واشنطن والفلسطينيون  من الوساطة إلى العداوة

واشنطن والفلسطينيون ... من "الوساطة" إلى "العداوة"

واشنطن والفلسطينيون ... من "الوساطة" إلى "العداوة"

 العرب اليوم -

واشنطن والفلسطينيون  من الوساطة إلى العداوة

عريب الرنتاوي

لأكثر من عشرين عاماً، نجحت الولايات المتحدة في “اختطاف” الملف الفلسطيني بالكامل، حيّدت الأمم المتحدة وأبعدتها، وحوّلت الرباعية الدولية إلى شاهد زور، وجعلت من “القارة العجوز” مجرد “مموّل” لمبادراتها ومشاريعها، وفي أحسن الأحوال، سمحت لها القيام بدور “الدوبلير” لملء فراغها حين تشتد عليها التزاماتها، الداخلية منها والخارجية، فماذا كانت النتيجة؟
أخفقت واشنطن في جميع مساعيها للوصول إلى حل تفاوضي للقضية الفلسطينية، لا هي نجحت في إنهاء الاحتلال أو وقف الاستيطان، ولا هي ساعدت على تجسيد “حل الدولتين”، وبدلاً من هذا وذاك، شهدت الفترة الممتدة منذ قيام السلطة الفلسطينية حتى اليوم، اندلاع انتفاضة ثانية، وقيام إسرائيل بعملية السور الواقي وإعادة احتلال كل شبر من الضفة الغربية واغتيال ياسر عرفات (وربما محمود عباس لاحقاً)، وشنت القوات الإسرائيلية ثلاث حروب متعاقبة على قطاع غزة، ونفذت أجهزة الأمن الإسرائيلية عشرات عمليات الاغتيال والتصفيات الجسدية، واعتقلت عشرات ألوف الفلسطينية، وزرعت ما يزيد عن 650 ألف مستوطن في الأراضي المحتلة العام 67، ونشرت المستوطنات كالنبت الشيطاني على أراضي الفلسطينيين، مقطعة أوصالها، ومدمرة أية فرصة لبناء دولة فلسطينية متصلة، مستقلة وقابلة للحياة.

عن عجزٍ أو وهمٍ أو إفلاس، واصلت القيادة الفلسطينية طوال هذه المدة “تجريب المجرب”، وظلت على وفائها لنظرية “المفاوضات حياة”، و”لم تخرج يوماً عن النص” الموضوع منذ مدريد – أوسلو، وظلت الآمال معلقة على البيت الأبيض، علّه يستيقظ ذات صباح جميل على الحاجة لحل القضية الفلسطينية، وإنهاء آخر الاحتلالات على سطح الكرة الأرضية، وتجرع جيلان من الفلسطينيين سموم الاحتلال والاستيطان والعدوان، ومن دون نتيجة تذكر.

وعندما طفّت كؤوس الفلسطينيين وضاقت صدورهم، لم يجدوا سوى “الشرعية الدولية” ملاذاً لهم، فذهبوا لمجلس الأمن بمشروع قرار تضمن المزيد من التنازلات المجانية المُذلة ... لكن ذلك لم يشفع لهم، فتصدت لهم واشنطن بكل جبروتها وأحبطت محاولتهم الأخيرة لتدارك ما يمكن تداركه، بحثاً عن قسط من العدالة وقدرٍ من الإنصاف، فلم يبق لهم سوى طرق أبواب العدالة الدولية، علهم يجدون لديها ما أخفقوا في الحصول عليه من أروقة الشرعية الدولية.

غريب واستفزازي هذا الموقف الأمريكي الذي يحمل على الفلسطينيين لمجرد لجوئهم إلى الشرعية أو العدالة الدوليتين، فلم يبق في القاموس الأمريكي من أوصاف للخطوة الفلسطينية سوى القول بأنها “إرهاب داعشي الطراز”، غريب هذا النفاق الأمريكي الذي لم يعد مقنعاً لأحد على الإطلاق، فلا الدولة العظمى قادرة أو راغبة في نصرة الحق الفلسطيني، ولا هي في مستعدة للسماح لهم بطرق أبواب المجتمع الدولي بشرعيته وعدالته وقوانينه.

من أغرب “المبررات” التي تسوقها واشنطن لشرح موقفها المعادي للفلسطينيين، وصف الخطوات الفلسطينية الأخيرة بأنها “أحادية الجانب”، وأنها ستكون مسؤولة عن انهيار عملية السلام ... عن أي سلام وأية عملية يتحدث هؤلاء؟ ... ومن المسؤول عن فشل السلام؟ ... ألم يحن الوقت لتدرك واشنطن، أنها هي، قبل إسرائيل وأكثر منها، من يتحمل وزر الفشل والطرق المسدودة لهذه العملية ... فعندما تجد إسرائيل من يشجعها ويسوغ لها ويحميها في احتلالها للأرض واستيطانها وتهويدها وفي تكرار عدوانها على الشعب، عندما تجد إسرائيل أن بمقدورها أن تكون الدولة الوحيدة القادرة على “الإفلات من العقاب”، عندما ترى إسرائيل أنها كلما أمعنت في التنكر للحق الفلسطيني والعمل على مصادرته، كلما حظيت بمزيد من الدعم السياسي والمالي والعسكري من أكبر دولة في العالم، لماذا تنصاع لصوت الشرعية والقانون الدولي، ولماذا تتوقف عن ممارساتها وسياساتها العدوانية، ولماذا تنصاع لنداء الضمير العالمي وصوت الرأي العام العالمي.

إن كان ثمة من توصيفات تشخص الموقف الأمريكي الأخير، فهي أنه موقف “لا أخلاقي”، ويتعارض مع كل ما تبشر بها واشنطن من قيم ومبادئ حول حقوق الانسان وتقرير المصير والشرعية الدولية والقانون الدولي، والمؤكد أن مواقف كهذه هي التي تجيب عن السؤال الأشهر: “لماذا يكرهوننا؟” ... وهي التي ستسهم في تغذية الغلو والتطرف وتفشي مظاهر الإرهاب.

واشنطن بدفاعها الأعمى عن جرائم إسرائيل، ومحاولاتها منع الفلسطينيين من اللجوء إلى ملاذ الشرعية والعدالة الدوليتين، توسع دائرة أعدائها في المنطقة، وتجعل حياة أصدقائها وحلفائها صعبة للغاية إن لم نقل مستحيلة، وتقدم أجل الخدمات لـ “داعش” وأخواتها، وكل ذلك كرمى لعيون “دواعش” إسرائيل ومتطرفيها وإرهابييها.

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن والفلسطينيون  من الوساطة إلى العداوة واشنطن والفلسطينيون  من الوساطة إلى العداوة



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab