«تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى»

«تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى»

«تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى»

 العرب اليوم -

«تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى»

عريب الرنتاوي

ما أن صمتت المدافع في غزة ، حتى أخذت الشقوق في البيت الفلسطيني الداخلي تتسع وتتكشف للناظرين ... الرئيس عباس وحركة حماس، تبادلا الاتهامات حول “حكومة الظل” و”قرار الحرب والسلام” ومنظومة السلطات والصلاحيات التي يتعين تكريسها على المستوى المنظمة والسلطة والحكومة، وبالذات في غزة، فضلاً عن قضايا المساعدات الإغاثية والاستئثار بها وبيع بعضها في “السوق السوداء” ... اتهامات للسلطة بفرض قيود على حركة نشطاء حماس والجهاد في الضفة، واتهامات لحماس باعتقال أو فرض الإقامة الجبرية على كوادر فتح وإطلاق النار على الأرجل ... لتمتد الخلافات حول مسائل من نوع كيفية التعامل مع “الجواسيس” وجواز إعدامهم من دون محاكمة، أمام أعين الناس وكاميرات الإعلام.

لم يقف الأمر عند هذا الحد ... فمن تابع مهرجات النصر وخطاباته بين حماس والجهاد، أدرك من دون عناء، أن حرباً صامتة تدور بين “المقاومين” أنفسهم، ومن يقف خلف كل فريق منهم من عواصم المنطقة ومحاورها ... مشعل من الدوحة، يوجه الشكر المستحق والواجب لـ “الأمير الشجاع” في الدوحة و”الرجل الأصيل” في أنقرة ... أما الجهاد الإسلامي وسرايا القدس، فتخص إيران وحزب الله، بأحر الشكر وأفضل التقدير، وتغيب تركيا وقطر عن خطابها ... ليشترك الفريقان في شكر السودان ودول أمريكا الجنوبية على وقوفها إلى جانب الشعف الفلسطيني (؟!)

وفيما يعتبر خالد مشعل قناة “الجزيرة” القطرية، بأن درة الإعلام العربي، ترى الجهاد وسراياها، أن الميادين هي “روح” الإعلام المقاوم العربي، من دون إغفال بقية القنوات المقاومة كالمنار والقدس وفلسطين اليوم والجزيرة وغيرها ... لكأن حروب المحاور التي تجري بضراوة على الأرض، وفي شتى الساحات والميادين، تنتقل إلى الفضاء والفضائيات، فيما يشبه “حرب النجوم”؟!

الرئيس الفلسطيني الذي امتنع طوال أيام الحرب الخمسين عن إثارة ما يمكن اعتباره قضايا خلافية مع حماس، أراد أن يقول أشياء كثيرة ودفعة واحدة، بعد أن وضعت الحرب أوزارها ... اتهم حماس بالكذب عليه في قضية المستوطنين الثلاثة، تبرأت من العملية أمامه من قبل، وعادت للاعتراف بالمسؤولية عنها، وعلى لسان قيادي رفيع فيها (صالح العاروري من إسطنبول) من بعد ... ألمح إلى المحاور وأجنداتها المصطرعةوانتقد التدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية، محملاً الارتهان لهذه المحاور، مسؤولية إطالة أمد الحرب، باعتبار أن ما حصل عليه الفلسطينيون بعد 51 يوماً من القتال، سبق لهم وأن حصلوا على مثله، بعد عشرة أيام فقط من المعارك.

الأهم من كل هذا وذاك، أن ثمة نبرة “انعدام يقين” في مستقبل المصالحة وحكومة الوفاق الوطني، تطل برأسها من ثنايا السجال بين الرئاسة وحماس، فالرئيس تحدث “اختبار” ستمر به المصالحة حين تشرع الحكومة في ممارسة صلاحياتها ... وحماس، ردت بانتقادات حادة لحكومة الوفاق واتهامها بالغياب والتقصير ... أما الفصائل الأخرى في رام الله، فتكتفي بالحديث “همساً” عن “الثنائية القطبية” التي تعاود ظهورها، تنتقد هيمنة فتح في رام الله واستئثار حماس بغزة، لكأن شيئاً لم يحصل، لا قبل الحرب ولا في اثنائها ولا بعدها.

والحقيقة أننا سبق وأن حذرنا من مغبة الفشل في إدارة ما يمكن وصفها بـ “وضعية ازدواج سلطة” في غزة ... حماس قوة مهيمنة في القطاع، ولا يتخيلن أحد أي “سيناريو” تتخلى بموجبه حماس عن مكانتها هذه، وقد سبق لبعض قادة حماس أن تحدثوا عن التخلي عن الحكومة والتمسك بالسلطة ... وربما هذا ما دفع أحد الخبثاء من الفلسطينيين للقول بإن حماس تريد للسلطة أن تلعب دورين اثنين فقط في غزة: دور “الطربوش” الذي تستظل به من قيظ العقوبات والفيتوات الدولية، ودور “الصراف الآلي” الذي يعمل مرة واحدة آخر كل شهر.

في المقابل، تدرك السلطة أهمية وضعيتها المستجدة في غزة بعد الحرب، فكل ما يتصل بإجراءات وآليات فك الحصار، تستوجب وجوداً فاعلاً وقوياً للسلطة هناك، وثمة محور طويل عريض يريد للسلطة أن تعود إلى غزة، وعلى حساب حماس، تحت مظلة رفع الحصار وإعادة الإعمار ... وإذا كانت الحرب قد أفضت في أيامها الأولى، إلى اهتزاز مكانة السلطة وارتباكها، بل وجلوسها على مقاعد المتفرجين، فإن تطورات الميدان والمفاوضات ونتائج حرب المحاور، أعادت تعزيز مكانة السلطة ودورها وصورتها، فخرجت بعد الحرب في وضع أفضل مما كانت عليه قبلها.

ثمة حاجة (مصلحة) موضوعية متبادلة، دع عنك قصائد المديح والثناء على الوحدة والمصالحة وكل الخطاب الرومانسي الفلسطيني عنهما، نقول ثمة مصلحة لفتح وحماس، السلطة والمقاومة، في اشتقاق معادلة للعيش والتجاور والتكامل، ببساطة لأنها معادلة “رابح – رابح”، وبخلافها لا خيار سوى التنابذ والانقسام والاقتتال والحسم أو الانقلاب، أو معادلة “خاسر – خاسر”، فليس في وسع أي من الفريقين أن يخرج الفريق الآخر من التداول، ومعادلة “رابح – خاسر” ستقود حتماً للصدام، وعلى الجميع الاعتياد على العمل سوياً والتساكن على المساحة الضيقة ذاتها.

إن الصيغة التي ستحكم العلاقة بين قطبي العمل الوطني الفلسطيني ، ربما تكون محكاً أساسياً، أو المحك الأهم على الإطلاق، لقدرة العقل الجمعي الفلسطيني على اجتراح المعجزات والإبداعات، والامتحان الأهم لصدقية الولاء لفلسطين والانتماء لإرث شعبها الكفاحي ... وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان.

arabstoday

GMT 13:39 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 13:37 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

GMT 13:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ليلى رستم نجمتنا المفضلة

GMT 13:31 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ظاهرة إيجابية بين الأهلى والزمالك

GMT 13:28 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

GMT 13:26 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 13:25 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 13:23 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الموسوس السياسي... وعلاج ابن خلدون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى» «تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة
 العرب اليوم - خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مورينيو ومويس مرشحان لتدريب إيفرتون في الدوري الانجليزي

GMT 14:39 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

وست هام يعلن تعيين جراهام بوتر مديراً فنياً موسمين ونصف

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تحتفل بألبومها وتحسم جدل لقب "صوت مصر"

GMT 14:38 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتى يحسم صفقة مدافع بالميراس البرازيلى

GMT 14:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جوزيف عون يصل إلى قصر بعبدا

GMT 20:44 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر يونايتد يعلن تجديد عقد أماد ديالو حتي 2030

GMT 14:32 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كييف تعلن إسقاط 46 من أصل 70 طائرة مسيرة روسية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab