بوتين بعد بيكيت من «مسرح اللامعقول» إلى «سياسة اللامعقول»

بوتين بعد بيكيت... من «مسرح اللامعقول» إلى «سياسة اللامعقول»

بوتين بعد بيكيت... من «مسرح اللامعقول» إلى «سياسة اللامعقول»

 العرب اليوم -

بوتين بعد بيكيت من «مسرح اللامعقول» إلى «سياسة اللامعقول»

عريب الرنتاوي

لولا ان الفكرة صدرت رسمياً عن سيد الكرملين، ومنسوبة للرئيس  فلاديمير بوتين، لقلنا إن مقترح التحالف الرباعي الذي يضم سوريا مع كل من السعودية وتركيا والأردن، ضرباً من الجنون ... لكن صاحب الفكرة وحاملها والعامل عليها، زعيم دولة عظمى، لم يشتهر بإطلاق الكلام على عواهنه، وإن كانت أفعاله على الأرض، تنم عن جرأة متفاقمة وميل ظاهر للمجازفة.
من حيث التوقيت، تبدو الفكرة واهمة وخيالية تماماً، فعلاقات السعودية وتركيا، وبدرجة أقل الأردن، مع سوريا، تبدو في ذروة التأزم، بل ولقد دخلت مرحلة «كسر العظم»، منذ التغيير القيادي الأخير في السعودية، وبالأخص بعد الانتخابات البرلمانية التركية التي تركت مستقبل السيد رجب طيب أردوغان رهناً بمغامرة عسكرية من العيار الثقيل في شمال سوريا، حيث تتواتر الأنباء عن حلف ثلاثي (مع قطر)، بغرفة عمليات مشتركة، وتنسيق على أرفع مستوى في التسليح النوعي والتدريب والتجنيد والتمويل، وحيث وثائق ويكيليكس تكشف بعض فصول «الطابق المستور»، وحيث صحف أنقرة لا تتوقف عن نشر التقارير اليومية التي تتحدث عن اجتياح تركي محتمل لشمال سوريا، لا تعيقه أو ترجئه، سوى مماطلة الجيش وتردده عن الخوض في قيعان المستنقع السوري.
أما علاقات عمان بدمشق، فهي وإن لم تدخل مرحلة تكسير العظام بعد، إلا أنها في أسوأ مراحلها منذ اندلاع الأزمة السورية قبل خمس سنوات، في ظل اتهامات سورية يومية للأردن باحتضان «الجبهة الجنوبية»، وأحاديث عن «تكبير» المملكة و»توسيعها» وتصريحات تشف عن الانتقال من «الدفاع» إلى «الردع»، وتعهدات بتسليح عشائر سوريا ودروزها، وأنباء عن «منطقة عزل» جنوبية، فضلاً عمّا يرد من أنباء عن حشود عسكرية على حدود المملكة الشمالية، إلى غير ما هناك من تقارير تشف عن مناخات حرب وليس أجواء سلام وشراكة وتحالفات.
كنّا ننتظر الأنباء من طهران، عن قيام حلف ثلاثي (إيران والعراق وسوريا) مدعوماً بحلفاء هذه الدول من منظمات وأحزاب وميليشيات، فإذا بوكالات الأنباء الروسية تبشرنا بالمسعى الروسي لبناء تحالف رباعي (سعودي-تركي-أردني-سوري)، المسعى الذي نزل بلا شك، نزول الصاعقة على الوزير وليد المعلم، وهو يصغي إلى الرئيس الروسي يشرح عناصره وأهدافه وفرصه وتحدياته، الأمر الذي دفع بالوزير المخضرم للقول بإن مشروعاً كهذا بحاجة إلى «معجزة» ليصبح ممكناً، مستدركاً بصورة تبقي الباب مفتوحاً (موارباً) بأنه سبق للرئيس بوتين، أن اجترح المعجزات في بلاده، ولا ندري إن كان قالها من باب المجاملة، أو في إشارة إلى نهوض الدور الروسي في عصر «القيصر».
موسكو تعرف، بل ربما كانت «الأعرف» بتعقيدات المسألة وصعوبتها، وربما لهذا السبب عاد لافروف لتخفيض سقف التوقعات، والحديث بما يفيد أن الانتقال من «العداوة» إلى «التحالف» لن يتم بقفزة واحدة، وأنه قد يبدأ بأشكال من التعاون والتنسيق ... سوريا لا تريد أكثر من يكف هؤلاء، بالذات قطر وتركيا والسعودية، عن التآمر عليها، وصولاً لدعم داعش من تحت الطاولة وتدعيم النصرة من فوقها... هكذا على الملأ وفوق رؤوس الأشهاد.
ما الذي يدفع موسكو، والحالة كهذه، للتفكير «خارج الصندوق»؟ ... هل طلبت الدول ذات الصلة، بالأخص السعودية وتركيا من روسيا القيام بهذا المسعى، لماذا وما الذي يدفعها لفعل ذلك؟ ... هل «قدّرت» موسكو بأن هذه الأطراف المحاطة بدورها بأطواق من الأزمات الداخلية والخارجية، ستستجيب للمسعى الروسي الجديد، هل هذا هو ما عناه الوزير سيرغي لافروف بحديثه عن «التحليل الموضوعي»؟ ... هل هي رصاصة طائشة، أرادت بها موسكو اختبار «جاهزية» الأطراف للعمل بجدية على «حل سياسي» للأزمة السورية» تحت ضغط «انفلات» شبح داعش وتغوّله، وهو الذي يضرب في قارات العالم الثلاث من دون تمييز أو تردد؟
هل هي «النقطة في منتصف الطريق» التي تحدثنا عنها بالأمس، وقبل أن نعرف عن «الأفكار الروسية الجديدة»، تجعل موسكو واثقة من أن حلفاء واشنطن في الرياض وانقرة وعمان، سيجدون أنفسهم مرغمين في نهاية المطاف، على التحرك بخطوات إلى «خط الوسط»، والقبول بتسويات طوعاً أو على مضض، بعد أن يتأكد لهم أن الدولتين العظيمتين، اقتربتا أو كادتا تقتربان من نقطة في منتصف الطريق إلى الحل السياسي؟
هل قلنا «التحليل الموضوعي»؟ ... هل لدى موسكو معلومات غير تلك التي نعرف عن حال تركيا والسعودية، بعد حرب المائة يوم العبثية في اليمن، وبعد انقلاب الصناديق على أسطورة أردوغان؟ ... هل تعب التحالف الثلاثي، بالذات ضلعاه التركي والسعودي، هل أدركا أن النيران التي يذكيانها في سوريا، تكاد لا تكتف بحرق أطراف ثيابهما بل ستطاول لحمهما الحي إن استمرت الأزمة السورية مفتوحة على التفاضل والتكامل ما بين داعش والنصرة وأحرار الشام وجيش الإسلام؟
في الحقيقة نحن لا نعرف، وقد لا نعرف إلا بعد مرور بعض الوقت على المبادرة / المفاجأة / المعجزة ... لكننا نعرف أن فلاديمير بوتين يعيد في السياسة ما دشّنه صموئيل بيكيت في المسرح قبل قرن من الزمان: «اللا معقول» ... ونأمل ألا يكون انتظاره من نوع «انتظارغودو» الذي لن يأتي.

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوتين بعد بيكيت من «مسرح اللامعقول» إلى «سياسة اللامعقول» بوتين بعد بيكيت من «مسرح اللامعقول» إلى «سياسة اللامعقول»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab