من هم خصوم «سايكس – بيكو»

من هم خصوم «سايكس – بيكو»

من هم خصوم «سايكس – بيكو»

 العرب اليوم -

من هم خصوم «سايكس – بيكو»

عريب الرنتاوي

ثلاثة أطراف تعمل على تهديم خرائط “سايكس – بيكو” التي رسمت حدود الدول والكيانات المشرقية: تنظيم الدولة الإسلامية، الجمهورية الإسلامية، أو دولة المركز الشيعي، وتركيا العلمانية المحكومة بحزب إسلامي، لم يعد يجد حرجاً في إظهار انحيازاته المذهبية السنّية.

داعش” بنى دولة الخلافة على امتداد خطوط المذاهب بين سوريا والعراق، وهو ينطلق من إيديولوجيا لا مطرح فيها لمفهوم “الوطن”، بل وينظر للنزعات القومية بوصفها كفراً صراحا ... والتنظيم كما هو معلوم، لا يبالي إن نصّب عراقياً على ولاية الرقة، أو أردنيا على ولاية الموصل، أو سوريا على أية ولاية ليبية ... فهم “الأمة” – الإسلامية بالطبع – مقدم على غيره من “الهويات الفرعية” التي لا يعترف بها التنظيم ولا يقيم لها وزناً.

جمهورية إيران الإسلامية، تعلن انتفاء الحدود بين دول “محور المقاومة”، وقائد الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري يبشر بـ “الوحدة الإسلامية”، وفي أربعينية الحسين، اجتاز مئات ألوف المؤمنين الحدود بين إيران والعراق، لكأنهم تنقّلوا بين ولاية وأخرى في الدولة ذاتها ... الأمر الذي استفز عراقيين كثر، وأشعرهم بأن بلادهم قد تحوّلت قولاً وفعلاً، إلى ملعب خلفي للجارة التدخلية، أو دولة “المركز الشيعي” ... وأسهم هذا السلوك الإيراني، معطوفاً على غيره من مظاهر التغلغل الإيراني في الشأن العراقي، في إذكاء الانقسامات العراقية البينية، وتفخيخ مستقبل العلاقات بين البلدين والشعبين الجارين.

تركيا بدورها، ليست بعيدة عن هذا السلوك، سنوات الأزمة السورية، ومن قبلها الأزمة العراقية الممتدة منذ سقوط بغداد، وفرت لأنقرة ما لم تكن تحلم به من فرص لاستعادة بعضٍ من صفحات تاريخها الامبراطوري الغابر ... تتعامل مع الجارين الجنوبيين لها، لا كدول وكيانات مستقلة وذات سيادة، بل كجماعات سياسية ومذهبية وميليشيات لا أكثر ولا أقل ... تبرر انتشارها العسكري في “بعشيقة” بأنه جاء بناء على طلب من محافظ الموصل (؟!)، وتفتح حدودها لمرور أكثر من ثلاثين ألف مقاتل أجنبي التحقوا بداعش والنصرة... تسعى في “المنطقة الآمنة” شمالي سوريا، بالضد من إرادة حكومتها، وتتخذ من “التركمان” ذريعة (مسمار جحا) لتبرير تدخلها السافر في شؤون البلدين العربيين، تقاتل الأكراد على أرضها بوصفهم خطراً جسيماً وترفع علم أكراد العراق في أنقرة (؟!)، تجوب قواتها وميليشياتها وأجهزتها الأمنية، شمال العراق وسوريا، من دون رقيب أو حسيب، ولطالما بشّرنا أحمد داود أوغلو بقرب انتهاء الحدود بين سوريا وبلاده، تماماً مثلما فعل اللواء الجعفري، ولكن من دون العودة إلى قاموس “المقاومة” و”الوحدة الإسلامية”.

الملاحظ أن كافة القوى التدخلية والتوسعية، دولاً وحكومات، تضيق ذرعاً بحدود “سايكس – بيكو”، حتى وجدنا أنفسنا، نحن الذين طالما نظمنا المعلقات في هجائها، أشد حماسةً لها واستمساكاً بها، فهي آخر خطوط”الدفاع الشرعي” عن حدود الأمة العربية، التي ضربها الوهن والتخلف والتفكك والفشل، وأصابها في مقتل.

والملاحظ أيضاً، أن القوى، دولاً وجماعات، التي تناصب “سايكس” و”بيكو” أشد العداء، إنما تصدر عن خلفية دينية/ مذهبية فاقعة، أو بالأحرى، تحاول أن تغطي أجنداتها التوسعية ومصالحها العميقة في الهيمنة على الأرض والمقدرات العربية، بشعار ديني / مذهبي مُضلل ... “الشعار الإسلامي” وحده القادر على تسويق وتسويغ الاعتداءات على السيادة واختراقات الحدود ونزعات الهيمنة ... فلا الشعار الوطني في حالة “داعش” يمكن أن يكون “توحيدياً” ولا الادعاءات القومية، في الحالتين التركية والإيرانية، يمكن أن تنفع كغطاء للتمويه والتورية على أشد الأطماع القومية والنزعات التوسعية وأكثرها انفلاتاً.

والمؤسف أن عرباً كثراً، عراقيين وسوريين وغيرهم، لا يرون غضاضة فيما يجري، فقد سبق لهم أن ابتلعوا الطعم، وازدردوا حكاية “الأمة الإسلامية”، فنرى على سبيل المثال لا الحصر، تياراً عريضاً كالإخوان المسلمين وبعض المدارس السلفية، تنظر إلى أردوغان بوصفه “خامس الخلفاء الراشدين”، ونرى تيارات وميليشيات شيعية، تنظر إلى المرشد الأعلى، بوصفه “الولي المعصوم” الذي لا يأتيه الباطل عن يمين أو شمال.

مثل هذه المدارس السياسية والفكرية التي انتشرت وتعمقت في التربة العربية في السنوات العشر أو العشرين الفائتة، تعمل اليوم، كرؤوس جسور للتدخل الأجنبي وتهديد السيادة والتفريط بمصالح الأوطان، وهي تخطئ إذ تخفق في التمييز بين حسابات السياسة والتحالفات اليومية في النزاعات المندلعة في بلدانها من جهة، وبين مستقبل هذه “الأوطان” ومصائر السيادة والحقوق من جهة ثانية.

والمحزن المؤسف حقاً، إن إسلاميي إيران وتركيا، على اختلاف مرجعياتهم المذهبية، يظهرون قدراً أعلى من الاحترام لأوطانهم وقومياتهم ومصالحها ونزعاتها التوسعية، في حين يبدي الإسلاميون العرب، انسحاقاً واضحاً أمام نظرائهم في دول الجوار الإقليمي، وتبعية مذلّة حقاً، حتى أنهم لا يخجلون إذ يتطوعون للدفاع عن “شرعية” التدخلات التركية والإيرانية في الشؤون الداخلية لبلدين عربيين أساسيين.

يبقى أن نشير إلى أن المشكلة لا تنحصر في الإسلاميين، فهناك عرب من تيارات أخرى، يفعلون الشيء ذاته، لكن الظاهرة تكاد تكون أكثر فداحة وتمركزاً لدى الإسلاميين، لذا اقتضت الإشارة والتنويه.

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 06:21 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 06:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من هم خصوم «سايكس – بيكو» من هم خصوم «سايكس – بيكو»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab