ماذا يعني أن تكون «مفاتيح الحل في جيب بوتين»

ماذا يعني أن تكون «مفاتيح الحل في جيب بوتين»

ماذا يعني أن تكون «مفاتيح الحل في جيب بوتين»

 العرب اليوم -

ماذا يعني أن تكون «مفاتيح الحل في جيب بوتين»

عريب الرنتاوي

زوبعة الانتقادات والإدانات للتدخل الروسي في سوريا، ليست في واقع الحال سوى جانب واحدٍ من الصورة ... الجانب الثاني منها، مبثوث في ثنايا الخطابات والتصريحات الرسمية الصادرة عن عواصم القرار الدولي، لا يلتفت إليه أحدٌ كثيراً ... أما الجانب الثالث للمشهد الإقليمي، الأكثر أهمية، فيتجلى فيما يدور في غرف المفاوضات والاتصالات الدولية، وخلف أبوابها المغلقة.
الرئيس الأمريكي باراك أوباما لم يكتف بتوجيه أشد الانتقادات للتدخل الروسي في سوريا، بل شدد على أنه بلاده لا تنوي الدخول في “حرب بالوكالة” مع روسيا في سوريا، وأبعد من ذلك، فهو لم يتردد في التعبير عن قناعته بإمكانية الوصول إلى حل سياسي لسوريا مع نظيره الروسي ... روسيا ترد التحية بمثلها، ويعبر الرئيس فلاديمير بوتين عن ثقته بأن الأسد سيذهب إلى “حل وسط” في سوريا، فيما وزير خارجيته سيرغي لافروف، يكشف عن “تحضيرات” تجري لدفع أجندة التسوية السياسية.
ألمانيا تقود موقفاً أوروبيا، يستعجل إشراك روسيا وإيران في الجهود الرامية للوصول إلى ضفاف الحل الوحيد الممكن للازمة السورية، وهو الحل السياسي، وهي كبريطانيا، ذهبت للقول بدور للأسد في المرحلة الانتقالية، وفرنسا فعلت الشيء ذاته، قبل أن تشن الخارجية المعروفة بميولها المتشددة، حملة للتراجع عن تصريحات سابقة، وتصعد من وتيرة رفضها مشاركة للأسد في المرحلة الانتقالية، انسجاماً مع الموقف السعودي وتساوقاً معه، بل وتشرع في إجراءات التحقيق بتهم جرائم حرب في سوريا، قارفها النظام ورأسه وجيشه، لكأن السنوات الخمس الفائتة، لم تكن كافية لإجراء مثل هذا التحقيق، الذي بات ضرورياً لرفع “الثمن المقبوض” في صفقة الحل النهائي، في إعادة شبه حرفية، للسيناريو الذي لجأت إليه فرنسا إبّان مفاوضات النووي مع إيران، حيث كانت أكثر المتشددين على مائدة المفاوضات، وأول المهرولين إلى طهران.
إيران، الحليف الأقرب والأكثر نفوذاً للنظام، تُسرب معلومات عن تفضيلها لصيغة (5+1) التي أنجبت “اتفاق فيينا” النووي، لتكون إطاراً لبحث الأزمة السورية، ولا بأس من توسيع نطاق البحث، ليشمل أزمات إقليمية أخرى، في مقدمتها اليمن، وهي كانت قدمت خطوطاً عامة لمبادرة من أربعة نقاط، تبدأ بإجراءات بناء الثقة ولا تنتهي بدستور جديد وانتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة .... وهذه المبادرة تلتقي وتفترق مع مبادرة “فرق العصف الفكري الأربع” التي اقترحها الموفد الدولي ستيفان ديمستورا، الأمر الذي يشي بأن طهران تترك الباب “موارباً” أمام احتمالات حل سياسي، يخرج حليفها من ورطته، بل ويخففها هي بالذات من أعباء هذا التحالف.
أكثر من أي وقت مضى، تبدو مفاتيح الحل السياسي للأزمة السورية، في “جيب بوتين”، فبقدر ما حشدت روسيا من قوات ضاربة على الأرض وفي الأجواء السورية، وبقدر ما يتعاظم الدور الميداني للجيش (الذي كان أحمر ذات يوم)، بقدر ما تتفاقم مسؤوليتها أمام المجتمع الدولي، لقيادة جهود دبلوماسية للوصول إلى حل سياسي توافقي، يراعي الحد الأدنى من حسابات ومصالح اللاعبين الكبار على المسرح السوري.
والحقيقة أن “عقدة الأسد” ستظل حتى إشعار آخر، أهم “عقدة في منشار” الحل السياسي للأزمة السورية، ليس لأن مصائر الرئيس الشخصية والعائلية، هي أكثر ما يقلق دمشق وحلفاءها، وليس لأن رحيل الأسد، هو المبتدأ والخبر في خطاب خصومه وأعدائه ... بل لأن هذه العقدة بالذات، تستبطن مختلف تعقيدات الأزمة السورية، وفيها وحولها تتركز صراعات المصالح والأجندات المتضارية في سوريا.
روسيا جادة في محاربة الإرهاب، إن لم تسقطه اليوم في ساحاتها الخلفية، فستضطر لقتاله في غرف نومها، لا محالة، وهي معنية بمجلة مصالحها واستثماراتها المتراكمة تاريخياً على أرضها ومياهها الدافئة ... وسوريا مهمة لإيران، فهي عنوان وبوابة دورها “المشرقي” ومصدر دورها الإقليمي المتصاعد ... وسوريا مهمة للسعودية، فهي تحتل الموقع الثاني في جدول أولوياتها بعد خاصرتها الضعيفة في اليمن... وسوريا مهمة لتركيا، لا لاعتبارات دور أنقرة الإقليمي فحسب، بل ولضمان وحدة تركيا واستقرارها وكيانها ... سوريا مهمة لجميع الأطراف، ومصير الأسد ومستقبله، بات عنواناً تتلطى خلفه، كل تلك العناوين، وشمّاعة يعلق عليها الجميع، تطلعاتهم وحساباتهم وأجنداتهم.
إن لم تعمل روسيا، على استنفار كل ما بيديها من أوراق لإقناع النظام أو إجباره – لا فرق، على خوض تحدي المصالحة والإصلاح والانتقال، فإن انتصاراتها الميدانية التكتيكية، لن تترجم سياسياً، وقد تنقلب انتكاسات وهزائم على المديين المتوسط والبعيد ... لذا فإن معركة “الانتقال السياسي” في سوريا، لن تقل صعوبة وقسوة، عن معركة دحر داعش واستئصال الإرهاب ... الكرة في ملعب بوتين، وبوتين يدرك ذلك تمام الإدراك، وسنرى في قادمات الأيام، ومع تقدم النجاحات على الأرض في الحرب على داعش، ارتفاعاً في وتائر الاستجابة الروسية لنداءات المصالحة والإصلاح والانتقال السياسي.
سوريا ما بعد التدخل الروسي، لن تظل “حجر الرحى” في إطار ما يعرف بـ “محور المقاومة والممانعة”، ولن تكون على خصومة مع موسكو وطهران .. سوريا الجديدة، لن تشبه تلك التي عرفناها طوال نصف قرن تقريباً ... سوريا الجديدة، لم ترتسم معالمها بعد، ومن السابق لأوانه الإسراف في توصيفها، لكن المؤكد أنها ستكون على غير الصورة التي عُرفت عنها وتميزت بها.

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 06:21 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 06:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يعني أن تكون «مفاتيح الحل في جيب بوتين» ماذا يعني أن تكون «مفاتيح الحل في جيب بوتين»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab