حماس وغزة 2006 2014

حماس وغزة: 2006 -2014

حماس وغزة: 2006 -2014

 العرب اليوم -

حماس وغزة 2006 2014

عريب الرنتاوي

في سعيهم لتفسير ما دار في غزة من معارك عسكرية، وما يدور في القاهرة من معارك سياسية وتفاوضية، انصرفت أنظار المراقبين والمحللين إلى البعد المتصل بأزمة العلاقات بين نظام المشير السيسي وجماعة الإخوان المسلمين (ومن ضمنهم حماس)، فخرجوا بنتائج تحيل الأداء المصري إلى هذا البعد، دون سواه، أو أكثر من غيره.
على أن الصورة تبدو أعقد من ذلك بكثير، ومقدمات ما يجري اليوم، تعود بجذورها إلى العام 2006، عندما اكتسحت حماس الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وشكلت حكومتها لأول مرة، قبل أن تصطدم بفتح والسلطة وأجهزتها الأمنية، وتصل إلى “الانقلاب / الحسم” في حزيران من السنة التالية، ويستمر الانقسام بعدها حتى يومنا هذا، وتستمر معه حماس في إدارة قطاع غزة، منفردة، وبقبضة من حديد.
بالعودة إلى تلك السنة، سنة الانقلاب في النظام السياسي الفلسطيني، وتحوّله من نظام القطب الواحد إلى نظام القطبين ... يومها، بدا انتصار حماس في الانتخابات (ومن ثم الحسم العسكري)، حلقة في سياق إقليمي متغير ... كانت واشنطن تجرجر أذيال الخيبة في العراق، بعد أربع سنوات من احتلال أكل الأخضر واليابس، وترك بلاد الرافدين نهباً لفراغ، نجحت إيران وحلفاؤها في ملئه من دون مصاعب... يومها لم يكن قد انقضى على اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري سوى سنة واحدة، ليخوض حزب الله بعد ذلك حرب تموز / آب 2006، ويستتبعه في السنة التالية بـ “الحسم” في بيروت، إثر فتح ملف شبكة اتصالات الحزب ... كان ما يسمى حينه، “محور المقاومة والممانعة”، يشهد مدّاً متعاظماً، بدا معها محور “الاعتدال” العربي، غارقاً في معارك الدفاع عن الدور والنفوذ، وإدراك ما يمكن تداركه.
لم تنج حماس ولا قطاع غزة في تلك الفترة، من تبعات واستهدافات “الهجوم المضاد” لمحور “الاعتدال” العربي ... وهو هجوم حرصت السيدة كوندوليزا رايس والسيد جيمس وولسي، على تنسيقه مع نظرائهم في عواصم “الاعتدال” العربي ... وكان من بين المشاركين في تلك الاجتماعات، والمكلفين بحسم الموقف في قطاع غزة مع حماس، العقيد محمد دحلان، رئيس جهاز الأمن الوقائي، الذي كان موضع رهانات أمريكية وخليجية كبيرة.
بصرف النظر عمّا إذا كانت حماس قد قادت تحركاً “وقائياً” أو “استباقياً” أم أنها كانت تبيت الانقضاض على السلطة في القطاع (اليوم تسرب إسرائيل معلومات عن خطة انقلابية حمساوية على السلطة في الضفة)، فإن النتيجة كانت واحدة ... تم الإجهاز على السلطة ودوائرها وأجهزتها، في زمن قياسي، وخضع القطاع منذ تلك اللحظة لحكم حماس، وحتى مع تشكيل حكومة الوفاق الوطني، يعلن إسماعيل هنيّة، أن حركته غادرت الحكومة ولم تغادر السلطة.
ما يجري اليوم في غزة وحولها، يأتي استكمالاً لمسلسلٍ بدأته الأطراف و”المعسكرات” ذاتها في العام 2006، وهو المسلسل الذي توقف تصوير حلقات جديدة منه، إثر اندلاع ما بات يعرف بثورات “الربيع العربي” حتى أن حماس نجحت في توسيع دائرة علاقاتها العربية والإقليمية والدولية، على بساط “الربيع العربي”، بعد أن أخذت بعض عواصم “الاعتدال” تتقرب منها على أمل أن تكون جسراً للتقريب بينها وبين الأنظمة الجديدة الناشئة، بزعامة إخوانية أو شبه إخوانية، في كل من مصر وتونس مروراً بتركيا وليبيا وصولاً للمغرب وأطراف اليمن.
انقشعت سحابة “الربيع العربي”، وسقط نظام الإخوان في مصر، وانشطر المعتدلون العرب والإقليميون إلى معسكرين اثنين، وضاقت هوامش المناورة أمام حماس، فلا هي عضو موثوق في محور “المقاومة والممانعة” ولا حلفاؤها الكبار في مصر، ظلوا في السلطة، في حين لا يبدو أن تركيا وقطر، قادرتين على وضع حماس على سكة الخروج من أطواق العزلة وشرنقة الحصار.
الحرب الإسرائيلية الثالثة على غزة، تستهدف إنجاز المهمة المعلّقة منذ العام 2006: إحراج حماس وإخراجها، إن لم يكن بالدبابات والطائرات، فعلى موائد التفاوض ... وثمة في القاهرة ما يشي ويشير، إلى أن حصيلة اتفاق التهدئة ومفاوضاته غير المباشرة، والاتفاقات الجانبية، ثنائية ومتعددة، التي ستبرم على هامشه، ستضع نصب عينيها، إعادة القطاع إلى السلطة، وتحجيم حماس إن تعذر سحقها.
في العام 2006 وما بعده حتى سقوط حكم مرسي في مصر، توفرت لحماس هوامش واسعة للمناورة، ولعبت الحركة بأوراق قوة فاعلة ... فهي أجهزت على فتح والسلطة بين عشية وضحاها، ووفر لها “حلف المقاومة والممانعة”، ما لم تكن تحلم به من دعم مالي وسياسي وعسكري وتسليحي وتدريبي وقواعد اسناد ونقاط ارتكاز خلفية وملاذات آمنة، خصوصاً في دمشق وطهران، دع عنك خبرات حزب الله ورصيده المتعاظم في “المقاومة، وما جاءت به “رياح الربيع العربي” لاحقاً من عناصر دعم استراتيجية حاسمة، مكنت الحركة من الاستقواء بعواصم عربية كبيرة ونافذة.
اليوم، تنحسر الأوراق وتضيق مساحات المناورة أمام الحركة، فلا الحركة ستكون قادرة على تجديد وتطوير ترسانتها العسكرية، ولا الدعم الذي كانت تحظى به سيستمر، والمؤكد أن قطر وتركيا، ستفاضلان بين خوض معركة “تثبيت” حماس حتى النهاية من جهة، وحفظ مصالح البلدين ومقتضيات موقعهما ومصالحهما وتحالفاتهما من جهة ثانية ... كل المؤشرات تدفع على الاعتقاد، بأن ما كان “انقلاب دحلان” ينوي تحقيقه في غزة قبل سبع أو ثماني سنوات، سيجري العمل على تمريره اليوم، وتحت ستار التهدئة طويلة الأمد، ورفع الحصار عن غزة وإعادة بنائها، وللمفارقة، فإن الدحلان، يبدو حاضراً في خلفية المشهد الغزي، وبدعم من بعض أركان “الاعتدال” العربي.
على الدوام، توفرت لحماس، مثلما توفرت لفصائل الحركة الوطنية الفلسطينية، فرصة اللجوء إلى “ورقة” الاشتباك” مع الجانب الإسرائيلي، وفتح جبهات واسعة معه، إما لتفادي الضغوط أو الخروج من مأزق أو حصار، أو لإحراج الخصوم ... هذه المرة، الصورة أيضاً تبدو مختلفة: الخصوم لا يحرجون حتى وإن سالت الدماء “حتى الركب” في غزة ... وقدرة الحركة على إحراج المشير السيسي ذي الشعبية في بلاده، والمدعوم إقليمياً ودولياً، أقل بكثير من قدرتها على “ابتزاز” نظام مبارك المتهالك والمعزول ... فيما السؤال المشروع، يتعلق بقدرة القطاع وأهله على تحمل حرب استنزاف طويلة، أو معاودة المواجهات المفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي، سيما وأن المفاوضات في القاهرة، التي يجريها وفد فلسطيني موحد في الظاهر، قد تفضي، وهي أفضت نوعاً ما، إلى بروز تشققات وتصدعات، في وحدة الموقف والوفد الفلسطينيين ... هي لحظة مفصلية وأيام سيكون لها ما بعدها، لا بالنسبة لحماس فحسب، بل وبالنسبة للقضية الفلسطينية ومستقبل كفاح الشعب الفلسطيني في سبيل عودته وحريته واستقلاله.

 


 

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماس وغزة 2006 2014 حماس وغزة 2006 2014



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab