ثلاثة وجوه للعلاقة بين الإخوان والسلفية

ثلاثة وجوه للعلاقة بين الإخوان والسلفية

ثلاثة وجوه للعلاقة بين الإخوان والسلفية

 العرب اليوم -

ثلاثة وجوه للعلاقة بين الإخوان والسلفية

عريب الرنتاوي

وصول العلاقة بين حماس والسلفية الجهادية في غزة إلى طريق مسدود على خلفية التفجيرات المتزامنة الأخيرة التي شهدها قطاع غزة، يطرح من جديد، أسئلة العلاقة بين جماعة الإخوان والحركات السلفية في المنطقة العربية عموماً، وفي الساحات المتفجرة والمحتربة على وجه الخصوص، وهي علاقة تراوح ما بين الصراع والتعاون و«التوظيف المتبادل».

الصراع بين المدرستين الكبريين في «الإسلام السياسي»، سمة تطبع العلاقة بينهما، وفي كل الأوقات والظروف، وإن اختلفت حدة هذا الصراع من بلد لآخر، ومن مرحلة إلى أخرى ... «التنافس» على «الشرعية» وادعاء النطق باسم «الإسلام الصحيح» هو أمر معتاد بين قوى تنهل من مرجعية واحدة، وتحصد من حقل واحد تقريباً ... لكن هذا التنافس، ينقلب في بعض الأحيان، إلى عداء مستحكم، تستباح معه، حرمة المساجد والأنفس والأرواح، وتراق الدماء على مذابحه، غزيرة ومن دون حساب، خصوصاً إن اتصل الأمر بالسلطة والسيطرة والنفوذ، وأحداث مسجد ابن تيمية في العام 2009 في القطاع، والتفجيرات الأخيرة في غزة، تنهض شاهداً على ما نقول.

سياسياً وفكرياً، تميل السلفية بمدارسها المختلفة، الجهادية منها بخاصة، إلى توجيه سهام النقد والتشكيك، وأحياناً التكفير، للمدرسة الإخوانية في الإسلام السياسي، فيما الإخوان عموماً، أقل ميلاً للاشتباك الفكري والسياسي مع السلفية، إن لاعتقادهم بوحدة المرجعية، أو لإيمانهم بأن ما يزرعه السلفيون كدعاة لـ»أسلمة المجتمع»، إنما يحصد ثماره الإخوان في صناديق الاقتراع، في ظل استنكاف السلفية عن العمل السياسي/ الحزبي المنظم، أو ضعف تجربتها في هذا المجال ... وثمة سبب ثالث، يتعلق أساساً بـ «التثاقف» المتبادل، فثمة تيارات إخوانية، باتت أقرب للسلفية في أنماط تفكيرها ومرجعياتها خصوصاً بعد سنوات اللجوء الخليجية المديدة التي عاشها قادة الجماعة وكوادرها هرباً من بطش أنظمة الاستبداد... وثمة سلفيون تأثروا بدعوى الإخوان ووسائل عملهم وتنظيمهم، سيما المدرسة القطبية في الجماعة ذات البصمات التي لا تنكر على تكوين وتشكل «السلفية الجهادية» ... ولطالما اجتمع هؤلاء في الخندق ذاته، في ساحات «الجهاد العالمي» وميادينه، خصوصاً في سنوات «الربيع العربي» كما هو الحال في اليمن وليبيا وسوريا، واخيراً مصر.

التعاون، تجربة ليست حديثة في العلاقة بين المدرستين ... بدأ منذ الحرب الباردة ومواجهة «الخطر الشيوعي» والمدارس القومية واليسارية العلمانية واستمر حتى يومنا هذا... رأينا إخواناً يهجرون بلدانهم المحتلة للجهاد مع «قاعدة الجهاد» في أفغانستان .... ورأينا سلفيين، يستنفرون لضمان نجاح مرشحي الإخوان المسلمين في انتخابات «يكفرونها» ... إخوان سوريا وسلفيوها يتبعون غرف العمليات ذاتها ... التجمع اليمني للإصلاح يقاتل في عدن وتعز جنباً إلى جنب مع السلفية ... في ليبيا يصعب التفريق بين السلفية الجهادية وإخوان ليبيا ... في مصر تصالحوا وتعاونوا وتنابذوا، وفقاً لمقتضيات الحال ومستجداته، وكذا الحال في فلسطين.

والتعاون لم يقتصر على السلفية بمدارسها التقليدية أو العلمية أو الإحيائية أو غير ذلك من أسماء ومسميات يقترحها الباحثون في شؤون الحركات الإسلامية ... بل تمدد وتوسع حتى شمل مدرسة السلفية الجهادية، بمن فيها «القاعدة» ومشتقاتها وتفريخاتها ... إخوان سوريا، يتحالفون مع النصرة ويتصدون لكل من يصنفها جماعة إرهابية، وكذلك يفعل إخوان اليمن وليبيا المتحالفون مع فروع القاعدة المختلفة، ولولا الحملة الدولية على داعش وبلوغ فظاعاتها حداً يفوق التصور، لكان داعش أيضاً من ضمن قائمة المستهدفين بالتحالف والتعاون، وفي مراحل معينة رأينا أشكالا معينة من التنسيق مع التنظيم الدموي، تارة بحجة درء الضرر وأخرى بموجب «الضرورات» التي تبيح المحظورات.

أما «التوظيف المتبادل»، فيجد تجلياته في غير شكل وعلى أكثر من صعيد ... فما لا ترتضي الجماعة القيام به، لأسباب تتعلق ببنيتها وبرامجها ورهاناتها وتحالفاتها ومسؤولياتها، تقوم به «السلفية الجهادية» من دون تحسب أو حساب ... مصر ما بعد مرسي، توفر نموذجاً لأسلوب التوظيف المتبادل: الإخوان يصرفون أنظارهم عن جرائم «الجهاديين» ومجازرهم ضد المدنيين ... والجهاديون يضربون صفحاً عن «تكتيكات» الجماعة وتحالفاتها، طالما أنها قد تقربهم من إنفاذ شريعة الله على الأرض، أو أقله، طالما أنهم يتلقون وعوداً بذلك من قبل قيادات الجماعة... وتوفر التجربة التركية دروساً كاشفة عن فكرة «التوظيف المتبادل»، فحزب العدالة والتنمية، أكثر تيارات الإسلام السياسي انفتاحاً وليبرالية، لا يمانع في توظيف «داعش» لتحقيق أهداف استراتيجيته في سوريا، فيما لا يمانع التنظيم الذي اشتهر بتدمير التماثيل والآثار ومراقد الأئمة والأنبياء والصالحين،  في توفير حضانة آمنة لضرح جد مؤسس الدولة العثمانية سليمان شاه... وعموماً، ثمة ما يشبه «المحاكاة» لقصة الشرطي الجيد والشرطي الشرير في السينما الأمريكية، حيث يفضل الإخوان تجسيد دور الشرطي الجيد، فيم لا يمانع السلفيون من تقمص شخصية الشرطي الشرير.

مثل هذا الالتباس في العلاقة بين المدرستين، يلقي بظلال كثيفة من الشك، حول عمق أو «أصالة» المكون المدني – الديمقراطي في خطاب جماعة الإخوان، بل ويطرح أسئلة محرجة حول «المساحات الرمادية» في خطاب الجماعة، خصوصاً حين يتصل الأمر بالموقف من الإرهاب وحقوق النساء والأقليات، والأهم من هذا وذاك، أن هذه العلاقة بوجوهها الثلاثة التي أتينا على ذكرها، تعيق جهود التيارات الإخوانية الإصلاحية الرامية تطوير خطاب مدني – ديمقراطي بمرجعية إسلامية.

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاثة وجوه للعلاقة بين الإخوان والسلفية ثلاثة وجوه للعلاقة بين الإخوان والسلفية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab