من المستفيد إذا وصلت علاقات مصر بدول الخليج العربى إلى طريق مسدود يؤدى إلى قطيعة كاملة؟
من المستفيد إذا أصبح كل طرف فى خندق مضاد للآخر؟ من المستفيد إذا توقف الدعم المالى والبترولى الخليجى لمصر؟
من المستفيد إذا تعرضت العمالة المصرية فى الخليج إلى خطر وتناقصت تحويلات المصريين إلى بلادنا؟
قبل أن ندخل فى التفاصيل نستطيع أن نؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن مصر والسعودية والإمارات فى حال حدوث قطيعة -لا قدر الله- كلها خاسرة.
إنه نوع من الخلاف كافة أطرافه خاسرة، وكأن يدك اليمنى تتشاجر مع يدك اليسرى.
القوى المستفيدة من وصول العلاقات إلى طريق مسدود هى: إيران وقطر وتركيا وجماعة الإخوان المسلمين ونظام بشار الأسد.
إيران تستفيد لأن مصر هى القوة الإسلامية السنية الأكبر فى المنطقة، وهى القوة العسكرية رقم 12 فى العالم، وصاحبة القوة البحرية الأولى فى البحر الأحمر، وهى طرف أصيل وأساسى فى فرض رقابة بحرية على السلاح الإيرانى الذى يراد تهريبه إلى الحوثيين فى اليمن.
إيران تستفيد من فك أى تحالف مصرى مع السعودية، وأى تحالف مع الإمارات التى تعتمد على القوة العسكرية المصرية كرصيد استراتيجى مستقبلى لأى تطور للخلاف الإماراتى مع إيران حول مسألة الجزر الإماراتية المحتلة.
تركيا تستفيد لأن «أردوغان» يعتقد جازماً أنه الوريث السنى الشرعى للعلاقة المصرية مع السعودية، وما زال يشعر بالغضب لأن الإمارات جمدت استثمارات وصفقات تصل إلى 15 مليار دولار مع تركيا بسبب موقف «أردوغان» من ثورة 30 يونيو 2013.
وقطر تستفيد من هذا النزاع كى تثبت لكافة شركائها فى مجلس التعاون الخليجى سلامة موقفها المعادى لنظام الرئيس السيسى، وأن الضغوط التى مارسها أعضاء المجلس ضد قطر لإصلاح العلاقة مع مصر كانت خاطئة.
من المؤكد أن رسالة قطرية بالفعل ستكون وصلت الرياض وأبوظبى تقول: «هل صدقتمونا الآن فيما قلناه لكم عن الحكم فى مصر؟».
ومن المؤكد أن «أردوغان»، الذى يزور الرياض عند كتابة هذه السطور، سوف يردد هذه الرسالة عند لقائه بالملك سلمان.
نظام بشار الأسد سوف يشعر بنشوة أن مصر بثقلها العربى الكبير ليست فى المحور العربى المعادى لجرائم نظامه.
جماعة الإخوان المسلمين بتنظيمها الدولى وتنظيمها المحلى فى مصر سوف تكون أكثر المستفيدين من فك التحالف المصرى مع دول الخليج العربى وتناقص الدعم السياسى والمالى لحكم الرئيس عبدالفتاح السيسى.
بالطبع سوف تقع قوى إعلامية فى مصر والسعودية والإمارات فى مصيدة التراشق الإعلامى الذى قد يصل بالعلاقات والمصالح المشتركة إلى نقطة اللاعودة.
بداية الحل هى تشخيص صادق وشفاف لطبيعة المشكلات دون خجل أو زيادة.
أهم ما فى المسألة هو وجود قنوات الاتصال العاقلة الحريصة على العلاقة من كلا الطرفين.
مرة أخرى لقد وقع الضرر، وحان الوقت لمنعه من التزايد واحتوائه إذا لم يكن قد فات الوقت.