«السيسى» والتحوط للأزمات

«السيسى» والتحوط للأزمات

«السيسى» والتحوط للأزمات

 العرب اليوم -

«السيسى» والتحوط للأزمات

بقلم - عماد الدين أديب

أعتقد أن البعض منا يحتاج إلى التعمق أكثر لفهم بعض قرارات الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى أثبتت الشواهد والتجارب أنها ترى الخطر قبل وقوعه، وتستعد للأزمات قبل حدوثها، وتتحوط للمخاطر بشكل مسبق.

ولعل كثيراً من الأحداث والقرارات منذ عام 2014 تثبت قدرة الرجل على الرؤية الاستباقية.

قال فلاسفة الجدل: لماذا قناة أخرى لقناة السويس؟ ولماذا إنفاق 60 مليار جنيه؟ وجاءت الإجابة فى ارتفاع دخول تحصيل المرور بشكل غير مسبوق.

قال الفلاسفة: لماذا شراء حاملتى طائرات هليكوبتر من فرنسا، وغواصات من ألمانيا؟ وجاء تهديد الغاز من قبَل القرصنة التركية فى شرق البحر المتوسط لكى يؤكد أن حماية تريليونات الأقدام المكعبة من الغاز هى مسألة حياة أو موت.

نفس الشىء لم يفهمه البعض عند إصرار الرئيس على مشروع أنفاق قناة السويس التى تربط شرق القناة بغربها بشكل أبدى.

قال الفلاسفة: لماذا قاعدة محمد نجيب فى الإسكندرية وقاعدة «برنيس» فى البحر الأحمر؟ وجاء خطر حروب بحرية فى المتوسط من التركى، وتهديد أمن الخليج من الإيرانى فى الخليج والبحر الأحمر ليؤكد أن من ليس له قوة بحرية سيعيش فى خطر عظيم.

قال الفلاسفة: لماذا هذا التسارع المخيف على إقامة حالة اكتفاء ذاتى من اللحوم والأعلاف والدواجن والمزارع السمكية من خلال استثمارات الحكومة وجهود القوات المسلحة؟ وثبت أن الدول فى ظل الأزمات الطبيعية لا يمكن أن تقف صامدة إلا إذا كانت لها قاعدة صناعة وطنية قادرة على توفير مخزون سلعى للمواد الأساسية والغذائية، خاصة فى حال توقف وسائل النقل الدولية.

قال الفلاسفة: لماذا هذا الإنفاق الضخم على تدعيم قاعدة النظام الهندسى والصحى فى القوات المسلحة المصرية؟ وثبت فى أحداث الكورونا أن هذه المؤسسة هى الجدار الصلب القادر على الإدارة والسيطرة والتعقيم وتوفير المستشفيات الميدانية على مساحة مصر طولاً وعرضاً.

اليوم معركة الرئيس المصرى مع «الكورونا» أدق وأصعب من مواجهاته وتحدياته السابقة فى يناير 2011، وكوزير دفاع فى ظل حكم الإخوان، وفى ثورة 2013، وفى بناء الدولة المصرية الحديثة من البشر إلى الحجر، ومن قناة السويس إلى العاصمة الجديدة، ومن إسكان سكان العشوائيات إلى علاج فيروس سى، ومن تطوير الجيش إلى بناء الأجهزة السيادية.

مشكلة معركة «الكورونا» أنها لا يمكن أن تكون معركة قائد بمفرده لكنها قضية شعب بأكمله عليه أن يلتزم بها.

كل هذه المواجهات، وكل هذه التحديات، رغم صعوبتها، إذا تم إيجاد الفهم الصحيح، والإرادة القوية، والإدارة الكفؤة، والموارد المطلوبة، بشكل مخلص وعلمى، فهى قابلة للحل والإنجاز والإنجاح. أما فيروس الكورونا فهو أصعب من كل هذه التحديات! لماذا؟

المشاكل السابقة هى تحديات صعبة لكنها معلومة الأسباب ومعروفة الحلول، وهناك تراكم تجارب تاريخية ودولية سابقة فى التصدى لها.

«الكورونا» فيروس غامض، وباء يجتاح العالم، حالة غير مسبوقة فى المائة عام الماضية، وقف أمامها العلم والعلماء، ووقفت الحكومات والدول، والشركات والبورصات، موقف العاجز المشلول!

«الكورونا» هو ذلك المجهول الذى لم يتم بعد معرفة أسبابه، وطرق تكاثره، وأساليب السيطرة عليه، وإيجاد مصل وعلاج شافٍ منه.

فى العسكرية يستطيع أى قائد أن يحارب أى عدو شريطة أن تتوافر له أولاً قاعدة بيانات دقيقة عن شكله، حجمه، تركيبته، طريقة تكاثره، نقاط قوته.

 نقط ضعفه.. «الكورونا» باختصار هو مجهول غامض للغاية.

رجل الاستخبارات العسكرية الذى أدار دفة هذا الجهاز فى أدق فترة فى تاريخ مصر يعرف أكثر من غيره أن الاستخبارات العسكرية تسمى «الاستخبارات العسكرية والاستطلاع» لأنهما يكونان أساسيين لا يستغنى أحدهما عن الآخر؛ استخبار دون استطلاع.

فى حربه مع «الكورونا» يتعامل الرئيس السيسى مع المجهول الأعظم الذى يحير أكثر من 200 دولة فى العالم، ويهدد سكانها وأنظمتها، واقتصادياتها، ويهددها بالشلل والانعزال والتوقف والخسائر.

إدارة الرئيس للأزمة كانت سريعة يقظة، وأهم من ذلك كله إنسانية وطنية، بدأت بإرسال طائرات مصرية لنقل المصريين من الصين إلى الوطن، إلى عمل حزمة إجراءات احترازية لحماية الناس، وصولاً إلى توفير أكثر من مائة مليار جنيه لمواجهة الآثار الاقتصادية لتوقف الأعمال وتداعيات الأمر على العمال اليوميين وصغار الطبقات.

أهم ما فى إدارة الرئيس السيسى للأزمة أنك تجده لا يهتز لأنه -فى كل مرة- يكون محتاطاً لها. سمة «الحيطة والتحوط» هى مكون أساسى فى شخصية الرجل بشكل فطرى ومن تراكم الخبرة.

يبدو أن جذوره فى النشأة بحى الجمالية وسط بيت فيه أب يجمع بين صناعة الحرف والتجارة، وهو أمر يحتاج دائماً إلى الحرص والحيطة فى إيجاد المادة الخام للصناعة وتوفير السيولة اللازمة.

جذور هذا الأمر تأتى من إعجابه الشديد بشخصية الرئيس أنور السادات الذى قاد حربى التحرير والسلام، وكلاهما قام على التحوط والمباغتة والمبادرة وحسن تدبير الموارد.

جذور هذا الأمر من العمل فى رئاسة المخابرات العسكرية واستطلاع وانتقال ملفات داخلية وأمنية له عقب أحداث يناير 2011 وسقوط أجهزة سيادية أخرى وتحمّله وحده مسئولية مركّبة غير مسبوقة لرجل عسكرى وجهاز عسكرى يقوده.

جذوره فى القدرة على إدارة ثورة 2013، وحمايتها وإحداث نقلة نوعية فى القوات المسلحة كوزير دفاع ثم كقائد أعلى حينما أصبح رئيساً.

اهتمام الرئيس بمتابعة شئون العالم، ودراسته فى كلية أركان الحرب الأمريكية، واهتمامه بدراسة التجارب الناجحة لإدارة شئون البلاد فى دول مثل: «الصين واليابان والهند وسنغافورة وألمانيا». ذلك كله شكّل عنده قدرة حقيقية لرؤية تحديات الواقع والاستعداد لطوارئ المستقبل القريب.

لذلك ليس غريباً أن يكون لدى الرئيس ملفات خاصة لموارد مادية، ومخزون سلعى، ونوعية تسليح، وخطط طوارئ لأمور يصعب أن يتخيلها غيره، لأنه تعلّم بالتجربة والدراسة أن أهم شرط من شروط إدارة الأزمات هو السعى لتجنبها والاستعداد لها حتى لا يسقط ويفشل المتضرر منها نتيجة هول المفاجأة!

شكراً لله.. شكراً عبدالفتاح السيسى.

arabstoday

GMT 08:34 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الشباب والأحلام!

GMT 06:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 06:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 06:22 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نحن واللحظة الحاسمة

GMT 06:16 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... القول ما قالت «ندى» الجميلة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«السيسى» والتحوط للأزمات «السيسى» والتحوط للأزمات



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 12:46 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
 العرب اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 01:13 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
 العرب اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك

GMT 15:16 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العلاقة بين الاكتئاب وحرارة الجسم دراسة جديدة تسلط الضوء

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 04:05 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع عدد المصابين بأخطر سلالة من جدري القرود في بريطانيا

GMT 18:25 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مانشستر سيتي يرصد 150 مليون يورو لضم رودريغو

GMT 18:20 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

17 ألف ريال غرامة للهلال السعودي بسبب أحداث مواجهة النصر

GMT 02:26 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة لاعب وإصابة 4 بسبب صاعقة رعدية بملعب كرة قدم في بيرو

GMT 03:11 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمطار الغزيرة تغمر مطار برشلونة في إسبانيا

GMT 18:15 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة لاعب وإصابة 5 بـ صاعقة في بيرو

GMT 13:14 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط مروحية عسكرية مصرية ووفاة ضابطين أثناء تدريب

GMT 15:29 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير من مخاطر استخدام ChatGPT-4o في عمليات الاحتيال المالي

GMT 03:42 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يواصل هجماته على إسرائيل ويطلق 90 صاروخًا

GMT 18:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

آينتراخت فرانكفورت يحدد 60 مليون يورو لبيع عمر مرموش

GMT 19:28 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

قتلى من حزب الله بقصف إسرائيلي على محيط السيدة زينب في دمشق

GMT 03:40 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فصائل عراقية موالية لإيران تستهدف ميناء حيفا بطائرة مسيرة

GMT 18:30 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غرفة ملابس ريال مدريد تنقلب على كيليان مبابي

GMT 14:43 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يرفض إعارة الإيطالي كييزا في يناير
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab