بقلم - عماد الدين أديب
علمنا التاريخ، وهو خير معلم، أن ثنائية السلاح في الدولة الحديثة تؤدي إلى الفوضى والخراب والحروب الأهلية المدمرة.
آخر هذه الدروس الصارخة هي 3 نماذج كاشفة.
الأول، هو الدرس الروسي الذي انفجر فيه الوضع بين الجيش الروسي الذي يعتبر ثالث قوة عسكرية في العالم ومجموعة «فاغنر» العسكرية الخاصة التي كان يقودها بريغوجين النادل، والمساعد الإداري السابق لبوتين.
تأسست «فاغنر» عام 2014 إثر ضم شبه جزيرة القرم، ولعبت أدواراً في الحرب السورية، وإفريقيا الوسطى وليبيا وموزمبيق والسودان ودول الساحل الأفريقي.
سمُح لـ«فاغنر» – وحدها – أن تكون قوى خاصة غير تابعة لأي سلطة سوى لقائدها الذي كان يحظى بالثقة المعنوية والغطاء السياسي للرئيس بوتين.
انتهى أمر هذه الحركة منذ أشهر حينما اصطدم قائدها بوزير الدفاع «شويغو» وهيئة أركان الجيش الروسي، وتدهور الحال إلى زحف من الأراضي الأوكرانية في الطريق إلى موسكو.
ثم عزل رئيسها الذي سقطت طائرته منذ أكثر من شهر فوق موسكو.
منذ أيام أصبحت «فاغنر» تابعة كلياً لوزارة الدفاع، إدارياً ومالياً وأمنياً وتسليحياً، ومنذ أيام أعلن بوتين تعيين النائب السابق لـ«فاغنر» قائداً لها، بعد أن أصبح تابعاً تماماً لإدارة وإشراف وزارة الدفاع.
النموذج الثاني لفشل وخراب ثنائية السلاح هو نموذج قوات التدخل السريع في السودان.
تأسست «التدخل السريع» من قبل نظام عمر البشير في مارس 2014، كي تكون قوات تدخل مباشر ذات مهام وتسليح خاص، ولكي تقوم بأعمال يصعب احتسابها قانوناً وشرعاً إلى قوات الجيش النظامي.
وانتهى الأمر بها بأن انقلبت مع الجيش على عمر البشير وتقاسمت السلطة والأمن مع المؤسسة العسكرية وخاضت حرباً أهلية مدمرة في أسوأ صراع سلطة بين قوتين، وانتهى الأمر بأن أعلنت المؤسسة العسكرية بإنهاء وجودها الشرعي وضمها إلى رئاسة الأركان.
آخر النماذج لكوارث ثنائية السلاح، هو ما يعانيه لبنان الآن من ثنائية سلاح الجيش الوطني وقوات حزب الله.
هذه الثنائية تحولت إلى ثنائية في الأمن والسلطة والحكومة ومفاصل الدولة، وبالتالي فقدت الدولة الوطنية في لبنان سلطتها وأصبحت رهينة مُعطلة السلطة بلا رئيس وبلا حكومة فاعلة.
الدرس المستفاد: ثنائية السلاح تؤدي لثنائية السلطة، وثنائية السلطة تفقد الدولة الوطنية سلطتها، مما يؤدي إلى الصراع السياسي الذي لا حل له سوى الصراع الدموي العسكري الذي لا بد أن يؤدي لفوز متغلب كامل ومهزوم كامل.