مبادرة جون كيري «الشاملة»

مبادرة جون كيري «الشاملة»

مبادرة جون كيري «الشاملة»

 العرب اليوم -

مبادرة جون كيري «الشاملة»

بقلم : عريب الرنتاوي

المقاربة الأمريكية “الشاملة” لحل الازمة اليمنية، تنطوي على جديد يتعين فحصه ومراقبته، بخلاف ما تقوله بعض الأطراف المتنازعة ... رغم أنها تجاهلت بعض أهم قضايا الخلاف بين الأفرقاء (مستقبل الرئيس والرئاسة)، وتعمدت الإبهام والغموض فيما خص بنود أخرى من مثل: هوية الطرف الثالث الذي سيتولى جمع السلاح الثقيل من الحوثيين وبقية المليشيات اليمنية.

ونقول إن المبادرة تنطوي على “جديد”، لأنها تجاوزت بدايةً القرار الدولي رقم 2216، برغم النص عليه كمرجعية من مرجعيات الحل السياسي للأزمة اليمنية ... فالقرار الذي صيغ بلغة “الإملاءات” التي يفرضها المنتصر على المهزوم عادة، كان بمثابة “صك إذعان” لفريق الحوثي – صالح، حيث طلب إليه تسليم سلاحه والانسحاب من المدون وتسليم المؤسسات للرئاسة “الشرعية” التي كان يفترض أن تستأنف مهامها من صنعاء بعد أسابيع قليلة من بدء “عاصفة الحزم”، من دون أي وعد جدي بالحصول على أي شيء في المقابل.

اليوم، يعطي جون كيري ترتيباً جديداً للأولويات ومراحل الحل السياسي، مقترباً من وجهة نظر الحوثي – صالح، فتبدأ العملية السياسية بتشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة، يشارك فيها الجميع، وتتمثل فيها مختلف القوى (هذا مطلب حوثي – صالحي في مشاورات الكويت) ... مثل هذه المقاربة، لم تظهر في القرار المذكور ولا في مشاورات الكويت التي أعطت الأولوية للمسار الأمني على المسار السياسي، ما أفضى لفشل المسارين معاً.

تجاهل كيري مستقبل الرئاسة والرئيس “الشرعي” عبد ربه منصور هادي، مكتفياً بالحديث عن حكومة الوحدة الموسعة، وهذه قضية ستنفجر مجدداً على مائدة المفاوضات، ففريق صنعاء لا يقبل بعودة هادي أو أداء اليمين بين يديه، وإن قبل، فلمرحلة قصيرة انتقالية قصيرة للغاية، وبصلاحيات محدودة، وفي المقابل ثمة “مجلس سياسي” يدير المحافظات الشمالية للبلاد، وهو من وجهة نظر هذا الفريق، “شرعي” تماماً ... المرحلة القادمة من المشاورات ستصطدم بهذه العقبة، ومصيرها سيتوقف على الكيفية التي ستحل بها.

من سيتولى ملء فراغ الحوثي – صالح في حال الاتفاق على الانسحاب من المدن، ومن هو “الجيش الوطني الشرعي” الذي سيتسلم مقاليد أمن الداخل والحدود، هل هو الجيش الذي بُني في السعودية تحت قيادة هادي وبعد ضم الألوف من رجال المليشيات إليه، أم هو ما تبقى من الجيش اليمني القديم، أو من بقي منهم على ولائه للرئيس السابق علي عبد الله صالح؟ ... هل سنكون أمام محاولة لإعادة هيكلة الجيشين وتوحيدهما في جيش وطني – مهني واحد، من سيفعل ذلك، وكم من الوقت ستحتاج مثل هذه العملية، ومن يضمن نجاحها في بلد منقسم ومستقطب إلى هذا الحد؟

ثم، من هو الطرف الثالث، الذي سيتولى استلام الأسلحة الثقيلة التي بحوزة الحوثيين، وهل سيقتصر الأمر على سلاح الحوثي، ماذا عن أسلحة المليشيات التي تحارب تحت راية “الشرعية”، بما فيها مليشيات الإخوان (الإصلاح) والسلفية وغيرها ... هل يشمل ذلك مسلحي الحراك الجنوبي بفصائله المختلفة، وماذا عن “قوات صالح” التي هي بالأساس وحدات من الجيش اليمني النظامي ... هذه قنبلة موقوتة أخرى ستنفجر في وجوه المتفاوضين “المتشاورين” اليمنيين في أية عاصمة اجتمعوا ... ومن دون الاتفاق على الطرف الثالث، الذي يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، وتحديد القوى والمليشيات المستهدفة بتسليمه أسلحتها، ونوعية الأسلحة التي سيصار إلى جمعها، سنكون أمام مأزق للحل السياسي.

بعيداً عن “الفجوات” و”الأفخاخ” التي ما زالت مبثوثة في مقاربة كيري الشاملة الجديدة، يمكن القول، إن حصاد الاجتماعات التي جرت في جدة والأفكار التي عرضها الوزير الأمريكي على مضيفيه وأقروها بالإجماع، تتكشف عن جملة حقائق الجديدة، أو بالأحرى تشف عن اعتراف متأخر بهذه الحقائق، ومنها:

(1) التسليم بعدم جدوى الحل العسكري، وقد تجلى ذلك في غياب اللغة الانتصارية عن بيانات “الشرعية” وداعميها ، وحلول لغة “لا غالب ولا مغلوب” محلها.
(2) التسليم بوجود الحوثي كطرف أساس في المعادلة اليمنية، صحيح أنه لا يمثل أكثرية اليمنيين، لكن الصحيح كذلك، أن تجاهله والقفز من فوقه والتعامل مع جماعة إرهابية “متشيعة”، لم يعد أمراً قائماً حتى عند عتاة الكارهين لهذه الجماعة.

(3) المجتمع الدولي ضاق ذرعاً بهذه الحرب التي تعج تقارير الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية بالمعلومات المروّعة حول “الجرائم” المقترفة من سياقها، ولقد بات من الصعب القبول باستمرارها وتحمل الأعباء المادية والمعنوية والأخلاقية للتواطؤ على مجرياتها... وقف الحرب بات هدفاً ملحاً لا لليمنيين فحسب، بل ولجيرانهم الكبار من خليجيين وحلفائهم الأبعدين: واشنطن ولندن اللتين كانتا ممثلتين في اجتماعات جدة
(4) بالرغم من كل حديث عن “ترابط المسارين” السوري واليمني، إلا أنه كان لافتاً تماماً غياب الأزمة السورية عن جداول الأعمال وعناوين البحث في اجتماعات جدة، ويبدو أنها ذكرت (أو تم المرور على ذكرها) في البيانات والتصريحات الختامية من باب “رفع العتب”، مع أن الاجتماعات التأمت في حمأة التحولات النوعية المتلاحقة، سياسياً وميدانياً التي تشهدها الأزمة السورية،  على اثرالاستدارات التركية التي أعقبت المحاولة الانقلابية الفاشلة في الخامس عشر من تموز/ يوليو الماضي

(5) وأخيراً، سيكتشف أفرقاء الحرب ومشعلوها قريباً، إن لم يكونوا قد اكتشفوا منذ زمن، بأن هذه الحرب التي كلفت الشعب اليمني ألوف القتلى والجرحى ومئات ألوف المشردين وأزيد من 14 مليار دولار خسائر، لم تكن ضرورية بحال من الأحوال، وأنه كان بالإمكان تفاديها، وأن الأموال التي أهدرت عليها، كان يمكن أن تنهض باليمن من حال إلى حال مختلفة، لو أنها استخدمت في خير اليمنيين ورفاههم ونماء مجتمعهم. -

arabstoday

GMT 05:33 2021 الإثنين ,12 إبريل / نيسان

عن القدس والانتخابات

GMT 04:29 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 05:43 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و»حرب السفن»

GMT 18:43 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبادرة جون كيري «الشاملة» مبادرة جون كيري «الشاملة»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab