خفوت أضواء عيد الميلاد

خفوت أضواء عيد الميلاد

خفوت أضواء عيد الميلاد

 العرب اليوم -

خفوت أضواء عيد الميلاد

بقلم - مصطفي الفقي

يأتى عيد الميلاد المجيد هذا العام والدنيا من حولنا تبدو مختلفة عن باقى السنوات، نعم ستدق أجراس الكنائس، وسوف تذاع تراتيل الصلوات ويحاول الجميع استدعاء السعادة والتظاهر بالفرح وتقليد مظاهر الأعوام الماضية والأعياد السابقة، ولكن هناك غصة فى الحلق من المشاهد التى عايشناها عام ٢٠٢٣ بدءًا من الزلازل والسيول مرورًا بالأوبئة والأمراض، وصولاً الى الحروب الدامية بدءًا من أوكرانيا إلى غزة مرورًا بالسودان، لذلك يبدو عيد الميلاد هذا العام منقوص البهجة شاحب الأضواء خافت الأصوات ويجعلنا نردد مع الشاعر العربى: بأى حال عدت يا عيد؟ وأنا شخصيًا وطنت نفسى على التجاوب السعيد فى المناسبات المختلفة الدينية والوطنية، فشهر رمضان شهر رضًا وسعادة، والمولد النبوى الشريف ذكرى وفرحة، وأعياد الميلاد شموع وأضواء وسرور، ولاشك فى أن الشراكة فى المناسبات المختلفة تصنع جسور المحبة وتضع أسسًا للسعادة الممتدة بين كل الطوائف والجماعات، إذ لا معنى للسعادة الحقيقية لو حرمت منها الآخرين لكى ندخل فى نفق مظلم فيه دماء وأشلاء ودموع وأحزان حتى إن كنيسة بيت لحم لم تتحمس لإقامة الصلوات السنوية فى ظل الأجواء القاتمة والتعاسة الدفينة وهو ما يجعل عيد الميلاد مناسبة حزينة للجائعين فى غزة، والقتلى فى أحشاء فلسطين، والمرضى بلا علاج فى الأرض التى باركها السيد المسيح ومشى بخطواته على أرضها، وزارها النبى محمد فى واقعة الإسراء، وها نحن نرى كل شيء يترنح أمامنا ويتهاوى نصب أعيننا وكأنما الدنيا غير الدنيا والبشر غير البشر، وكيف تكون الأعياد لمن يعيشون فى العراء ولايجدون الطعام والماء ويفتقدون العلاج والدواء، لقد أظلمت فى وجوههم الدنيا وشعروا بأنهم يواجهون الموت وهم يتغنون بأحزان الوطن السليب والأرض المحتلة والدنيا كلها تشاهد ما يجرى، وتتابع ما يحدث بتعاطف ظاهري، وبعض المعونات التى يغسل بها مانحوها أيديهم من الدماء التى تحيط بالأطفال اليتامى والنساء الثكالى والأمهات الأرامل، ولسنا نتحدث هنا عن المتسبب فى كل ما جرى ولكننا نؤكد أن دوام الحال من المحال، وأن العصر الأمريكى لن يشارك الخالق الأعظم فى حكمته ولن يمضى إلى ما يريد على حساب الشعوب المسالمة والأمم الطيبة، وهنا ألفت النظر إلى ملاحظات ثلاث:

أولا: إن قضية الشعب الفلسطينى لن تموت لأن وراءها شعبا يطالب بحقوقه، وقد دفع ذلك الشعب المناضل أثمانًا باهظة لبقاء قضيته حية فى وجدان الشعوب حتى لو تراجعت فى أوراق الحكومات، فالقضية الفلسطينية واحدة من أكثر القضايا الدولية استمرارًا على امتداد ما يقرب من قرن كامل منذ بدأت (الوكالة اليهودية) نشاطها المخطط لتسريب اليهود إلى الأراضى الفلسطينية، مستغلين ظروف الحرب العالمية الأولى، وأحداث الحرب العالمية الثانية والتطورات التى جرت فى منطقة غرب آسيا، خصوصًا سقوط الخلافة العثمانية، والاستفادة من كل ما جرى فى تكريس الجهود الصهيونية فى فلسطين، ولكن الشعب المناضل لم يتوقف عن الدفاع عن أرضه ودفع دائمًا بقوافل الشهداء عبر سنوات من المقاومة التى قادها المفتى أمين الحسينى والبطل عز الدين القسام وصولًا إلى أحمد الشقيرى ثم ياسر عرفات، الذى جسد وحدة الشعب الفلسطينى فى الكفاح المسلح وتحرير تراب الوطن.

ثانيًا: إن أحداث السابع من أكتوبر 2023 وما بعدها هى أحداث كاشفة لطبيعة الوضع حاليًا وانحسار الأضواء العالمية عن القضية الفلسطينية، حتى جاءت الأحداث الأخيرة لتضع القضية فى مكانها الطبيعى بين المشكلات الدولية المعاصرة، بل وأعطتها درجة عالية من الصدارة باعتبارها كارثة عالمية ومأساة إنسانية قبل أن تكون مشكلة دولية، ولاشك أن العراب الأجنبى للحركة الصهيونية فى فلسطين، الذى تنقل بين بريطانيا ثم فرنسا ثم الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب الدعم الغربى الدائم لإسرائيل بسبب التقارب فى العقلية وطريقة التفكير إلى جانب التعايش مع الوجود اليهودى فى أوروبا لعدة قرون، واستثمار التعاطف الدولى معهم بعد الحرب العالمية الثانية وما فعله النازى بهم، وكأن الإسرائيليين الجدد أرادوا أن ينقلوا أثر المحرقة وفلسفة أفران الغاز إلى الشعب الفلسطينى لكى يدفع ثمن جرائم لم يشارك فيها، بل دفع ثمنًا مباشرًا أو غير مباشر لها، إنها بحق مأساة العصر والجريمة الكبرى فى القرن العشرين وما بعده.

ثالثًا: لقد كنا نتابع كل عام فى مثل هذه الأيام صلوات الكنيسة ببيت لحم بحضور الرئيس الفلسطينى والقيادات الإسلامية والمسيحية احترامًا لذكرى السيد المسيح عليه السلام، الذى دعا إلى المحبة والتعايش السلمى والإخاء الإنسانى قائلًا: «طوبى لصانعى السلام فإنهم أبناء الله يدعون»، فأين هذه الرؤية الراقية مما نحن عليه هذا العام الذى تلوثت صفحاته بدماء أطفال غزة وأحزان الشعب الفلسطينى ومعهم كل أحرار العالم مؤيدين ومساندين وداعمين.

يجب أن تضاء الشموع وسوف تحل البركات على الأراضى الفلسطينية ولو بعد حين، وتظهر دولة مستقلة للشعب الفلسطينى رافعة رايات التسامح والعيش المشترك الآمن حول الأقصى وكنيسة القيامة وجميع المقدسات لأصحاب الديانات.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خفوت أضواء عيد الميلاد خفوت أضواء عيد الميلاد



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab