أعتقد أن مجتمع السوشيال ميديا غارق للأسف الشديد في معارك طواحين الهواء هذه الأيام.
من أهم علامات الوعي السياسي على مر التاريخ 3 علامات أساسية وهي:
1. اعرف من حليفك ومن هو عدوك.
2. ما هي قضيتك؟
3. اعرف كيف تعرض قضيتك.
ومنذ أن اندلعت عملية «طوفان الأقصى» صباح يوم 7 أكتوبر والفضاء الإلكتروني باللغة العربية يدخل معارك عبثية غير إيجابية تضر بالقضية الفلسطينية، وتفتح أبواب الخلاف والشقاق العربي.
بالطبع ثقوا، أن هذه الوسائل هي فرصة تعبير مشروعة للرأي والرأي الآخر، لكنها أيضاً يمكن أن تكون شراً مطلقاً!
دخلنا في مرحلة مناقشة هل ما حدث مقاومة أو مؤامرة؟ ثم تحولنا إلى سباب متبادل بين أنصار القضية الفلسطينية، والذين يرون – عفواً - أن الفلسطينيين هم سبب كل كوارث العالم.
وبدأ بعض أصحاب الأفكار المتطرفة استغلال منصة هذا الحدث الجلل لاتهام حكوماتهم بمليون تهمة، تبدأ بالتقصير في دعم غزة، وتنتهي بالاتهام بالتقصير في دعم المنتخب الوطني لكرة القدم!
وحولنا المسألة شعوبية، ودينية، وطائفية، ومذهبية، وانقسمنا على صفحات الفضاء الإلكتروني إلى مائة ألف فرقة وفرقة، ونسينا أن القضية هي غزة، وأن العدو الوحشي اسمه حكومة إسرائيل، وأن الواجب هو دعم هذا الشعب الصبور الأعزل.
دخلنا في معركة تصفية حسابات قديمة بين استدعاء ثارات شعوبية كنا اعتقدنا أنها ماتت ودفنت، واستعدنا ملفات تصفية حسابات مع بعض الأنظمة وبعض التيارات.
وعدنا وفتحنا جهنم التفكير الطائفي سني، شيعي، وعدنا بالتاريخ إلى مأساة ثار الحسين رضي الله عنه.
وفتحنا ملفات الفساد والظلم والمظالم وما كان يجب عمله، وما قصرنا فيه، وتناسينا أن المسألة الضاغطة حالياً اسمها «غزة».
وعشنا مرحلة الصراخ باللغة العربية وإبداء الحزن والشكوى والغضب من أعمال جيش الاحتلال الإسرائيلي.
هذا الغضب هو صراخ داخل جدران منزلنا، وبدلاً من أن نفكر في عمل ملف سياسي منظم لمخاطبة شعوب العالم بالكلمة والصوت والصورة بلغاتهم وليس بلغتنا، ودخلنا في حالة من الولولة والبكائيات بين أنفسنا بدلاً من تحويل ذلك إلى رسائل واعية مدعمة بالأدلة والأسانيد والأرقام والخرائط حول قضيتنا الفلسطينية.
واجب علينا مخاطبة الرأي العالمي على شبكة السوشيال ميديا، نخاطب من معنا ونمده بما يفيده من وسائل لدعم قضيتنا، ونخاطب أيضاً من تأثر بقوة أكاذيب الدعاية الصهيونية.
واجب علينا أن نندمج مع فكر العالم بدلاً من إهدار كل الجهد في تصفية حسابات تاريخية تستنزف طاقتنا وتضيع مصالحنا الوطنية.
معركتنا اليوم هي كيف أدعم، وليس كيف أصفي حسابات!
علينا أن نحرص على التدقيق فيما ننقله من معلومات وصور مدسوسة، وقبل أن نرتكب جريمة «الشيرنج» لمادة إعلانية يجب أن نتأكد أنها من مصدر معتبر، بدلاً من أن تكون شبكة توزيع سموم قاتلة!