جولة أوروبية

جولة أوروبية

جولة أوروبية

 العرب اليوم -

جولة أوروبية

بقلم : مصطفى الفقي

وجدتنى أمام بعض الالتزامات الوظيفية التى تستدعى زيارتى بالضرورة لدول ثلاث أوروبية، الأولى هى بولندا لحضور المؤتمر السنوى للاتحاد الدولى العام للمكتبات، والثانية هى إيطاليا لحضور مناسبتين، الأولى إلقاء محاضرة فى الأكاديمية الدولية للعلوم بمدينة (تريستا)، والثانية للمشاركة فى مؤتمر دولى للسلام والتسامح فى منتجع (ريمينى) على شاطئ (الأدرياتيك)، أما الثالثة فكانت دعوة تلقيتها من منظمة اليونسكو لإلقاء كلمة حول قضية الأمية فى يومها العالمى، وكانت اليونسكو قد اعتادت دعوتى- من قبل- لحضور يوم اللغة العربية فى شهر ديسمبر من كل عام، أما هذه المرة فإن وظيفتى الجديدة هى مبرر دعوتى فى يوم الأمية الذى تنظمه اليونسكو، ويهمنى أن أبدأ بالزيارة الأولى، حيث انعقد المؤتمر خارج العاصمة (وارسو) التى زرتها من قبل منذ عدة سنوات زيارة دبلوماسية عابرة، أما هذه المرة فقد انعقد مؤتمر المكتبات فى مدينة (فروتسواف) وهى تعتبر المدينة الثانية فى بولندا، ولقد كان انطباعى دائمًا عن بولندا مرتبطًا بمعاناة شعبها فى الحرب العالمية الثانية، وقبلها وبعدها، من الألمان تارة ومن الروس تارة أخرى، وكنت أدرك الثقل الفكرى والعلمى لتلك الدولة التى خضعت لنظام شيوعى لأكثر من سبعين عامًا إلى أن ظهر أحد أبنائها وهو (فاونسا) ليقود حركة التضامن التى تعتبر أول مسمار فى نعش الحزام الشيوعى، كما أنها أيضًا ذلك البلد الذى أنجب يوحنا «بولس الثانى» أحد أهم باباوات الكنيسة الكاثوليكية فى العقود الأخيرة،

وكنت أدرك أن ذلك البلد قد أنجب عددًا كبيرًا من علماء عصر النهضة، فضلًا عن ارتباطه بحضور يهودى تاريخى واضح، ولم تكن هذه الانطباعات خاطئة ولكن الجديد الذى لاحظته أن تلك الدولة تبدو دولة قوية لديها صلابة المدن الألمانية وجمال المدن الفرنسية وانضباط المدن البريطانية، وقد لاحظت أنهم قد قطعوا فى العقود الثلاثة الأخيرة شوطًا طويلًا على طريق البناء والتنمية، وأدركت أن البولنديين من أكثر الشعوب الأوروبية جدية والتزامًا بخدمة الوطن وبناء دعائمه، كما لاحظت أن الحربين العالميتين تركتا بصمات لا تخفى على من يتعامل مع المواطن البولندى، ليدرك أنه لا وقت لديه للعبث، وتمنيت على بلادى لو أنها تمكنت من أن تسلك طريقًا موازيًا يتناسب مع تاريخها وتراثها ودورها وفرادة شعبها، أما محاضرة (تريستا) فى تلك الأكاديمية العلمية الدولية التى أنشأها العالم الباكستانى الشهير (عبدالسلام)، الحائز على جائزة نوبل فى سبعينيات القرن الماضى، لتضم صفوة من خيرة علماء العالم، وقد كان صديقى الراحل أحمد زويل يحدثنى عنها كثيرًا ويدعونى لزيارتها، ولم يتيسر لى ذلك الأمر إلا من خلال موقعى الجديد مديرًا لمكتبة الإسكندرية وهى تعتبر إحدى الهيئات العلمية الجادة التى تتبع منظمة اليونسكو، وقد حضر المحاضرة لفيف من العلماء معظمهم لم يبرح سن الشباب ولكنهم متألقون علميًا متقدون فكريًا، وكان موضوع الحوار عن (دبلوماسية العلم) فنحن فى عصر نتحدث فيه عن أنماط جديدة من الدبلوماسية، منها (دبلوماسية الرياضة) و(دبلوماسية البرلمانات) و(دبلوماسية الحركات الشبابية)، ولقد أمضيت فى (تريستا) يومين شعرت فيهما بقدر كبير من الاحترام لتلك الأكاديمية الدولية المتفردة، وتذكرت أن القنصل العام المصرى فى تريستا عام 1952 كان أول وزير للخارجية المصرية بعد الثورة مباشرة، وهو السفير «أحمد فراج طايع» ابن مدينة إسنا فى صعيد مصر، ثم جاءت المحطة الثانية فى إيطاليا تلبية لدعوة منتدى (ريمينى) وهو منتدى ثقافى دينى يمضى موازيًا لمنتدى (دافوس) الذى هو سياسى اقتصادى، وقد شارك فى اللقاء حشد ضخم امتلأت بهم صالة كبرى بينهم علماء وباحثون ورجال دين يمثلون الكنيسة الكاثوليكية ويعبرون عن وجهة نظر الفاتيكان...

لذلك سيطرت على اللقاء ردود الأفعال الدولية للزيارة الأخيرة للبابا «فرانسيس» إلى القاهرة والتى يعتبرونها واحدة من أنجح زياراته على الإطلاق، وقد تحدثت من جانبى عن العبارة التى أطلقها بابا الفاتيكان عند زيارته لمصر عندما قال: (جئت إلى مصر حاجًا إلى البلد الذى استضاف رحلة العائلة المقدسة وأطعم الدنيا قمحًا فى السنوات العجاف، وسوف يطعمها أمنًا فى مواجهة الإرهاب!)، وقد لفت نظرى أن (دينامو) منتدى ريمينى هو أستاذ جامعى من أصل مصرى اخترق المجتمع الإيطالى فى جسارة وحصافة حتى تحقق للدكتور وائل فاروق حضور مشهود على ساحة الحياة العامة فى تلك الدولة الصديقة تاريخيًا، القريبة جغرافيًا، أما نهاية مطاف رحلتى فكانت إلى مدينة النور «باريس» للمشاركة فى فعاليات يوم الأمية الذى تنظمه هيئة اليونسكو وتلبية لدعوة للتحدث عن الخبرة المصرية فى هذا المجال والإسهامات الدولية والإقليمية حول تلك المسألة المهمة.

المصدر :صحيفة المصري اليوم

arabstoday

GMT 03:57 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد ربيع.. أستاذ علم الحضارات

GMT 04:59 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

اعترافات ومراجعات (80).. اليهود وكورت فالدهايم

GMT 03:37 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

مجمع اللغة العربية.. الأزمة والحل

GMT 02:51 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

اعترافات ومراجعات (62) الاكتئاب سلعة إسرائيلية

GMT 03:29 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

اعترافات ومراجعات (59) من أحمد حسنين إلى أسامة الباز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جولة أوروبية جولة أوروبية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab