الأميركان لا أوفياء وفعلاً أغبياء

الأميركان.. لا أوفياء وفعلاً أغبياء

الأميركان.. لا أوفياء وفعلاً أغبياء

 العرب اليوم -

الأميركان لا أوفياء وفعلاً أغبياء

عماد الدين أديب
بقلم : عماد الدين أديب

حلفاء واشنطن العرب في خطر شديد إن لم يقرأوا جيّداً "معنى التخلّي الفوضوي الغبي الأداء" للأميركيين عن حليفهم الأفغاني.
ثلاث مستجدات يمكن استخلاصها من سقوط كابول:
1- إدارة بايدن هي استمرار عقائدي لإدارة أوباما، ولكن بأداء أكثر سوءاً، وبتنفيذ أكثر ارتباكاً.
2- مواجهة الصين وروسيا هي الأولوية الاستراتيجية الكبرى، وليس الشرق الأوسط.
3- الأقوياء، الذين يمكن الاعتماد عليهم في إدارة ملفات المنطقة، هم إسرائيل، تركيا، وقريباً إيران بعد الاتفاق النووي الجديد.
هذه النتائج إن لم نفهمها هلكنا وانكسرنا، لأنّ إدارة العالم العربي من الآن فصاعداً سوف يلزّمها الأميركيون إلى قوى غير عربية هي تل أبيب وأنقرة وطهران.
لا مانع عند فريق بايدن أن يتم استخدام الميليشيات في ليبيا أو إيران أو سوريا لمساندة ودعم سياسات "التلزيم" الآتي لملء فراغ التخلّي الأميركي عن الوجود المباشر في المنطقة
ملء الفراغ الأميركي في المنطقة لن يُعطى لقوى الاعتدال العربي.
فمفهوم جيلو سوليفان وديفيد وويليام بيرنز وويندي شرماه، هو الرهان على الأقوياء على الأرض الذين يسيطرون على الفوضى والمصالح والحدود والأراضي، حتى لو كان ذلك من خلال احتلال تركي في العراق وسوريا وليبيا، أو سيطرة إيرانية في اليمن والعراق ولبنان، أو تهديد وعربدة إسرائيليّيْن في المنطقة من سوريا إلى لبنان فإيران.
ولتحقيق هذه السياسات يراهنون الآن في واشنطن على أدوار قطر وتركيا وإثيوبيا.
ولا مانع عند فريق بايدن أن يتم استخدام الميليشيات في ليبيا أو إيران أو سوريا لمساندة ودعم سياسات "التلزيم" الآتي لملء فراغ التخلّي الأميركي عن الوجود المباشر في المنطقة.
مرّة أخرى يُعاد تسويق الرهان على الإسلام السياسي لخلق ربيع عربي جديد، ولكن بتعديلات كبيرة تستفيد من الربيع العربي في جزئه الأول.
"الربيع العربي - 2" سيكون بالرهان على تأهيل وتدريب وتسويق إسلام سياسي بعيد عن سوء الإدارة والتوحّش في الأداء.
مطلوب الآن " نيو طالبان" و"نيو حرس ثوري" و"نيو حوثيون" و"نيو شيعة" و"نيو إخوان مسلمون" و"نيو نهضة".
هذا التصوّر الساذج الانتهازي هو قمّة في الجهل بقانون الفعل وردّ الفعل، وحقيقة الأصول الفكرية لتنظيمات الإسلام السياسي وجذورها وهياكلها وموروثها العقدي.
مثلاً حركة طالبان، التي أُسِّست سنة 1994، تعتبر حركة قومية-إسلامية سنّية مسلّحة ترفع شعار التطبيق الصارم لمفهومها الخاص بالشريعة تحت مسمّى إمارة أفغانستان الإسلامية. ويُقدّر عدد قوّاتها المحاربة ما بين 220 و250 ألفاً من المحاربين المسلمين.
تؤمن حركة طالبان بمبدأ الحاكمية لله وحده، متأثّرةً بالمدارس الدينية "الديوبوندية الأصولية" المتأثّرة بالفهم الهندي المتشدّد للسذاجة الإسلامية.
دخلت طالبان حروباً متعدّدة. فلم تهدأ منذ تأسيسها، وكانت أولاها الحرب الأهلية الأفغانية (1992 - 1996)، الحرب الأهلية الطاجيكية (1992 - 1997)، ثم مرة أخرى الحرب الأهلية (1997 - 2001)، ثم مواجهة الغزو الأميركي حتى 2021.
مثلاً فكر الحرس الثوري الإيراني هو فكر مذهبي شيعي يعتمد على مبدأ ولاية الفقيه، وقد اُعتُمد هذا الفكر بشكل رسمي ودستوري في دستور 1979 حينما طلب آية الله الخميني إدخال هذا الفكر والمذهب في دستور البلاد المعمول به منذ 41 عاماً حتى الآن.
الحرس الثوري هو ذراع الإمام الذي ينفِّذ فكر الإمام الغائب إلى حين عودته، ويعمل من أجل نشر وتصدير الثورة إلى الخارج بحيث يتم إعداد وتهيئة البلاد والعباد لهذه العودة المنتظرة.
تمّت ترجمة هذا الفكر إلى نظام سياسي في دولة تطلق على نفسها جمهورية إيران الإسلامية، وتعتبر أنّ فكر الغرب معادٍ للإسلام، وأنّ الولايات المتحدة هي الشيطان الأكبر.
مثلاً جماعة الإخوان المسلمين هي جماعة سنّية سلفية أسّسها حسن البنّا، وهو شاب خريج كلية دار العلوم في الإسماعيلية عام 1929، على أساس فكر الطريقة "الحصافية الصوفية" التي هي جماعة خرجت، ظاهرياً، في بداية الأمر تدعو إلى مواجهة الفجور والتفرنج والتغريب التي سادت المجتمع المصري بتأثير من الاحتلال، وتزامنت مع بدء تأسيس الجامعة المصرية، ووضع دستور 1923، وعودة البعثات الأجنبية المصرية من باريس، وظهور الحياة الفنية، وتأسيس الصحافة المطبوعة.
مرّة أخرى يُعاد تسويق الرهان على الإسلام السياسي لخلق ربيع عربي جديد، ولكن بتعديلات كبيرة تستفيد من الربيع العربي في جزئه الأول
مع الوقت تحوّلت جماعة الإخوان إلى جماعة سياسية ذات تنظيم مسلّح سرّيّ، وأصبح لها تنظيم دولي يحظى بالرعاية الإنكليزية منذ ذلك الوقت حتى الآن، وله أفرع في 82 دولة، وتمويل غير محدّد المصادر.
ثلاثتهم، طالبان والحرس الثوري وجماعة الإخوان، لديهم خطوط اتصال دائمة مع واشنطن.
وثلاثتهم يُنظر إليهم داخل المؤسسات الأمنية الأميركية على أنّهم "قوى متشدّدة ذات شعبية فاعلة يمكن الاعتماد عليهم والرهان على قدرتهم في السيطرة على مجتمعاتهم بالتعاون مع أميركا".
ظهر هذا الفهم في الاتفاق النووي الأول مع إيران، وفي التنسيق الحالي مع طالبان، وفي احتضان أوباما وكونداليسا رايس من قبل لجماعة الإخوان.
هذا الرهان الأحمق الساذج الانتهازي البراغماتي الغائب عن الوعي السياسي سوف ينفجر في وجه واشنطن، لأنّ الأصول الفكرية "لهذه الجماعة لا يمكن أن تجعلها معتدلة ولا ديموقراطية ولا ضد العنف".
المذهل أنّ التقويم الموضوعي للخروج الأميركي من أفغانستان يؤكّد، بما لا يدعُ مجالاً للشكّ، أنّ هذا لا يمكن أن يكون:
1- أداء القوة العظمى في العالم.
2- سياسة دولة كانت تسيطر وتحتلّ وتدير بلداً خارج العصر، مقسّماً ومهشّماً جغرافياً وقبلياً، وضعيفاً اقتصادياً.
3- أداء عسكرياً لدولة تقود حلف الناتو، ورائدة في علم اللوجستيّات العسكرية.
إنّ ألفباء الانسحاب العسكري والخروج السياسي من دولة هي أمرٌ يُدركه أبسط جنرال في أبسط دولة من العالم الثالث.
يجب أن يكون الخروج منظّماً بحيث يضمن الآتي:
- حصر أعداد القوات والأسلحة والقواعد، ووضع جدول زمني مبرمج لتنظيم الخروج بشكل يضمن أمان وسلامة القوات.
- حصر عدد القوى المحلية التي تعاونت مع الإدارة الأميركية، وتنظيم أوراق وإجراءات سفرها بعد حصرها حصراً دقيقاً.
- التأكّد من أنّ السلاح والمعدّات التي تمّ تركها ستكون تحت إدارة وتصرّف واستخدام القوى الحليفة.
- يضاف إلى ذلك كلّه تأمين الانتقال السياسي، والحصول على ضمانات على أنّ شكل الحكم الجديد قد تمّ الاتفاق على تفاصيله بين حكومة أشرف غني وطالبان بحيث يحدث انتقال تشاركيّ بالتراضي، وليس بسقوط نظام وتسليم البلاد لطالبان.
أتذكّر، ولا أنسى، دعوة إفطار مع الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في شرم الشيخ عام 2009، حينما قال لي: "يا ابني المتغطي بالأمريكان عريان".
ثم عاد وقال: "ضمانة الحكم لا يمكن أن تعتمد على أيّ قوى عالمية حتى لو كانت الأمريكان. قوتك هي في مدى رضاء شعبك عنك".
أبلغ تعبير عن كوارث التخلّي الأميركي ومأساة تسليم الحليف الحالي إلى عدو أميركا السابق يأتي في العبارة البليغة للدكتور هنري كيسنجر كاهن الدبلوماسية الأميركية الأعظم: "أن تكون عدوّاً للولايات المتحدة الأميركية يمكن أن يكون أمراً خطيراً، ولكن أن تكون صديقاً لها فهذا أمر قاتل".
"الرسالة وصلت".

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأميركان لا أوفياء وفعلاً أغبياء الأميركان لا أوفياء وفعلاً أغبياء



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab