغيير قواعد اللعبة، وفرض أيديولوجيته الخاصة وطابعه الخاص على الجميع، وتسخير مؤسسات الدولة من مدنية وأمنية وعسكرية وقضائية، لصالح تنفيذ أجنداته الخاصة واستراتيجياته الحزبية القائمة على "اختطاف الدولة" و"تحزيب" مؤسساتها، فالديمقراطية أولاً وقبل أي شيء آخر، هي حفظ حقوق الأفراد والأقليات السياسية والمذهبية والاجتماعية المختلفة، فلا هيمنة أو إقصاء أو استئصال. وفي مراحل الانتقال للديمقراطية، لا بد من "حارس" و"قيّم" على مسار التحول وإنفاذ التوافقات الوطنية وحفظ التوازن بين جميع المكونات، وضمان الانضباط للقواعد الدستورية والـ "فوق دستورية"، وإلا نكون كمن ذهب بإرادته الحرة والطوعية، للمجهول. وهذا "الحارس/ القيّم/ الرمز" لا بد في مرحلة الانتقال أن يكون مسلحاً بعناصر القوة والاقتدار التي تمكنه من ضبط قواعد اللعبة وفرض الاحتكام إليها والاطمئنان إلى مسار التحوّلات، لذلك من "الخطل" التفكير بوضع قرار الحرب والسلام، أو تسخير مقدرات الدولة الأمنية والعسكرية تحديداً في إيدي حكومات حزبية لم تُختبر بعد، ولا نعرف في إي اتجاه ستقود البلاد وتسوس العباد ... وهذا يقودنا إلى اقتراح فكرة "التدرج" في الانتقال إلى الديمقراطية، وإعادة تموضع الحصان أمام العربة ... لكنه التدرج الذي لا يعني أجندة مفتوحة على الزمن المديد والمفتوح، بل جدول زمني يقدر بثلاث دورات برلمانية، وفق قوانين ناظمة جديدة للأحزاب والانتخابات، وهي ذاتها الفترة التي ستكون كافية لتخريج جديد من الأردنيين، مشبّع بالثقافة والتربية المدنيتين التي يتعين علينا أن نشرع في تعميمها على مدارسنا وجامعاتنا التي تواجه ما تواجه من عنف واستقطابات وهويات فرعية. في دول عربية "فُرّغت" من الحياة الحزبية والمدنية وعاشت لسنوات وعقود طويلة، في ظل الركون والاستنقاع، تحوّلت الجيوش إلى أدوات لحفظ الدولة والمجتمع والوحدة الوطنية في بعض الأحيان، وهذه لا يمكن تركها للتجاذبات الحزبية، ولا السماح بتحويل اقتدارها الهائل، إلى قنوات لتمرير أجندات قد تضيق جداً ولكنها لا تتسع كثيراً، أقله في المدى المرئي المنظور. قبل أن نفكر بالملكية الدستورية، علينا أن نتوافق حول قواعد اللعبة والمبادئ الحاكمة لها ومنظومات حقوق الانسان والمواطنة، علينا أن نعزز استقلالية القضاء وكفاءته، وأن نسمح بتطور المجتمع المدني من دون قيود أو اختراقات، علينا أن نمكن الإعلام والصحافة المستقلين، وأن نعزز دور النساء ومنظماتهن وحركاتهم السياسية، وهذه ليست أجندة عصية على التحقيق، ولا تحتاج لعشرات السنين لكي يجري نقلها إلى حيّز التنفيذ، بل إلى إرادة سياسية صلبة وغير مترددة، وبرامج عمل دؤوبة وتوافقات وطنية عريضة وعميقة، وربما ثلاث دورات انتخابية، لا أكثر ولا أقل، فهل يمكن الشروع في إنجاز "ورشة بناء التوافقات"، ومن هي الجهة التي ستقوم بها وتشرف عليها وتلتزم بنتائجها؟ أسئلة سنعود إليها في قادمات الأيام.

arabstoday

GMT 08:37 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 08:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 08:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 09:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 09:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دور الملكية الدستورية في تعميق الديمقراطية دور الملكية الدستورية في تعميق الديمقراطية



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
 العرب اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 06:36 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
 العرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 العرب اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 20:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 02:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

النيران تلتهم خيام النازحين في المواصي بقطاع غزة

GMT 17:23 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنتر ميلان الإيطالي يناقش تمديد عقد سيموني إنزاجي

GMT 16:59 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يتوعد الحوثيين بالتحرّك ضدهم بقوة وتصميم

GMT 17:11 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة الجزائري يوقف حكمين بشكل فوري بسبب خطأ جسيم

GMT 02:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل

GMT 06:45 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

انفجار قوي يضرب قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية

GMT 17:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

.. قتلى في اصطدام مروحية بمبنى مستشفى في تركيا

GMT 11:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab