الفن  همزة وصل بين البشر

الفن .. همزة وصل بين البشر

الفن .. همزة وصل بين البشر

 العرب اليوم -

الفن  همزة وصل بين البشر

بقلم - مصطفي الفقي

قالوا إن الفن هو الوسيط الإنسانى بين البشر، وقالوا أيضًا إن الموسيقى لغة عالمية تتحدث بها كل الأوطان فى أنحاء الكوكب، وهذه أقوال صحيحة لأن الفن هو تربية الإحساس بالجمال وتنمية الشعور بالخير وتعزيز التطلع إلى الحق، ولقد قال علماء علم الجمال إنه مجموعة النسب المتناسقة فى الشيء الواحد، وأنا أميل إلى هذا التفسير الذى يضع الجمال تحت منظور العلم ويسمح بالقياس الدقيق له، فالنسب المختلفة بين الأجزاء المتعددة حتى فى الكائنات البشرية هى المعيار الدقيق لقياس درجة الجمال وأهميته.

ولا ينفى ذلك أهمية مقولة العالم الكبير أستاذ الفلك د.أحمد زكى أنه ليس كالنقص دليل على الكمال، فالبدر ناقص الاستدارة فى السماء واللذغاء والحوراء قد تضيف بهما جمالًا على جمال لأن الجزء المختلف يشير إلى العموم المتحد، وهنا تبرز قيم الجمال الحقيقى خصوصًا لدى أولئك المشتغلين بالفنون بكافة أنواعها تشكيلية أو موسيقية أو غنائية، وقس على ذلك كل مظاهر الجمال فى الكون الذى خلقه الله فأبدعه بانتظام تحار أمامه العقول البشرية وتتضاءل القدرات الإنسانية فى فهم ما هو متاح والتنقيب عما هو خفى.

ولقد استعانت كل مصادر الثقافة لدى الإنسان المعاصر بالفنون طريقًا للوصول إلى المشاعر الكامنة والأحاسيس الدفينة لدى الناس حتى الأديان السماوية والأرضية استعانت بالترتيل الجميل فى الإسلام وترانيم الكنائس فى المسيحية ودقات الطبول وقرع الأجراس فى كثير من العقائد التى تشد البشر، وتعزز الإيمان وتقوى المشاعر، وأنا أعول كثيرًا على الفنون سبيلًا للوصول إلى الحقائق واكتشاف أسرار الكون والبحث عن مصادر جديدة للرياضة الروحية والنشاط الفكرى، فأنا أطرب بأصوات أم كلثوم وعبدالوهاب وفيروز وفريد الأطرش وعبدالحليم حافظ وغيرهم كثيرون وصولًا إلى صباح فخرى ووديع الصافى وطلال مداح وناظم الغزالى ومحمد عبده وغيرهم من أساطير الطرب بل إننى أطرب أحيانًا للغة عميد الأدب العربى طه حسين خصوصًا، عندما يلقيها إلقاءً فيثير فى النفس بواعث الدفء رغم سقيع الحياة وخلوها أحيانًا من أسباب الرقى والتقدم، فعميد الأدب العربى هو موسيقار الكلمة والتى أضفت إليها أن العقاد كان هو نحات الفكرة ولا أجد تطابقًا للتعبير عن هذين الرمزين الكبيرين فى الثقافة المصرية إلا من خلال هذه العبارة التى أسوقها فى أكثر من مناسبة، لقد كنت أزور بعض الحدائق التاريخية فى دولة الهند، وأشهد أن تلك البساتين المغولية المستمرة عبر القرون هى نمط مثالى للجمال الرائع بنسبه المطلوبة وعبق تاريخه المشهود ورائحة الزمان التى تفوح فى أرجائه، فالجمال لا مكان له ولا زمان يحدده، ويمكن أن يوجد فى المطلق فيصبح روحانيًا ويتحدد فى النسبى فيصبح بشريًا.

إننى أتذكر أننى كنت أضع كاسيت رباعيات الخيام فى سيارتى طوال سنوات إقامتى فى لندن فأنظر أمامى وأرى مشاهد الواقع بما له وما عليه، وأنصت إلى شدو كوكب الشرق لما ترجمه رامى من الفارسية إلى العربية عن الخيام، فأشعر بحالة من السمو تجعلنى أكاد أطير فوق الأشياء فى معزوفة إنسانية تقطع حبال الغربة وتصل بظاهر الحياة، ولا بد أن أعترف هنا أن العلاقة بين المصدر والتأثير ليست بالضرورة متناسقة فقد كنت فى وداع كوكب الشرق بمطار لندن فى صيف عام 1973، وأمضيت معها ومع زوجها الراحل أ.د.حسن الحفناوى ما يزيد على الساعات الثلاث ولم يبهرنى حضورها قدر لهفتى على سماع صوتها، فالغناء طرب وشجن، ولكن الحياة العادية هى واقع بما له وما عليه، وما زلت حتى الآن أقرأ بنهم تعليقات النقاد الفنيين من المشاهير فأتطلع إلى ما يكتبه الناقد الفنى الكبير طارق الشناوى وقد أتفق معه أو أختلف، ولكنى أظل سعيدًا بالتحليل الذى يسوقه والمزج بين الرؤية الفنية والواقع السياسى لكل حدث فنى مر علينا.

إن الفن رسالة وهو أيضًا حضارة وقبل ذلك كله هو تربية للوجدان وصقل للمشاعر وتهذيب للنفوس حتى إن العلاج بالموسيقى أصبح واحدًا من اهتمامات الطب الحديث، كما أن الطرز المعمارية الجميلة أصبحت هى الأخرى علامة على الارتقاء، وأتذكر أننى شخصيًا سألت الملك تشارلز الثالث فى أحد لقاءاتى معه عن سر اهتمامه بالإسلام دينًا وعدالته وموضوعيته فى الحديث عنه فأجابنى على الفور إنها العمارة الإسلامية، خصوصًا القباب والمآذن وهى أشكال هندسية رائعة شدتنى فى البداية، ثم دفعتى لمزيد من القراءة عن ذلك الدين السماوى الذى أحترمه، وإن لم أكن من أتباعه.. هذا طواف سريع لإثارة قضية الفن ورسالته فى ثقافتنا المعاصرة وقدرته على تربية أجيال تقود الإنسانية إلى الأفضل فى كل مكان وزمان.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفن  همزة وصل بين البشر الفن  همزة وصل بين البشر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab