من غزة إلى القاهرة الأمور بخواتيمها

من غزة إلى القاهرة... الأمور بخواتيمها

من غزة إلى القاهرة... الأمور بخواتيمها

 العرب اليوم -

من غزة إلى القاهرة الأمور بخواتيمها

عريب الرنتاوي


احتفاليتان عاشهما الفلسطينيون، في غزة على نحو خاص، خلال أسبوع واحد فقط ... هذا تطور نادر الحدوث، في رقعة اعتادت الحروب والحصار والاعتداءات وتشييع الشهداء: الأولى، صاحبت الاجتماع الأول، والزيارة الأولى لحكومة الوفاق رئيساً وفريقاً إلى القطاع ... والثانية، رافقت وأعقبت مؤتمر المانحين في القاهرة، وما تمخض عنه من وعود إعادة البناء والإعمار والتهدئة المستدام ورفع الحصار وفتح المعابر.

لا نريد أن نعكر على الغزيين صفو فرحتهم، فهم أحوج لها بعد الحرب البربرية التي أحالت مدنهم وبلداتهم إلى خرائب وأنقاض... ومن دون أن نقلل من شأن التطورين المهمين المذكورين، إلا أننا ونحن أبناء تجربة في تجارب المصالحات ومؤتمرات المانحين وصناديق الدعم، لا يسعنا أن نشارك بذات القدر من الحماس، في أنشطة هذه الفعاليات.

سمعنا وقرأنا عن اختراق على طريق المصالحة وتفعيل دور حكومة الوفاق ومد سلطانها إلى القطاع، وقيل إن توافقات حول إدارة المعابر ونشر رجال الأمن وترتيب عمل بعض الوزرات الحساسة كالداخلية مثلاً، قد تم إنجازها، وهذا أمر جيد، ويستحق الإشادة والتشجيع... لكن من همس في آذاننا قال شيئاً آخر تماماً ... تحدث عن حقل من الألغام ما زال على الطريق، وعن احتمالات انفجار أي منها في أية لحظة، فالخلافات بين الجانبين، أعمق من أن تُحل تحت ضغط الحاجة والاضطرار، وهي ستعاود الظهور عن أول لحظة، يشعر فيها أي منهما، أنه قادر على الإفلات والتفلت من “قبضة الضرورة”.

وما قرأناه من تصريحات لبعض المسؤولين على ضفتي الانقسام المتغطي بحكومة الوفاق، يدفعنا لتصديق ما يهمس به هؤلاء، ففي الوقت الذي تنحو فيه السلطة لبسط دورها كممثل شرعي وحيد، في القاهرة وعلى المعابر ومشاريع إعادة الإعمار، نرى ناطقون باسم حماس، ينتقدون ويلوحون ببعض القبضات في مواجهة محاولات التهميش والإبعاد وتقزيم المشاركة.

الأدهى من ذلك وأمر، أن تطورات ما بعد العدوان على غزة، على مساري المصالحة الداخلية وخطط رفع الحصار وإعادة الإعمار، أنعشت خلافات داخلية كامنة، لدى كل فريق من الفريقين، وبشكل خاص في أوساط حركة حماس، حيث تتوارد التقارير، المدعومة بتصريحات ظهرت إلى العلن، تتحدث عن فريق يستعجل “الانغماس” في السياسة والعلاقات الدولية، وربما “المفاوضات المباشرة” مع إسرائيل، وكل ما يقتضيه ذلك من مراجعات وتغييرات في المواقف والمواقع، وفريق ما زال مقتنعاً بخيار المقاومة المسلحة، وما يستجرّه ذلك، من سياسات وإجراءات وتحالفات، تجعل من المصالحة مجرد تفصيل، أو بند من جملة بنود على جدول أعمال الحركة.

الثابت الآن، وفي المدى المنظور على الأقل، أن كلا الجانبين بحاجة للآخر، عباس نفض يديه على ما يبدو من نتنياهو ووعوده الكاذبة ومفاوضاته الفارغة من كل مضمون، وحماس التي أيقنت أنها ستظل حتى إشعار آخر، بحاجة لغطاء شرعي من السلطة والمنظمة، إن لم يكن من أجلها للعبور إلى “المجتمع الدولي”، فأقله لأهل غزة، للخروج من شرنقة الحصار والخرائب التي تطوق يومياتهم.

على المقلب الآخر، انتهى مؤتمر المانحين باحتفالية كبيرة ... أكثر من نصف احتياجات القطاع لإعادة الإعمار تم تأمينها من المانحين الكرماء، ومثل هذا المبلغ، سيخصص لغايات إنعاش اقتصاديات القطاع ودفع عجلتها للأمام ... ولقد تبارت المحاور العربية في تقديم الدعم، وهذا أمر تشكر عليه أياً كانت أسبابه ودوافعه، وفي هذا فليتنافس المتنافسون .... لكن خبرتنا مع مؤتمرات مماثلة، عقدت لغزة وفلسطين، وأخرى لشعوب منكوبة عديدة على سطح هذا الكوكب، برهنت أن “ليس كل ما يبرق ذهباً”، وليس كل الوعود البراقة، ستصرف أموالاً في الصناديق، فكم من صندوق للانتفاضة والأقصى والقدس، ظل خاوياً، برغم الوعود الصريحة التي تقطع أمام الكاميرات، قبل أن تتبخر مع انقشاع الأضواء وانفضاض “الموسم”.

ثم، أن إسرائيل التي نثمن قرار إبعادها عن مؤتمر القاهرة، ما زالت تتوافر على حق الفيتو، وحتى تأخذ قرارات القاهرة طريقها للتنفيذ في غزة، سيتعين عليها المرور بتل أبيب، وهذه على موعد مع رام الله في مفاوضات شاقة، ستبدأ نهاية الشهر في القاهرة، وفي ضوء نتائج هذه المفاوضات، سيكون بمقدورنا ان نقرر ما إذا كنا سنتفاءل أم نواصل تشاؤمنا المعتاد منذ سنوات.

احتفاليتا غزة والقاهرة، مهمتان بلا شك، لكن الأمور بخواتيمها.

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من غزة إلى القاهرة الأمور بخواتيمها من غزة إلى القاهرة الأمور بخواتيمها



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab