في مغزى قرارات الجامعة العربية الأخيرة

في مغزى قرارات الجامعة العربية الأخيرة

في مغزى قرارات الجامعة العربية الأخيرة

 العرب اليوم -

في مغزى قرارات الجامعة العربية الأخيرة

عريب الرنتاوي

أن تكون جامعة الدول العربية، عاجزة ومحدودة التأثير في تقرير وجهة السياسات والعمل العربي المشترك، فهذا أمرٌ بات يندرج في عداد المسلمات، التي لا يختلف حولها كثيرون ... لكن أن يُتخذ من هذا المعطى، سبباً لعدم التوقف عند مغزى ودلالة ما يصدر عنها من قرارات وتوجهات، فتلكم حكاية أخرى، لا نتفق مع القائلين بها.
نهاية الأسبوع الماضي، اتخذت الجامعة على مستوى وزراء الخارجية العرب، قرارين هامين: الأول، أدرجت بموجبه حزب الله في عداد المنظمات الإرهابية... والثاني، توافقت من خلاله على تعيين وزير الخارجية المصرية الأسبق أحمد أبو الغيط، أميناً عاماً جديداً، خلفاً للأمين العام الحالي، الدكتور نبيل العربي.... فأية دلالات يحملها القراران المذكوران، وفي أي سياق يمكن وضعهما؟
وسنبدأ باختيار أبو الغيط أميناً عاماً للجامعة... أبرز ما يميز الرجل أنه شغل منصب آخر وزير خارجية في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وهو صاحب مواقف شهيرة في أثناء عملية “الرصاص المصبوب” الإسرائيلية على غزة 2008/2009، تفوح بأشد مشاعر الكراهية لحركة حماس الفلسطينية، وهو الذي تعهد بتكسير أرجل الفلسطينيين في حال تجاوزا حدود قطاعهم المحاصر إلى المدن والبلدات المصرية المجاورة، بحثاً عن احتياجاتهم المحرومين منها جراء الحصار.
هنا يتكشف قرار مجلس الوزراء العرب، عن عمق التحولات التي طرأت على السياسات والأولويات العربية، بعد سنوات خمس من اندلاع ما بات يُعرف بـ “الربيع العربي” ... فاختيار الرجل لهذا الموقع، وبصرف النظر عن مؤهلاته وقدراته، لا يمكن أن يفهم خارج منطق “تصفية الحساب” مع ثورات الإصلاح والتغيير التي اجتاحت مصر والعالم العربي في الأعوام الأخيرة...والذين عجزوا بالأمس عن تثبيت حسني مبارك في موقعه، أو أعادته للسلطة مرة ثانية، ينجحون اليوم في إعادة أحد أبرز رموز نظامه، إلى رأس هرم العمل الجماعي العربي.
وإذ يتزامن اختيار أبو الغيط لمنصب الأمين العام للجامعة، مع قرار الوزراء العرب بإعلان حزب الله منظمة إرهابية، يصبح لزاماً على المراقب أن يتساءل، عن مغزى القرار بالنسبة لحركة حماس الفلسطينية، فالرجل معروف بمواقفه المعادية لها، والقرار بتعيينه في منصبه، يكاد يعادل قرار الجامعة بشأن حزب الله، والمؤكد أن الحركة لن تجد في مقرالمنظمة العجوز، مكاناً دافئاً تأوي إليه، حتى كذاك التي كانت تجده زمن نبيل العربي، المعروف بمدى ارتهانه للسقف الخليجي على امتداد سنوات عمله الخمس الفائتة.
القرار العربي باعتبار حزب الله تنظيماً إرهابياً، يُعدُّ تحولاً نوعياً في السياسات والأولويات العربية في المرحلة الراهنة، إذ لم يسبق للجامعة العربية، وعلى أي مستوى من مستوياتها، أن تخلت عن حذرها أو”تورطت” في توصيف جماعة تقاتل إسرائيل، بمثل هذا الوصف، حتى في تلك الأزمنة التي شهدت قيام مجموعات فلسطينية ولبنانية وعربية، بارتكاب أعمال، يصعب الدفاع عنها أو تبريرها، فالأولوية كانت على الدوام، لتوفير المظلة والغطاء لكل من يقاتل إسرائيل، أما الخلافات بين الفصائل وهذه العاصمة أو تلك، فغالباً ما كانت تحفظ في إطار البيت العربي الداخلي.
وحتى عندما “تورطت” فصائل فلسطينية في الشؤون الداخلية لدول عربية، وأدى وجودها فيها، إلى زعزعة استقرارها وأمنها، بما في الانخراط في حروبها الأهلية (لبنان مثالاً)، لم يكن الأمر يستدعي اللجوء إلى مثل هذه الإجراءات، ولم يجرؤ أي من هذه الدول على طلب اعتبار منظمة التحرير أو أي من فصائلها الرئيسة، فصيلاً إرهابياً... المشهد اليوم، ينقلب رأساً على عقب، وأولويات أجندة العمل العربي المشترك، تنقلب بدورها رأساً على عقب.
لقد مرت المنطقة العربية بظروف مشابهة، اشتبكت مصر والسعودية في حرب على اليمن، وانتقلت فصائل للقتال إلى جانب “المتمردين” في إقليم ظفار، انطلاقاً من اليمن الجنوبي، وانخرطت المقاومة الفلسطينية في صراعات سياسية ومسلحة مع عدد من الأنظمة العربية، من دون أن تصل الأمور إلى هذه الوضعية المتفجرة، ومن دون أن تبلغ الانقسامات والاستقطاب، درجة التناغم مع الطروحات الإسرائيلية، وحد التعامل مع الدولة العربية، كصديق محتمل في مواجهة عدو مؤكد.
هنا والآن، تتموضع إيران في خانة العدو الأول، حتى لا نقول العدو الأوحد، ولا صوت يعلو على صوت المعركة معها وعليها، حتى الصراع العربي – الإسرائيلي، بات تفصيلاً ثانوياً من منظور هذه المقاربة، ولن يشفع لدولة أو فصيل أو جماعة، أنها تحارب إسرائيل، حتى تحظى بصكوك البراءة والغفران، لكيلا نقول الدعم والتأييد والإسناد ... إنها مرحلة “من ليس معنا فهو ضدنا”، ومعنا هنا، تعني حرفياً: معنا ضد إيران في المقام الأول والأخير.
ستدخل جلسة وزراء الخارجية العرب الأخيرة، تاريخ جامعة العرب، بوصفها نقطة انعطاف كبرى، إن لجهة تسوية الحساب مع “الربيع العربي” أو لجهة إعادة تقويم الأخطار والتهديدات والتحالفات في المنطقة، ولن يقلل من شأن هذا التطور النوعي، أن عدداً من الدول العربية، لاذ بالصمت أو اكتفى بطأطأة الرأس أو “نأى بنفسه” أو “لاحظ” و”تحفظ”.

arabstoday

GMT 00:07 2023 الإثنين ,15 أيار / مايو

سوريا... عادت والعود أحمد

GMT 00:21 2023 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

تطفأ في اليمن وتندلع في السودان

GMT 02:30 2022 الإثنين ,14 شباط / فبراير

أزمة الفكر الاستراتيجي العربي

GMT 04:41 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكوُّن المشهد العربي الجديد

GMT 07:48 2021 الأحد ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

كتاب الشارقة: العمق الفلسطيني

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في مغزى قرارات الجامعة العربية الأخيرة في مغزى قرارات الجامعة العربية الأخيرة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة
 العرب اليوم - بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab