«داعش» صناعة عربية – إسلامية بامتياز

«داعش» صناعة عربية – إسلامية بامتياز

«داعش» صناعة عربية – إسلامية بامتياز

 العرب اليوم -

«داعش» صناعة عربية – إسلامية بامتياز

عريب الرنتاوي

في التراث، ثمة قَصص وأساطير، عن كائنات خرافية وعجائبية ... بعضها مستولد من البرق والرعد، وبعضها هبط مع نجم أو نيزك،    القاسم المشترك في هذه الروايات، أنها تتحدث عن “لغز” عصي على التفكيك والإدراك، وعن قوى “خارجية” لا بيئة لها أو “سياق” بين ظهرانينا ... لسنا مسؤولين عن نشأتها، ولا نحن نتحكم بمآلاتهم، ولا قدرة لنا على التصدي لها.

مناسبة هذا “الاستدعاء”، ما نسمعه هذه الأيام، من حكايات وروايات، في نشأة “داعش” وتمددها، وتحولها إلى قدر مفروض على المنطقة، لا رادّ له، ولا قِبَلَ لنا به أو عليه ... قَصص يراوح بين “الشيطنة”و”الأسطرة”، تثير الاشمئزاز حيناً وتلهب مشاعر فئات شبابية مهمشة أحياناً ... من قائل بأنها “صنيعة” إيرانية – سورية، إلى آخر يردها إلى ، مصاف “المؤامرة” الأمريكية – الصهيونية، التي أعدت في ليل حالك وبهيم، تارة بهدف تقسيم المقسم، وتحويل كيانات سايكس بيكو إلى دويلات المذاهب وكانتونات الطوائف المتناحرة التي ستجعل من إسرائيل أكبر دولة / أقلية في المنطقة، وتارة أخرى، يحدثونك عن وظيفة داعش، في تبرير شعار “يهودية الدولة” الذي جعل منه نتنياهو شرطاً للسلام والتفاوض مع الجانب الفلسطيني.

والحقيقة أن “داعش” هي ابنة هذه المنطقة، ووليدة سياقها الاقتصادي – الاجتماعي – الثقافي – السياسي – الأمني التاريخي ... ، وهي ثمرة قراءة من قراءات الإسلام، تنحو لتكفير الدولة والمجتمع والمخالف من أتباع الديانات والمذاهب والمدارس الأخرى ... داعش، هي الابنة الشرعية “لفقهاء السجون والكهوف!!

ولـ “داعش” أخوات وأمهات في تاريخ العرب والمسلمين، القديم منه والحديث، وهي تنهل من حقب ومراحل في التاريخ العربي والإسلامي، ساد فيها العنف والاغتيال وحروب “الإخوة الأعداء”، فأكثر الصحابة والمبشرين بالجنة قضوا في حروب الردة ومعارك “الفتنة الكبرى”، وثلاثة من أصل أربعة خلفاء راشدين، قضوا اغتيالاً ... وحرمة آل البيت ومكانتهم، لم تمنع من تقطيع رؤوسهم وسبي نسائهم وحروب الملوك والخلفاء في العهود اللاحقة، أزهقت أرواح عشرات الألوف من المسلمين وغيرهم.

داعش” هي الابنة الشرعية لفشل الدولة العربية الحديثة في بناء دولة المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة ... داعش، وليدة أنظمة الركود والفساد والاستبداد ... داعش ثمرة مشاعر القهر الوطني والقومي، وتفشي حالات الفساد والفقر والبطالة والتهمش وانسداد آفاق العمل السياسي الديمقراطي والمشاركة الحقيقية في تقرير المصائر وصنع السياسات.

وتعيد “داعش” اليوم، ما بدأته القاعدة بالأمس ... لعبت على الجميع، ولعب الجميع بها وعليها ... واشنطن استفادت من “الجهاد العالمي” في حربها الباردة ضد “الخطر الشيوعي” زمن الحرب الباردة الدولية... وعواصم عربية لعبت بـ “داعش” ضد “الخطر الشيعي” في زمن الحرب الباردة العربية ... وتركيا لعبت بذات الورقة ضد نظام الأسد من جهة والحركة الكردية على اتساعها من جهة أخرى ... وإسرائيل ترقب وتتابع، بعين قلقة حيناً وغالباً بقدر من الارتياح لما تحدثه “داعش” من انهيارات في بنية الدولة والمجتمع العربيين، خصوصاً في الحواضر الكبرى، كسوريا والعراق، على أمل أن يمتد الحريق إلى مصر... وبهذا المعنى، فإن داعش، هي الثمرة المرة، لحروب المحاور والمذاهب والعواصم، التي لم تضع أوزارها بعد، منذ أزيد من ثلث قرن.

لكن كل ذلك، لا يجعل من “داعش” دمية في يد هذا النظام، أو أداة يتملكها ذاك المحور ... إذ بخلاف ذلك، يمكن القول إن لـ “داعش” درجة من الاستقلالية، لا تتمتع بها حركات ومنظمات أخرى كبيرة في العالم العربي، ولقد ضربت داعش، كما فعلت القاعدة، مثلاً قاطعاً في وضوحه، في الانقضاض على حلفاء الأمس، وقطع اليد التي مُدّت لها بالدعم المالي والتسهيلات اللوجستية والاستخدام الاستخباري ... ولم ينج أحدٌ ممن تورطوا في هذه اللعبة الخطرة، من تداعيات نظرية “انقلاب السحر على الساحر”، والباب ما زال مفتوحاً لفصولٍ صعبة جديدة في هذه اللعبة الدامية.

الذين يلقون بـ “داعش” خارج سياقنا ودواخلنا، إنما يفعلون ذلك عن جهل ورغبة بلهاء في تنقية الدين الحنيف من “رجس داعش”، أو عن خبث ومحاولة للتنصل من المسؤولية أو رغبة في “التوظيف” ... لكن هذه المقاربات، لا تساعد أبداً على استنباط الاستراتيجيات والبرامج الكفيلة بمواجهة “داعش” وأخواتها .... وتجعلنا نقف مشدوهين عاجزين عن تقديم الإجابات على الأسئلة التي يثيرها هذا التمدد السرطاني الكاسح للتنظيم ، فهل نخرج من هذه الثرثرة “واللغو” إلى فضاء التفكير العلمي المسؤول، الذي يتوخى فهم الظاهرة وتتبع سياقات تشكلها وتمددها، ويجترح الحلول لاحتوائها وتخليص مجتمعاتنا من شرورها؟

arabstoday

GMT 13:39 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 13:37 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

GMT 13:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ليلى رستم نجمتنا المفضلة

GMT 13:31 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ظاهرة إيجابية بين الأهلى والزمالك

GMT 13:28 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

GMT 13:26 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 13:25 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 13:23 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الموسوس السياسي... وعلاج ابن خلدون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داعش» صناعة عربية – إسلامية بامتياز «داعش» صناعة عربية – إسلامية بامتياز



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة
 العرب اليوم - خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مورينيو ومويس مرشحان لتدريب إيفرتون في الدوري الانجليزي

GMT 14:39 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

وست هام يعلن تعيين جراهام بوتر مديراً فنياً موسمين ونصف

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تحتفل بألبومها وتحسم جدل لقب "صوت مصر"

GMT 14:38 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتى يحسم صفقة مدافع بالميراس البرازيلى

GMT 14:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جوزيف عون يصل إلى قصر بعبدا

GMT 20:44 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر يونايتد يعلن تجديد عقد أماد ديالو حتي 2030

GMT 14:32 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كييف تعلن إسقاط 46 من أصل 70 طائرة مسيرة روسية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab