14 نوفمبر

14 نوفمبر

14 نوفمبر

 العرب اليوم -

14 نوفمبر

بقلم - مصطفي الفقي

فى الرابع عشر من نوفمبر عام ١٨٨٩، استقبلت أسرة هندية أرستقراطية مولودها الذكر، الذى أصبح أول رئيس وزراء للهند بعد عودته من الدراسة فى أوروبا، حاملًا أرفع الدرجات العلمية.. إنه (جواهر لآل نهرو)، الذى قاد الهند لتصبح دولة كبرى بعد الاستقلال، وقد خلفه (شاسترى)، الذى مات أثناء زيارته لـ (طشقند) لتتولى بعده ابنة نهرو منصب رئيسة الوزراء حتى اغتيالها، ثم ابنها راجيف الذى لقى نفس المصير.. وفى ذات ذلك اليوم الذى ولد فيه السياسى العظيم نهرو، رائد حركة عدم الانحياز فى منتصف القرن الماضى، يأتى مولد عظيم آخر هو عميد الأدب العربى د. طه حسين، الذى نحتفل هذه الأيام بمرور نصف قرن على رحيله، ومن يقرأ صفحات كتابه (الأيام) بجزأيه يدرك أننا أمام شخصية فذة واستثنائية بكل المعايير، فلقد فقد البصر فأنعم الله عليه بالبصيرة. والذين اهتموا بالدكتور طه حسين، المفكر، يدركون جيدًا بُعد رؤيته وحصافة فِكرته، شاهدين على نبوغ ذلك الأزهرى الرائع الذى تألق فى فصول (حديث الأربعاء) فى قاعة (إيوارت) بمبنى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، كما أن الذين يهتمون بالتعليم فى مصر ودوره الثقافى يعيدون يومًا بعد يوم قراءة كتابه (مستقبل الثقافة فى مصر).

ثم نأتى إلى شخصية كبيرة أخرى لابنٍ من أسرة قبطية مصرية عريقة هو بطرس بطرس غالى، الذى ولد فى ذات اليوم، ولكن من عام ١٩٢٢، وكان وزيرًا للدولة للشؤون الخارجية، ونائبًا لرئيس الوزراء للاتصالات الخارجية، ثم تولى أكبر منصب دولى كأمين عام للأمم المتحدة، وتميزت فترة ولايته بروح التجديد والدفع برؤى مختلفة جسدتها أجندة السلام ثم برح موقعه فى عزةٍ وكبرياء رافضًا الضغوط الأمريكية عليه مهما كان الثمن، وفى ذات ذلك اليوم الرابع عشر من نوفمبر يستقبل البيت الهاشمى عام ١٩٣٥ أهم ملوكه وواحدًا من أكبر الساسة والقادة، فقد ولد فى ذلك البيت الشريف (الحسين بن طلال) ملك الأردن الراحل الذى تغلب على الأهواء والأعاصير وبنى الأردن الحديث.

وفى ذات ذلك اليوم أيضًا عام ١٩٤٨ يولد ملك آخر هو (تشارلز الثالث) ملك المملكة المتحدة الذى يتربع على العرش فى بلاط (سانت جيمس) ملكًا انتظر دوره لما يقرب من سبعين عامًا حتى جاءه يتهادى بعد رحيل أمه الملكة (إليزابيث الثانية). ولقد جمعتنى به عدة مناسبات، ويكفينى أنه قال لى يوم أن زار مكتبة الإسكندرية عام 2021 وكنت مديرًا لها عندما بادرنى عند الاستقبال على باب المكتبة وبجواره قرينته الملكة (كاميلا) مبتسمًا: إننى أتذكر آخر لقاء لنا عام ٢٠٠٦ عند افتتاحى للجامعة البريطانية فى مصر، وأذكرك جيدًا وأنت أول رئيس لها وسؤالك لى عن سبب اهتمامى بالتاريخ الإسلامى وثقافة العمارة الإسلامية، وقد أرسل ملك بريطانيا بعد ذلك خطابًا للجامعة البريطانية منذ عدة شهور إلى الأستاذ الدكتور محمد لطفى رئيسها الحالى وذكر فيه زيارته للجامعة عند افتتاحها وذكرنى تحديدًا بالاسم كرئيس لها فى ذلك الوقت، ونحن نذكر له محاضرتيه المهمتين حول أهمية الإسلام والمسلمين، وذلك فى جامعتى أكسفورد البريطانية والأزهر الشريف المصرى.

إن يوم الرابع عشر من نوفمبر يوم متميز رغم اختلاف السنوات، ولأننى محشور فى تلك الزمرة، فإننى أسميه يوم الملوك والصعاليك أيضًا؛ فأين نحن من نهرو الهندى وطه حسين وبطرس غالى المصريين والملك حسين الهاشمى والملك تشارلز الثالث البريطانى وغيرهم من عظماء التاريخ؟!.. إنه يوم تختلط فيه قضايا فكرية وسياسية كبرى، وأتذكر معه حركة عدم الانحياز التى شاركت فيها مصر عبدالناصر بدور ريادى، وعميد الأدب العربى الذى قاد حركة التجديد والتنوير فى العالمين العربى والإسلامى، وأمين عام الأمم المتحدة الذى جاء إلى منصبه بأحد عشر صوتًا مؤيدًا ثم تركه بأربعة عشر صوتًا مؤيدًا أيضًا استمراره مع غياب صوت واحد استخدم ضده (حق الفيتو) وهو صوت الولايات المتحدة الأمريكية! ثم الملك العربى صاحب الرؤية البعيدة والقدرة الفائقة على التوازن السياسى بين الأقطاب المتنافرة الحسين بن طلال وملك الملوك فى المملكة التى كانت لا تغرب عنها الشمس، ونتذكر الآن عبارة فاروق الأول ملك مصر الراحل عندما قال: سوف يختفى كل الملوك ولن يبقى إلا ملوك (الكوتشينة) وملكة بريطانيا.

إنه التاريخ يتحدث عن نفسه، وهو أيضًا دهاء الزمن الذى يأتى بكل جديد فى موعده.. تحية للرابع عشر من نوفمبر يوم ميلاد كوكبة عظيمة من الشخصيات الكبرى فى التاريخ. وأستأذن فى أن أسمح لنفسى بأن أضع شمعة صغيرة على مسافة بعيدة من الشموع المضيئة لقادة الفكر والسياسة والرأى، فالكل زائل والخلود لله وحده.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

14 نوفمبر 14 نوفمبر



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:06 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

إسرائيل تعترض طائرة مسيّرة "أُطلقت من العراق"
 العرب اليوم - إسرائيل تعترض طائرة مسيّرة "أُطلقت من العراق"

GMT 06:27 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

عقار تجريبي يساعد مرضى السرطان على استعادة الوزن

GMT 08:02 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

بمناسبة المسرح: ذاكرة السعودية وتوثيقها

GMT 08:04 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 12:20 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الإصابة تبعد أولمو عن برشلونة لمدة شهر

GMT 08:09 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

وحدة الساحات

GMT 14:01 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

انتهاء أزمة فيلم "الملحد" لأحمد حاتم

GMT 08:08 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

لبنان... نتنياهو أخطر من شارون

GMT 04:57 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

315 وفاة بالكوليرا و225 جراء السيول في السودان

GMT 00:23 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab