الدبلوماسية المصرية في حرب غزة

الدبلوماسية المصرية في حرب غزة

الدبلوماسية المصرية في حرب غزة

 العرب اليوم -

الدبلوماسية المصرية في حرب غزة

عريب الرنتاوي

انتقل “زمام الوساطة” في الحرب الإسرائيلية الثالثة على غزة، من القاهرة إلى عدة عواصم عربية، وتحول وزير الخارجية المصري إلى “مجرد” لاعب من بين لاعبين كثر، بعضهم أو أغلبهم، أكثر تأثيراً وأقوى حضوراً منه... وشيئاً فشيئاً تحولت المبادرة المصرية التي قيل في “قدسيتها” الشيء الكثير، وأنها غير قابلة للتعديل والتبديل، إلى مجرد إطار أو قاعدة يبنى عليها أو يُشار لها ... وقائع الكارثة والبطولة في غزة، فرضت نفسها بقوة على جميع اللاعبين، وأعادت توزين مختلف المواقف والمواقع والأدوار.
مصر تجاهلت المقاومة (حماس بخاصة)، وعرضت مبادرة من دون التشاور معها أو الاتصال بها... ومن على منابر الإعلام وليس عبر قنوات الاتصال المعتادة، جرى إبلاغ الجانب الفلسطيني بأن ما عليه سوى قبول المبادرة أو ردها وتحمّل تبعات هذا الرفض ... الهدف من ذلك، عدم تمكين حماس من “تثمير” العدوان على غزة وتحقيق جملة من المكاسب، والخروج من أطواق العزلة.
نقطة ضعف هذه المقاربة، أنها لم تميّز بين حماس والشعب الفلسطيني، ظنّت القيادة المصرية أن بمقدورها أن تخنق حماس وتعزلها، وأنها بذلك ستمعن في إضعاف “إخوانها” وعزل تأثيرات قطر وتركيا ... لكن حرب إسرائيل لم تكن على حماس وحدها، بل ولم تكن على قطاع غزة وحده، بل كانت حرباً على الشعب الفلسطيني، حرب تطويق وإبادة، مسرحها قطاع غزة، أما أهدافها فتقع في الضفة الغربية والقدس و “حل الدولتين” والمقدسات والأقصى... العالم أدرك هذه الحقيقة، فانتصر لغزة وأهلها، لشعب فلسطين وحقوقه ... تأخرت الدبلوماسية المصرية في إدراك هذه الحقيقة، وعندما أدركتها، بدا أن الوقت قد أدركها.
يأتي جون كيري إلى القاهرة ليملأ فراغ سامح شكري ... ولينوب عنه في إدارة الاتصال والمفاوضات مع حماس ومحور بأكمله يقف خلفها ... يأتي الأمين العام للأمم المتحدة، ليملأ فراغ نبيل العربي، الذي بات رمزاً وشعاراً (Logo) لحالة العجز والتخاذل التي يعيشها النظام العربي ... تتنقل الاتصالات والمشاورات بين القاهرة والدوحة وأنقرة قبل أن تستقر وعلى أرفع المستويات وأوسعها في باريس ... كل ذلك بسبب إصرار القيادة المصرية على القيام بدور “الوسيط الحصري” وهي التي بحاجة لوسيط بينها وبين حماس وحلفائها، وتشددها في فتح المبادرة للتعديل والتبديل، حتى بعد أن تبنى الشعب الفلسطيني بمختلف قواه وفصائله وممثله الشرعي الوحيد، لائحة مطالب حماس، بوصفها مطالب وطنية إجماعية، عادلة ومحقة.
أفلتت كرة الوساطة من يدي اللاعب المصري، وربما لأول مرة في تاريخ الحروب الإسرائيلية المتعاقبة على قطاع غزة، والسبب أن القاهرة (الجديدة) لم تتقن إدارة اللعبة، ولم تعرف كيف تميز بين حسابات داخلية شديدة الضيق، وبين دور إقليمي يملي على القاهرة أن تترفع على الحسابات الصغيرة والنزعات الثأرية أو ردات الفعل الانفعالية، والحقيقة أنه منذ عدة أيام، لم يعد للقاهرة من حضور في عمليات التفاوض والوساطة، يتعدى دور “الحاضنة” أو البلد المضيف للقاءات والاجتماعات.
ولولا “الجغرافيا” لأمكن القفز كلياً عن الدور المصري، ولما وجد أحد من الموفدين والمبعوثين ضرورةً لتجشم عناء السفر إلى القاهرة ... لكن الجميع يعرفون أن القاهرة ممر إجباري لأي اتفاق يُراد تنفيذه على الأرض، لذلك تعود مختلف الأطراف إلى القاهرة، وتحرص على التذكير بالمبادرة المصرية، لا بوصفها “نصاً مقدساً”، بل كإطار ومرجعية.
وثمة أطراف عدة (واشنطن وتل أبيب وبعض عواصم الاعتدال العربي) ما زالت تنظر باهتمام للقاهرة والدور المصري، ليس من أجل التوسط ما بين المقاومة وإسرائيل، فهذه مهمة تقوم بها هذه الأطراف ذاتها ... ولكن من أجل استحقاقات مرحلة ما بعد الاتفاق ... فمعبر رفح يجب أن يعاود العمل كأي معبر دولي مفتوح طيلة أيام السنة وعلى مدى أربع وعشرين ساعة، وهذا أمر لا بد لمصر أن توافق عليه ... وثمة ترتيبات لإضعاف المقاومة، ومنعها من تجديد ترسانتها، والسعي لإضعافها في غزة وعلى الساحة الفلسطينية، بما في ذلك العمل لنزع سلاحها الصاروخي، وهذه مهام يصعب التفكير بإنجازها من دون انخراط مصري نشط فيها... والحقيقة أننا لا نتمنى لمصر أن تتلوث بأدوار من هذا من النوع.
على أية حال، لقد أضعفت الدبلوماسية المصرية نفسها بنفسها، حتى لكأنها أطلقت النار على أقدامها، فلا هي قادرة على التقدم ولا هي قادرة على الانسحاب ... وأظهر النظام المصري  اخفاقا واضحاً في إدارة أول وأخطر استحقاق يعترضه في السياسية الخارجية منذ  العهد الجديد واخذت قطاعات واسعة من الرأي العام العربي تترحم على إدارة نظامي “المخلوع” و”المعزول” لأزمات مشابهة ... أما الأداء العنصري الهابط والسقيم لبعض الإعلاميين والسياسيين المصريين، فقد زاد الطين بلة، وأسهم من دون ريب في تشويه صورة مصر وسمعتها ... وقد آن أوان المراجعة وإعادة التقييم إن كان هناك في القاهرة، من لا تزال تهمه صورة مصر وسمعتها.

arabstoday

GMT 10:36 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 10:29 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سوريّا المسالمة ولبنان المحارب!

GMT 10:27 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 10:26 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة... والخوف الاصطناعي

GMT 10:24 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

الهوية وكثرة اللاعبين

GMT 10:23 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

القطيعة مع التطرف وتحديات دولنة سوريا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدبلوماسية المصرية في حرب غزة الدبلوماسية المصرية في حرب غزة



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
 العرب اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 06:36 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
 العرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 05:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
 العرب اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 العرب اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 09:11 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

إرهابى مُعادٍ للإسلام

GMT 21:53 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025

GMT 17:11 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عبدالله بن زايد يبحث آخر التطورات مع وزير خارجية سوريا

GMT 09:50 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أزمات قانونية تنتظر عمرو دياب في العام الجديد

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 21:50 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

دنيا سمير غانم تشارك في موسم الرياض بـ مكسرة الدنيا

GMT 00:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

لبنان يتعهد بالتعاون مع "الإنتربول" للقبض على مسؤول سوري
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab