أكراد سوريا أو الأنفال 2

أكراد سوريا أو "الأنفال 2"

أكراد سوريا أو "الأنفال 2"

 العرب اليوم -

أكراد سوريا أو الأنفال 2

عريب الرنتاوي

تشبه الطوابير الطويلة لألوف الأكراد السوريين النازحين عن ديارهم صوب إقليم كردستان، طوابير اللاجئين الأكراد العراقيين، الذين غادروا ديارهم في شمال العراق إلى إيران، في العام 1988 ... عائلات بأطفالها ونسائها وشيوخها، تطوي المسافات الطويلة سيراً على الأقدم، تحمل على ظهور أبنائها ما أمكن لها أن تحمله وتحتمله في رحلة البحث عن ملاذ آمن. قبل ربع قرن، تعرض أكراد العراق، وسط صمت عربي رسمي وشعبي مؤسف، لواحدة من أبشع عمليات الإبادة الجماعية، استخدمت فيها الأسلحة الكيماوية المحظورة دولياً، عشرات الآلاف فقدوا حيواتهم، مقابرهم الجماعية تنهض شاهدةً على هول الجريمة، وأضعاف هؤلاء المضاعفة، فرّوا من بيوتهم وقراهم إلى إيران، طلباً للنجاة، بعد أن دمرت قوات النظام العراقي آنذاك، ما يقرب من 2000 بلدة وقرية، كلياً أو جزئياً. اليوم، تقوم بالدور ذاته، وإن على نطاق أضيق، جبهة النصرة ودولة العراق الإسلامية، ومعهما بعض المجاميع الجهادية، وكتائب من "الجيش الحر"، حيث تتعرض القرى الكردية في شمال شرق سوريا، إلى هجمات بربرية وعمليات تصفية على الهوية، واختطافات بالجملة، ما دفع بألوف المواطنين من هذه المناطق، لترك منازلهم، والنزوح سيراً على الأقدام إلى شمالي العراق، هرباً من جحيم الإمارات الإسلامية، التي انفلت إرهابها من كل عقال. وكان يمكن لمنطقة الجبل والساحل في غرب سوريا، أن تشهد مجازر وعمليات أشد ترويعاً مما شهدته مناطق الكثافة الكردية في شمال شرق سوريا، لو أن الهجوم المباغت الذي شنته القوى ذاتها، قد نجح في إحداث اختراق استراتيجي على تلك الجبهة، لكن الهجوم المضاد الذي شنه الجيش دفع بالنصرة وحلفائها، للتراجع خارج دائرة قطرها أزيد من ثلاثين كيلومتراً من اللاذقية ومناطق الكثافة السكانية العلوية والمسيحية. وقبل هذا وذاك، كانت قرى شيعية سورية، تتعرض لوابل من أعمال القتل والتنكيل، حيث أعدم الأطفال والفتيان علناً وجرى تصوير عمليات الإعدام وبثها على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً في محيط قريتي "نبّل والزهراء"، وقبلها في جوار حمص، وعلى مقربة من خط الحدود السورية اللبنانية، حيث تتداخل الجغرافيا والخرائط والطوائف والمذاهب. الكنائس ورجال الدين المسيحي في سوريا، لم يسلموا بدورهم من أذى "المجاهدين" ... إشعال النار في الكنائس وعمليات نهب وسلب وتدمير، اختطاف قساوسة ورهبان، وعمليات قتل على الهوية، وسياسة تهجير منظم إلى خارج سوريا: ألم يرفع "العرعوريون" منذ اليوم الأول لـ “الثورة" شعار: "العلوي في التابوت والمسيحي على بيروت"، إنهم يعملون على تجسيد هذا الشعار اليوم، مهماً بلغ الثمن وعظمت التضحيات؟! النزوح الكردي الجماعي والمفاجئ والواسع النطاق، ينبئ بتطورات أشد فتكاً وخطورة على تلك الجبهة ... إقليم كردستان بات لاعباً محلياً في الأزمة السورية، ومسعود البرزاني يتوعد بالتدخل إن ظل إخوانه من أكراد سوريا، عرضة للتصفية والتهجير والاستئصال، والمرجح أن "المزاج الكردي العام" في شمالي سوريا والعراق، سوف ينعكس سلباً على مزاج أكراد تركيا، الذين يواجهون مشكلة جدية في ترجمة الاتفاقات المتعثرة مع حكومة أنقرة المركزية، وقد يدفع هذا بتورط تركيا أو توريطها في هذا الملف، مباشرة أو عبر وسطاء، الأمر الذي سيجعل المثلث الحدودي التركي – السوري – العراقي، بؤرةً لانفجار إقليمي، يزيد الأزمة السورية المعقدة، تعقيداً. والمؤسف أن البعض منّا ما زال يجادل بانتفاء الحاجة للاهتمام بهذا الملف، طالما أن غالبية القتلى والخسائر تقع في صفوف عرب سوريا السنّة، فلماذا التباكي على غير العرب وغير السنّة من أقليات مذهبية وقومية وطائفية؟ ... هذا المنطق (اللا منطق) لا يمكن أن يكون صحيحاً، وهو ذاته المنطق الذي استخدم في تبرير الصمت المتواطئ على قتل أكراد العراق قبل ربع قرن تقريباً، وبحجة أن صدام حسين قتل من السنة أكثر مما قتل من الأكراد والشيعة ... للأقليات في منطقتنا (والعالم) منطقها الخاص، وحساسياتها الخاصة، التي يتعين مراعاتها وأخذها دوماً بنظر الاعتبار. صحيح أن الكنيسة ليست أكثر أهمية أو "قدسية" من المسجد أو الحسينية، لكن إحراق كنيسة لأقلية في مجتمع ما، قد يُرتب نتائج وتداعيات على مستقبل هذه الأقلية ومواطنتها ونسيج المجتمع الوطني والاجتماعي، أشد فتكاً بكثير مما قد يتولد عن أي هجوم على مسجد للأكثرية ... لذا وجب التنديد ولفت الانتباه. لن تنجح القاعدة في معركتها لتبديد الحركة الوطنية الكردية في شمال شرق سوريا، ولا في انتزاع طموحات وأحلام الشعب الكردي بالاعتراف بهويتهم وممارسة حقهم المشروع في تقرير المصير ... والمهزوم في هذه المعركة في نهاية المطاف، هي الاتجاهات الإسلاموية الأكثر تطرفاً وتشدداً وعبثاً بمصائر البلاد والعبار ... لكن كلفة المعركة، وفاتورة الانتصار، سوف تكون باهظة للأسف نقلا عن موقع القدس للدراسات السياسية 

arabstoday

GMT 07:45 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:25 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:21 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:16 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 07:13 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكراد سوريا أو الأنفال 2 أكراد سوريا أو الأنفال 2



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab