قناع السلطة

قناع السلطة

قناع السلطة

 العرب اليوم -

قناع السلطة

بقلم - مصطفي الفقي

تمر بخاطرى من حين إلى آخر انطباعات حول بعض الشخصيات وهى فى السلطة، ثم أوضاعها بعد زوال تلك السلطة، وقد اخترت بهذا المقال الموجز نماذج ثلاث لشخصيات كبرى فى واحدة من أهم فترات العصر الجمهورى، وأعنى بها سنوات حكم الرئيس الراحل عبدالناصر فأعترف اليوم بملاحظاتٍ أدركتها من خلال شخصيات ثلاث عاصرتها وتحدثت معها وأرتبط بتقدير خاص لكل منها رغم اختلاف المشارب والمآرب إلا أنها تبقى فى ذاكرتى رصيدًا متجددًا للمقارنة السياسية بين الأشخاص فى مواقع مؤثرة وبينهم بعد رحيل السلطة وتراجع الأضواء والإحساس بخواطر من يعيشون على هامش الحياة.

وأعطى لذلك نماذج ثلاثة من ذلك العصر الحالم، ففى أحد الأيام من نهاية تسعينيات القرن الماضى دخلت محلًا تجاريًا فى منطقة صلاح الدين بمصر الجديدة، فإذا بى وجهًا لوجه أمام السيد (عبدالحميد السراج) ابن الإقليم الشمالى للجمهورية العربية المتحدة، كما كانت تسمى أيام الوحدة وكان من المناصرين والمؤيدين للراحل عبدالناصر، كما كان رجله القوى فى سوريا بحكم رئاسته لمكتب الاستخبارات والذى كان يطلق عليه أحيانًا تعبير المكتب الثانى، وقد أرهقت الإجراءات التى اتخذها (السراج) فى سوريا خلال سنوات الوحدة بعض العناصر من بقايا الحكم السابق الذين لم ترق لهم الأساليب المعمول بها فى الإقليم المصرى.

فبادرنى السيد (عبدالحميد السراج) بالتحية وبدأنا حديثًا جانبيًا استغرق عدة دقائق، سألته خلالها لماذا لم يكتب مذكراته؟ فأجابنى بأنه إذا فعل ذلك فقد يسىء إلى بعض من أحبهم، وكان شديد الولاء لهم، ثم تطرق إلى ما جرى يوم الانفصال وتهريبه هو وحارسه (منصور الرواشدة) إلى مصر بواسطة السلطات المصرية، أما الشخصية الثانية فهى (شمس بدران) الذى كان وزيرا للحربية بترشيح مشترك من عبدالناصر وعامر، وكانت سطوته كبيرة لما كان يحظى به من ثقة عبدالناصر وعامر فى ذات الوقت، حتى إنه هددهما مازحًا ذات مرة، قائلًا إنه يستطيع أن يقوم بانقلاب على الرئيس عبدالناصر والمشير عامر معًا.

وكان متزوجًا من سيدة فاضلة تعمل فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وقد ذكر لى أن الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب كان يزوره فى بيته ويداعب آلة العود معه ويدندن بموسيقاه الساحرة ليخفف عنه وطأة العمل وهموم الحياة، وقد التقيته فى لندن فى سبعينيات القرن الماضى عندما أطلق سراحه الرئيس الراحل السادات ورأيته على حقيقته شخصية متواضعة ومثقفة يتحدث عن ماضيه فى السلطة بحيادٍ كامل، وأذكر أنه اتصل بى يوم مصرع زميله فى مكتب المشير عامر وأعنى به العقيد على شفيق، وقد سألنى شمس بدران يومها: هل حادث القتل جنائى أم سياسى؟، وعندما قلت له إنه فى الغالب جنائى استراح كثيرًا.

فقد كان يخشى تصرفات انتقامية من بعض من قام باعتقالهم فى السجن الحربى، وانقطعت صلتى به عبر السنين، لكننى كنت أقارن دائمًا بين موقعه فى السلطة وبين حياته العادية بعد زوالها، ولم أكن أعلم أنه رحل عن عالمنا حتى صحح لى معلومة رحيله، منذ عامين، واحد من كبار ضباط القوات المسلحة عندما كان رئيسًا لهيئة العمليات.

أما الشخصية الثالثة فهى السيد (سامى شرف)، سكرتير الرئيس عبدالناصر الشخصى للمعلومات لسنوات طويلة، والذى ظل على وفاء للزعيم حتى آخر سنوات حياته وكان يتصل بى بشكل منتظم يناقش رأيًا أو يلفت النظر لأمر معين أو يصحح معلومة عايشها هو مباشرة، وكان ودودًا، حسن المعشر كريم الخلق، إلى أن رحل عن عالمنا منذ فترة وجيزة وكان الرئيس السادات قد اعتقله ضمن المجموعة التى سميت مراكز القوى، وتخلص منها بحركة مفاجئة فيما سمى ثورة التصحيح عام ١٩٧١.

إننى أذكر هذه النماذج الثلاثة كمثال للذين يقبضون أحيانًا على أعنة السلطة، وتكون لهم الكلمة العليا فإذا برحوها غاب ذكرهم واختفت الأضواء حولهم وأصبحوا بشرًا عاديين بعد أن زالت الأقنعة واختفت المظاهر، وأدرك الجميع أن تلك الأيام نداولها بين الناس!.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قناع السلطة قناع السلطة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 العرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:59 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعيّن بوهلر مبعوثا لشؤون الرهائن
 العرب اليوم - ترامب يعيّن بوهلر مبعوثا لشؤون الرهائن

GMT 14:49 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق
 العرب اليوم - إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 08:36 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نقل عدوى لبنان إلى العراق

GMT 06:33 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ثلاث دوائر

GMT 08:28 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

منة شلبي توجّه رسالة شكر لجمهور السعودية بعد نجاح مسرحيتها

GMT 06:46 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

العلاقات التركية السورية تاريخ معقد

GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 23:47 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا يعين الأميركية جيل إليس رئيس تنفيذى لكرة القدم

GMT 01:25 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وفاة 143 شخصًا بمرض غامض في الكونغو خلال أسبوعين

GMT 10:21 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

"أرامكو" السعودية توقع اتفاقية مع شركتين لاستخلاص الكربون

GMT 17:28 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وحدات الجيش السوري تسقط عشرات الطائرات المسيرة في ريف حماة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab