عماد الدين أديب
قلبي حزين، نفسي غاضبة، روحي قلقة، عقلي يكاد ينفجر، عيناي لا تكادان تصدقان ما تراهما من جنون وهستيريا أبناء الوطن.
وطني على حافة هاوية، 6 آلاف سنة من الحضارة تهددها زجاجة مولوتوف يلقيها صبي لا يعرف من أعطاه إياها ومن زوده بعود ثقاب إشعالها!
لا أحد بالضبط يعرف لماذا يحدث ما يحدث؟ لا أحد يفهم مغزى التصعيد، ونتيجة الغضب، ومحصلة الصراع الدموي العبثي؟
لا أحد يفهم من الفائز النهائي في مباراة كرة قدم يلعبها الساسة بجماجم الشعب؟
تنتابني حالة بكاء دائم وأنا أتابع وطني يضيع من على شاشات الفضائيات!
لم تعد المهدئات تنفع، ولم يعد الكلام يجدي، ولم تعد الشكوى تساعد في الترويح عن النفس.
سيارات تحترق، شباب يضيع، شهداء بالعشرات، اقتصاد وطني يتساقط وينهار، ملايين من البسطاء في حالة من الهلع والقلق والاكتئاب.
وطني يحتضر يا أصدقائي، وأنا عاجز، غير قادر على إيجاد الدواء الشافي، ولا الطبيب المعافي، ولا أنبوب الأوكسجين الأخير!
وطني يحتضر يا أصدقائي، والبعض ما زال يقول إن هذه هي الأمراض الطبيعة للفترة الانتقالية التي تعقب الثورات؟!
أي ثورة وأي انتقال بأي ثمن فادح ندفعه من دمائنا وأعصابنا وأرزاقنا؟!
إنه وطن مرفوع من الخدمة بشكل مؤقت ويخشى عليه أن يدخل في طريق «سكة اللي يروح ما يرجعش» المخيفة!
وطني يحتضر يا أصدقائي، بعد أن قرر بمحض إرادته أن ينتحر بشكل طوعي!
هل يمكن أن يصاب جيل بأكمله بحالة من الرغبة الشديدة في تدمير الذات وتدمير الوطن دون أي عائد منطقي أو جائزة تذكر؟
هل يمكن أن يصل بنا الفشل في الإدارة إلى الحد الذي نكاد لا نرى فيه ما تبصره أعيننا وتسمعه آذاننا وتعقله عقولنا؟
هل أوصلنا العمى السياسي، والصمم الوطني، والخرس الفكري إلى هذا الجنون؟
وطني يحتضر يا أصدقائي، بعدما قتلني اليأس ولم يعد أمامي سوى السجود في تذلل إلى الله داعيا خالق الخلق، وفاطر السماوات والأرض، الذي لا يعجزه شيء في الكون أن ينقذ وطنا من نخبته، ومعارضته، وأعدائه.
اللهم آمين، أنت قادر على كل شيء يا رب العالمين.
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"