الرهان على الحصان

الرهان على الحصان

الرهان على الحصان

 العرب اليوم -

الرهان على الحصان

مصطفى الفقي

هو عنوان كتابٍ أصدرته منذ أكثر من عشر سنوات، قصدت به الحديث رمزًا عن قضية الاختيار للقيادات والمسؤولين فى القطاعات كافة، فقلت إنه يحدث كثيرًا عندما يكون الاختيار بين نموذجين «الإنسان الحصان» و«الإنسان الحمار» أن نميل إلى الثانى لأنه مطيَّة سهلة تنقاد لمن يركب، ولا تفرِّق بين شخصٍ وآخر، وتمضى فى طريقٍ روتينى بلا وعى، ولديها صبر طويل على القهر والإذلال والمعاملة السيئة، أما «الإنسان الحصان» فيتمتع بكبرياءٍ عالٍ وشموخٍ فى الشخصية واعتزاز بالذات، إذا امتطاه غير فارسه انقلب عليه وقد يطرحه أرضًا، يحب الثناء ويستحق التقدير فإذا فاز فى مسابقة أو أبلى بلاءً حسنًا فى رحلةٍ ما فإن قطعًا من السكر تلزمه تشجيعًا وعرفانًا بقدره، فهو حيوان مستقل الرأى واضح الشخصية يحترم الحافز الإيجابى ويرفض الإذلال ولا يقبل الهوان، إنها تذكرنا بالقصة التى تُحكى عن مسؤول «أوروبى» جرى تجنيده لدولة أجنبية وقالوا له لا نريد منك إلا طلبًا واحدًا وأنت فى موقعك الكبير وهو أنه كلما جاء أمامك منصبٌ شاغر تريد أن تشغله ولديك نموذجان أحدهما «للإنسان الحصان» والثانى «للإنسان الحمار» فإن عليك بالثانى وسنودع لك الأموال فى «سويسرا» دون حاجة بنا للاتصال أو الشفرة أو الحبر السرى،

إنه طلبٌ واحد ذكرناه لك وسوف يكفينا تمامًا منك هذا العمل، وما هى إلا سنواتٌ قليلة حتى كانت تلك الإدارة الأوروبية المختصة بالمسائل الأمنية قد انهارت تمامًا حيث سيطرت عليها «امبراطورية الحمير» وغابت عنها «مملكة الحصان» ولم يظهر فيها فارس واحد، وتلك فى ظنى ليست قصة وهمية بالكامل كما أن العلاقة بين «الحصان» و«الحمار» ليست رمزية فقط، إذ إن وضع الإنسان المناسب فى المكان المناسب يبدو مشكلة المشاكل فى اختيار المواقع وشغل المناصب وملء الوظائف العليا، حيث يستسهل أصحاب القرار فى اختيارهم نموذج «الحمار» لأنه لا ينافس غيره ولا يتطلع لما هو أعلى ويبدو مطيعًا للأوامر بلا فهمٍ أو وعى، لذلك دفع الوطن فاتورة عالية فى كثيرٍ من المواقع لأن الرهان على الحصان لم يكن واردًا لدى أصحاب القرار، إن الاختلاف بين الثقافتين «ثقافة الحصان» و«ثقافة الحمار»، إن جاز التعبير، هو فارق كبير يعكس أسلوب القيادة وطريقة الحكم ويوضِّح الخلفية الحقيقية لإدارة البلاد، فلكم عانينا من وضع الشخص غير المناسب فى مواقع الدولة وأصحاب صنع القرار، بل إننى أظن أن ثورة 25 يناير وبعدها ثورة 30 يونيو قد اندلعتا انطلاقًا من أسبابٍ يقع هذا الاختلاف فى الرؤية بين أسلوب «الحصان» وطريق «الحمار» من بينها، فقد جرى تجريف كثير من القيادات والعصف بالعديد من الكفاءات والإطاحة بمئات الخبرات إعمالاً لمبدأ «محسوبية الأصدقاء والمعارف» ومحاباة ذوى القربى وأهل الحظوة، علمًا بأن المواطن العادى فطنٌ بطبيعته واعٍ بفطرته، يدرك ما يجرى حوله ويبدو أذكى بكثير مما نتصور، ويعلم لماذا جاء «زيد» ولماذا ذهب «عمرو» ولكنه يطوى نفسه على الحقيقة متغطيًا بحضارة آلاف السنين، ثم هو يثور عندما يفيض به الكيل ويشعر أن «العدالة الاجتماعية» غائبة، وهى تلك العدالة التى تنطوى على تكافؤ الفرص وإعطاء كل ذى حقٍ حقه؛ لأنه ليس أقسى على المرء خصوصًا الشاب من أن يرى حقه يذهب لغيره وغالبًا لمن هو أدنى منه فى الكفاءة وأقل فى القدرة سواء تعلق ذلك بوظيفة أو ميزة أو حق من الحقوق، إننا ندرك جيدًا أنه ليست كل الاختيارات سيئة وأن كل أصحابها من خريجى «مدرسة الحمير»، ففى تاريخنا القريب والبعيد نماذج رائعة لاختياراتٍ موضوعية أفرزت شخصياتِ متميزة تبدو كالخيل المطهمة لا يركبها إلا فارس واحد هو الوطن الذى تنتمى إليه والبلد الذى تعشقه.. فلتسقط إلى الأبد «مدرسة الحمار» ولتحيا دائمًا «مدرسة الحصان» فالرهان عليه وحده!

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرهان على الحصان الرهان على الحصان



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام
 العرب اليوم - تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab