عماد الدين أديب
في لقائه بالأعضاء الجدد لمجلس الشورى السعودي، قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز: «إن إصلاحنا في المملكة هو الإصلاح التدريجي».
«الإصلاح» هذا هو نهج الملك عبد الله بن عبد العزيز منذ أن تولى مسؤولياته، ثم «التدرج» وهذا هو الأسلوب الذي اتبعه لتطبيق هذا الإصلاح.
قال الملك عبد الله ذلك في يوم تاريخي مشهود في الحياة السياسية للمملكة تنضم فيه المرأة السعودية إلى عضوية مجلس الشورى للمرة الأولى.
وفي هذا المجال أيضا كان الإصلاح وكان التدرج.
هذا «التدرج» أثبت لدينا بالتجربة والدليل الحي أنه أكثر أمنا وسلامة للتجارب السياسية التي تنتقل من حالة إلى أخرى أكثر تقدما وتطورا.
إن القفز السريع والواسع الخطى من حالة إلى أخرى أثبت أنه يحمل في طياته مخاطر شديدة.
لقد أثبتت تجارب مراحل الانتقال في عدد من الدول، بما لا يدع مجالا للشك أن الانتقال من الاستبداد إلى الثورة، ومن الفساد إلى الشفافية، ومن الظلم إلى العدل، وتكميم الأفواه إلى الحرية المطلقة هي مخاطرة غير محسوبة.
لا تكفي النوايا الحسنة لإنجاح أي إصلاح، ولكن لا بد أن تكون هناك الرؤية الواعية الحكيمة التي تدرك قدرات البشر والمجتمع على الانتقال من حالة إلى أخرى.
لا يمكن أن تطلب من بطل رفع الأثقال كان المعتاد أن يرفع مائة كيلوغرام أن يرفع خمسمائة صبيحة اليوم التالي!
إذا فعل الرجل ذلك فإنه سوف يصاب بتمزق حاد وتهتك في أربطة ظهره!
«التدرج» هو من أبجديات الإصلاح العاقل المدرك لإمكانيات القائمين والمناط بهم عمل التغيير.
وكما يقال إذا أردت أن تطاع فأمر بما هو مستطاع.
والاستطاعة العربية، كما هو ثابت هذه الأيام محدودة ومحددة لأسباب متصل بالبيئة السياسية العربية التي لم تربِ أجيالا على مستوى تحديات العصر الذي نحياه.
إن تحويل أي مشروع إنجاز إلى مراحل منظمة، هو أحد أسس علم الإدارة المدنية التي تقوم على مبدأ إن لم تستطع أن تفعل كل شيء مرة واحدة فأفعله بتدرج على مراحل مدروسة.
الأفضل أن تصل إلى نقطة الهدف سالما بعد عدة أيام بدلا من أن تضل الطريق بعد فقدان البوصلة واتجاهات الطريق لأنك كنت عجولا متهورا.