عماد الدين أديب
بينما كنت واقفا مشدوها أتابع بائع الفلافل وهو يلقي بها في أتون الزيت المقلي، وأحاول أن أمني النفس بساندويتش فلافل ساخنة عليها بعض من الطماطم والحمص والنعناع الأخضر، اقتحم عزلتي وقطع عليّ حلمي شاب عربي غاضب من هؤلاء الذين توعدني القدر بهم كي يفسدوا عليّ متعة الطعام، ودار بيننا الحوار الساخن التالي:
الشاب: يا أستاذ.. هل تتنازل مثلنا وتأكل الفلافل؟
العبد لله: يا سيدي أنا أحترم الفلافل احترامي لسقراط وأرسطو وأفلاطون.
الشاب: لكنك تقف بنفسك ولا ترسل بسائقك كي يشتري لك الفلافل!
العبد لله: اعتدت أن أفعل احتياجاتي بنفسي، ثم إن الفلافل يجب أن تلتهم ساخنة وإلا فقدت مذاقها الطيب.
الشاب: لكن الفلافل طعام شعبي جماهيري وأنتم أهل الإعلام أفسدتكم أموال ومرتبات المهنة الباهظة!
العبد لله: يا ساتر على الحسد، يا سيدي نحن كما يقولون في لبنان وسوريا «جماعة معترين»، نكافح من أجل أسرنا وأعمالنا ولقمة العيش مثلنا مثل كل طبقات الشعب الصبورة.
الشاب: وحكاية الملايين التي تحصلون عليها!
العبد لله: كل مهنة ولها تكاليفها، وكل إنسان ينفق حسب التزاماته التي قد تتسع أو تضيق تبعا للظروف.
الشاب: وفيم تنفقون أموالكم يا أستاذ؟
العبد لله: في السفر، لأن الإعلامي الذي يعيش داخل 4 جدران لا مستقبل له، وينفقها في العلاج، لأن هذه المهنة تودي بصحة أصحابها، وينفقها كذلك في شراء الكتب والمراجع وحضور الدورات التدريبية والمؤتمرات العالمية.
الشاب: وهل هذا يكلفكم الكثير؟
العبد لله: يكفي أن تعرف أن أسبوعا في مؤتمر «دافوس» بسويسرا يكلف صاحبه 20 ألف دولار أميركي على أقل تقدير.
الشاب: إذن أنت تريد أن تقنعني بأن أهل الإعلام لا يراكمون الثروات؟
العبد لله: هناك من يصنع ثروات.. إما أنها تأتي بشكل فيه بيع الضمير، أو أنه نجح إداريا وتجاريا في بناء مؤسسة إعلامية ناجحة وهذا مثله مثل أي رجل أعمال ناجح.
الشاب: يا أستاذ كم هي ثروتك الشخصية؟
العبد لله: ما يكفل لي شراء ساندويتشي فلافل يوميا مدى الحياة!
الشاب: هل يمكن إذن أن تدعوني على ثمن ساندويتش فلافل؟
العبد لله: ولماذا لم توفر علي كل هذا النقاش من البداية وتفصح عما تريد؟!
نقلا عن جريدة الشرق الاوسط