بقلم - عماد الدين أديب
من أهم الدروس التى يتعلمها كل من يمارس سلطة الحكم منذ بدء التاريخ حتى الآن هو درس «معرفة حدود القوة وعدم تجاوزها».
وهناك فصل كبير يتم تدريسه فى الجامعات المتخصصة فى العلوم السياسية، وهو مبحث خاص يحمل اسم «حدود استخدام القوة».
وتعريف القوة هنا يشمل: قوة السلطة، أو المال، أو الأمن، أو القوة العسكرية، أو قوة المنصب، أو المكانة القبلية أو العائلية أو الدينية أو الروحية.
استخدام القوة ليس بطاقة دعوة مفتوحة يتم اللجوء إليها «حسب الطلب» أو «بشكل عاطفى ثأرى أهوج»، ولكنه مسألة تخضع لقواعد وضوابط وأصول.
فى التعامل مع قوة المنصب أو السلطة أو المال أو المكانة أو الإرث التاريخى لا بد من إدراك الإجابة عن عدة أسئلة: كيف؟ ولماذا؟ ومتى؟ وأين؟ وبأية أدوات؟ ومع أى أشخاص يتم استخدام هذه القوة؟
وأخطر ما فى الأمر هو ألا يكون صانع القرار مدركاً بشكل دقيق لعناصر الموضوع وأبعاد الصراع وحقيقة مواقف الأطراف والوزن النسبى لكل طرف من الأطراف.
والأمر الأكثر خطورة ألا يدرك صانع القرار متى يتوقف، وإلى أى حد يمارس هذه القوة؟
أحياناً «غطرسة القوة» تُغرى صاحبها بالإفراط فى ممارسة القوة، فنجد «هتلر» يتجاوز حدود بلاده ويصل إلى الاتحاد السوفيتى، ونجد «صدام» يغزو الكويت، ونجد رجال أعمال يتورطون فى صفقات أكبر من قدراتهم، ونجد شركات تتوسع أضعاف حجم طاقتها، ونجد حكاماً على مر التاريخ يتعاملون مع شعوبهم وكأنهم يمتلكون الأرض ومَن عليها.
كل هؤلاء قَتَلهم غرورهم، وكانوا ضحايا غطرسة القوة.
كل هؤلاء عرفوا كيف يبدأون ولكن لم يعرفوا أين ومتى يتوقفون.