حماس ودحلان وبينهما أحمد يوسف

حماس ودحلان وبينهما أحمد يوسف

حماس ودحلان وبينهما أحمد يوسف

 العرب اليوم -

حماس ودحلان وبينهما أحمد يوسف

بقلم :عريب الرنتاوي

القيادي الحمساوي، “المفرط في اعتداله”، أحمد يوسف، أبلغ الزميلة ناديا سعد الدين من صحيفة “الغد” أمس، بأن حركته بحثت في القاهرة مؤخراً، مع وفد “التيار الإصلاحي الفتحاوي”، تيار القيادي المفصول من حركة “فتح”، النائب محمد دحلان، تشكيل “ إدارة مشتركة لقطاع غزة، بمشاركة وطنية واسعة، بحيث تضم كلا من حماس وتيار دحلان، ومن يرغب من القوى والفصائل الوطنية والإسلامية”.

يوسف في معبر تسويقه وتسويغه للقاء و”الاتفاق”، استند إلى أمرين اثنين: الأول؛ “استمرار حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية بتجاهل مسؤولية القطاع” وتهربها المستمر من تحمل مسؤوليته، تحت ذريعة “التمكين”، المقصود تمكين الحكومة.. والثاني؛ أن “التيار الفتحاوي الإصلاحي” تيار وطني وله حضور قوي في القطاع، وأبدى الاستعداد التام لتحمل المسؤولية، في ظل ما قدمه فعلياً لغزة، وأن “دحلان جزء من معادلة الحل ومن التركيبة الوطنية، كما أن التيار شريك حقيقي في تنسيق العلاقة مع مصر لضبط الأمن عند الحدود وفي القطاع”، والكلام دائماً ليوسف وبمفرداته.

وقبل أن يختم مطالعته الغريبة تلك، لفت المسؤول الحمساوي المعروف بمواقفه الإشكالية، إلى أهمية “حضور وفد مصري للإشراف بنفسه على مسار الأوضاع في غزة والرصد عن قرب للجهة التي تضع العراقيل أمام إنهاء الانقسام الفلسطيني”، الممتد منذ العام 2007.

القراءة المتفحصة لتصريحات يوسف، تشف عن أمرين اثنين: أولهما، أن الحركة تعود مجدداً لتكتيك “اللعب بورقة دحلان” في مواجهة فتح والسلطة والرئيس عباس، علّه يجدي هذه المرة، بعد أن أخفق في مرات سابقة، في ابتزاز السلطة وفتح ودفعهما للهبوط عن شجرة مواقفهما “المتصلبة” ... أما ثانيهما؛ فترك الباب مفتوحاً أمام شتى الخيارات والبدائل (والعبارة ليوسف أيضاً) ومن بينها الذهاب حتى النهاية في مشوار الشراكة مع دحلان، بما يمثل، فمأزق حماس في غزة، ومأزق غزة مع حماس، بات من النوع العصي على الاحتمال، القابل للانفجار والانهيار تماماً، وهنا يمكن للغاية أن تبرر أي وسيلة، وغاية حماس استمرار الإمساك بقبضة السلطة في غزة، حتى وإن تدثرت بـ “طربوش” السلطة في رام الله، أما الوسائل، فيمكن أن تتضمن “تلزيم” ملف غزة لمصر، وفتح الباب للدحلان، مع كل ما يقتضيه ذلك من ارتباطات إقليمية، وربما نقل البندقية من كتف إلى كتف.

تصريحات يوسف، تكفي للدلالة على المصائر الصعبة والكارثية التي آل إليها حكم حماس لغزة، وهي بهذا المعنى، لا تقل سوءاً (إن لم تكن أكثر سوءاً) من مآلات السلطة والحركة الوطنية الفلسطينية تحت الاحتلال المباشر في رام الله والضفة الغربية ... متطلبات إدامة السلطة من خدمات وموظفين ورواتب وفواتير، تصبح أكثر أهمية وأولوية من “الرؤية” و”الرسالة” و”الأهداف”، وأكثر إلحاحية من ثوابت البرنامج الوطني الفلسطيني، وإلا كيف يمكن نفسر “تهافت” يوسف على الرعاية الأمنية المصرية للمصالحة و”الشراكة” مع دحلان، ومن دون أن يكلف نفسه عناء الإجابة عن سؤال: وكيف سيؤثر ذلك كله على “مشروع المقاومة” وبرنامجها وتحالفات الحركة الإقليمية القائمة أو تلك التي يجري العمل على ترميمها بنشاط في الآونة الأخيرة؟
أمس، كان مشعل، رئيس مكتب حماس السياسي السابق، يدعو حركته لدعم عباس والوقوف إلى جانبه، بوصفه صاحب “القول الفصل” في التصدي لترامب ومشروعه و”صفقة القرن”... اليوم، يأتينا من حماس، قيادي آخر، حالي لا سابق، يدعو حركته لبناء شراكة مع الدحلان، ضارباً عرض الحائط بكل ما قاله مشعل.

ليس هذا التناقض الفج، بين ما قاله مشعل وما نطق به يوسف، هو التناقض الوحيد الذي يميز مواقف حماس ويطبعها اليوم بطابعه ... فكافة المؤشرات، وبالتحديد منذ قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، كانت تدعو للاعتقاد بأن حماس ماضية في ترميم علاقاتها مع “محور المقاومة والممانعة”، الرجل الثاني في حماس، صالح العاروري، قام بزيارة ناجحة لطهران، وعقد لقاءً نادراً مع السيد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية، وسط أنباء عن تقارب غير مسبوق، وعن تفاهمات تتخطى اللحظة الراهنة إلى “التفاهم الاستراتيجي”.

وبعد إسقاط الدفاعات السورية لطائرة الإف 16 الإسرائيلية، بادرت حماس إلى تهنئة دمشق والشد على يدها، وتنادى عدد من القادة الميدانيين للكتائب في غزة، للتشديد على أهمية هذه الخطوة، وأدرجوها في سياق المقاومة والممانعة، وأخذ الحديث يسري عن محاولات لإعادة المياه إلى مجاريها بين الحركة والقيادة السورية ... وثمة من المراقبين، من كان ينتظر المزيد من هذه الخطوات، قبل أن يخرج علينا أحمد يوسف، بتصريحات، يقترح فيها طريقاً آخر أمام للحركة:  عرض الشراكة مع الدحلان 

حماس تتخبط، تماماً مثلما يخبط الغريق بيديه وقدميه الماء على أمل النجاة من موت محقق ... حماس تختنق بغزة، وهي تسعى جاهدة إلى رفع رأسها عالياً والوقوف على رؤوس أصابعها، علّها تحظى بقليل من الأكسجين الذي يبقيها على قيد الحياة .... ربما يظن البعض اننا أمام لعبة “تقاسم أدوار”، وفي ظني أن هذا غير صحيح ... وربما ظن البعض، أنها لعبة “الشطّار” الذين يستطيعون الرقص على حبال المحاور والمعسكرات المتقابلة بتوازن وثبات، وهذا خيار محفوف بخطر السقوط الحر ومن ارتفاعات شاهقة، ومن دون مظلة أو شبكة أمان ... تستطيع حماس أن تحتفظ بعلاقات طبيعية أو “هدنات” مؤقتة مع بعض هذه المحاور، مقابل إقامة علاقات وطيده مع بعضها الآخر، ولكنها لن تستطيع أن تقيم علاقات وثيقة وعميقة، متزامنة وفي الوقت ذاته، مع كل العواصم والمحاور المتناحرة في مختلف ساحات الأزمات المفتوحة في الإقليم، هذه المهمة كانت صعبة دوماً، وهي اليوم مستحيلة في ظل تفاقم حدة الاستقطابات بين دول الإقليم ومحاوره ... حبال الرقص قصيرة ومشدودة، والسحر قد ينقلب على الساحر، وبأسرع مما يظن “الشطّار” أو يقدرون.

فتح تدرك ذلك تمام الإدراك، ولكنها من موقع “فئوي” لا تريد أن تمد الحبل لحركة حماس، مع أن موقع فتح “الوطني”، كرائدة للحركة الوطنية الفلسطينية وقائدة لنضالات شعب فلسطين طوال أزيد من خمسة عقود، يملي عليها أن تتصرف وطنياً، وبكل ما تمليه المسؤولية الوطنية، فحماس قد تفضل رفع الرايات البيض لعواصم ومحاور عربية، ولـ “أحصنة طروادتها” الجاهزة “غب الطلب”، وعندها، لن ينفع فتح أنها بدت على صواب وحماس على خطأ ... عندها سيقال لفتح والسلطة والرئاسة، وحماس كذلك: “في الصيف ضيّعت اللبن”.

المصدر : جريدة الدستور

 

arabstoday

GMT 01:51 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 01:47 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 01:43 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 01:41 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 01:31 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 01:27 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 01:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماس ودحلان وبينهما أحمد يوسف حماس ودحلان وبينهما أحمد يوسف



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - الأسد يؤكد قدرة سوريا على دحر الإرهابيين رغم شدة الهجمات

GMT 17:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يحاول استعادة بلدات في حماة
 العرب اليوم - الجيش السوري يحاول استعادة بلدات في حماة

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
 العرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
 العرب اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يحدث فى حلب؟

GMT 01:36 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عودة ظاهرة الأوفر برايس إلى سوق السيارات المصري

GMT 12:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت

GMT 02:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السفارة الروسية في دمشق تصدر بيانًا هامًا

GMT 00:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر أفضل ممثلة في "ملتقى الإبداع العربي"

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab