مصر التي في خاطري، ليست هذه

مصر التي في خاطري، ليست هذه

مصر التي في خاطري، ليست هذه

 العرب اليوم -

مصر التي في خاطري، ليست هذه

عريب الرنتاوي

أي قضاء هذا الذي يصدر أحكاماً بالإعدام ضد مئات المتهمين، دفعة واحدة، وفي جلسة واحدة، وبقضية واحدة، وفي أقل من بضع ساعات ... أية خريطة طريق للمستقبل، تلك التي تجعل من إخوان مصر المسلمين تنظيماً إرهابياً، يحظر مجرد التفكير في التصالح معه أو الالتقاء بأعضائه، دع عنك عضويته ومناصرته ... أية خريطة طريق، تحاكم شباب ثورة يناير وتزج بهم في السجون، وتحظر تنظيماتهم التي من دونها، لما آل الحكم إلى العهد المصري الجديد، ولكنّا اليوم نستقبل بالورود والرياحين جمال محمد حسني مبارك، رئيساً لمصر.
ما يجري في مصر هذه الأيام، يدشن صفحة جديدة من الاستبداد، دع عنك عودة رموز الفساد والحكم القديم ... وتحت دخان كثيف من ادعاءات محاربة الإرهاب، يجري تكميم الأفواه ومصادرة العقول، وعودة العمل بقوانين الطوارئ والأحكام العرفية ... ويكفي أن تطلق مبادرة كتلك التي دعا إليها الدكتور حسن نافعة تحت عنوان "بناء التوافقات" حتى تنهال عليك، سهام النقد والاتهام والتخوين والتجريح... لكأن صاحبها جاء "شيئاً فريا".
ما بال نخبة مصر، من مثقفين ونشطاء، يسارين وقوميين وليبراليين، قد عقد الخوف والابتزاز ألسنتهم جميعا، ودفعهم بطش السلطة وهواجس الخوف من الإخوان، إلى "تطليق عقولهم وأقلامهم"، بل وتسخيرها في خدمة نظام يسير بخطى ثابتة، نحو إعادة انتاج الديكتاتورية، والديكتاتورية هي "البيئة الخصبة" لإنتاج الفساد و"القطط السمان"، لكأنا بنظام الرئيس مبارك، يبعثمن جديد، وبصورة أكثر بشاعة، فالأول كان معزولاً جماهيرياً، أما الثاني (الراهن)، فيحظى بـ “شعبوية" تجعل من بطشه أمراً مقبولاً، بل ومرحباً به جماهيرياً.
في عهد الرئيس المخلوع، نجحت حركة "كفاية" في انتزاع شرعيتها من مقاومتها لقانون حظر الاجتماعات العامة ... في عهد النظام الحالي، فقدت حركة السادس من أبريل شرعيتها، لتصديها لقانون حظر الاجتماعات العامة، في طبعته الجديدة، الأكثر تعسفاً من الطبعة السابقة.
في عهد الرئيس المخلوع، نجحت حركة "كفاية" في نزع "القداسة" عن القائد الملهم والزعيم الفذ والعائلة الحاكمة والحاشية الفاسدة والخدم والحشم ... في العهد الجديد، لا يكاد أحدٌ يجرؤ على وصف عبد الفتاح السيسي من دون سلسلة الألقاب التي دجج نفسه به، وإلا صار من الإخوان، أو ربما من "أنصار بيت المقدس"، واستحق ما استحق، من الويل والثبور وعظائم الأمور.
في عهد الرئيس "المعزول"، سطع نجم الإعلام النقدي، وظهر باسم يوسف، كرأس حربة في مواجهة حكم الإخوان و"التمكين" و"الأخونة" ... في العهد الجديد، انطفأ نجم يوسف، وتحوّل معدو البرامج الحوارية إلى "حملة مباخر" في معبد السيسي والجنرالات وأحكام الاستبداد.
الديمقراطية في مصر في خطر، بل وفي خطر شديد ... وخريطة الطريق إلى المستقبل، تفتح الطريق لعودة الاستبداد واستتباعاً الفساد ... وبعد ثورتين وألوف الشهداء وعشرات ألوف الجرحى والمعتقلين، تجد مصر نفسها وكأنها استبدلت المشير الطنطاوي بمبارك، بعد "فاصل إعلاني قصير"، تمثل في فترة حكم مرسي وما أعقبها من سطوع نجم الجنرال، وعودة "القداسة" إلى المؤسسة العسكرية.
ولعل أسواء صفحات خطاب النفاق، هو ذاك الذي يصدر عن مثقفين مصريين كبار، يسعون بطريقة أو بأخرى إلى تمجيد حكم الفرد واستبداده، من خلال القول بأن علاقة مصر بجيشها تختلف عن علاقة مختلف شعوب العالم بجيوشها، وأن جيش مصر، يختلف عن جميع جيوش العالم، منذ مينا مروراً بمحمد علي وعطفاً على عبد الناصر وصولاً إلى السيسي ... إن هؤلاء المنافقين، الذين يتزلفون لنظام الجنرال، إنما يفعلون ذلك، تحت ستار كثيف من الكذب والتضليل، فالجيش المصري لا يختلف عن بقية جيوش العالم، وعلاقته بشعبه، تشبه علاقات كثير من جيوش العالم (ليس بالضرورة جميعها) بشعوبها، أما مكانه الطبيعي فعلى الحدود وفي "البراكسات"، نقطة أول السطر.
بخلاف ذلك، يتحول المثقفون إلى "حملة مباخر" في معابد الفساد والاستبداد، وتتعلق في أعنقاهم، مسؤولية انهيار تجربة التحول الديمقراطي في مصر، ووصولها إلى طريق مسدود، وتحول "أم الدنيا" إلى ساحة إعدام جماعية، عملاً بأحكام قضائية "قراقوشية"، تثير الشفقة والسخرية، بأكثر مما تثير التقدير والاحترام.

 

 

arabstoday

GMT 08:37 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 08:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 08:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 09:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 09:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر التي في خاطري، ليست هذه مصر التي في خاطري، ليست هذه



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
 العرب اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 06:36 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
 العرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 العرب اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 09:11 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

إرهابى مُعادٍ للإسلام

GMT 21:53 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025

GMT 17:11 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عبدالله بن زايد يبحث آخر التطورات مع وزير خارجية سوريا

GMT 09:50 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أزمات قانونية تنتظر عمرو دياب في العام الجديد

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 21:50 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

دنيا سمير غانم تشارك في موسم الرياض بـ مكسرة الدنيا

GMT 00:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

لبنان يتعهد بالتعاون مع "الإنتربول" للقبض على مسؤول سوري
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab