جناية التطرف على صورة الإسلام المعاصر

جناية التطرف على صورة الإسلام المعاصر

جناية التطرف على صورة الإسلام المعاصر

 العرب اليوم -

جناية التطرف على صورة الإسلام المعاصر

بقلم - مصطفي الفقي

يسيطر عليّ دائمًا هواجس خانقة أشعر معها بأن الجناية الحقيقية على الإسلام العظيم قد بدأت من المسلمين أنفسهم، فهم الذين تصوروا بل وتوهموا أنهم يدافعون عن الدين الحنيف، بينما هم يسيئون له ويضعونه فى مأزق لا يستحقه، فالإسلام دين رحب يقوم على التسامح وقبول الآخر واحترام الغير، ولكن فئة منا خرجت علينا وأساءت إلينا، وذلك منذ ما يقرب من عشرة قرون عندما انتهت حروب الفرنجة التى رفعت الصليب شعارًا يخفى المطامع الاستيطانية المبكرة للغرب الأوروبى الذى اتخذ من بيت المقدس تكأة لغزو الشرق ومحاولة احتلال الأماكن المقدسة متناسيًا أن المسيحية بدأت من أرض الشام الكبير فهى عربية المولد عالمية التأثير تغطى بالمحبة الواسعة أطراف الدنيا، ولكن ضعاف العقول وقصار النظر لم يدركوا أبدًا أن ما يقومون به لا يصب فى خدمة الإسلام ولا العودة إلى أخلاق السلف الصالح، وصدق العاهل الأردنى الراحل الملك حسين عندما قال ذات مرة: (إننا لا نمضى إلى الوراء بحثًا عن صحيح الإسلام، بل إننا نتقدم نحوه فقد سبقنا جميعًا إلى فضائل العصر)، وفى مقدمة تلك الفضائل حقوق الإنسان التى يتشدق بها الغرب حاليًا ثم يفعل العكس تمامًا بتطبيق سياسة تعدد المعايير وليس مجرد ازدواجها فقط فضلاً عن الكيل بمكيالين والعبث بمبادئ الشرعية الدولية والعربدة بأرواح البشر وفى مقدمتها أبناء الشعب الفلسطينى الباسل، أقول ذلك لأننى قد لاحظت فى السنوات الأخيرة أن ظاهرة «الإسلاموفوبيا» قد تزايدت وأن الحملة على دين محمد قد بلغت الزبى، ويرجع ذلك كله إلى ما فعله المسلمون بدينهم وغياب الوعى لديهم بحقائق العصر ومعطياته، إننا شوهنا صورة الإسلام بشكليات عبثية وابتعدنا عن جوهر الدين ومقاصد الشريعة، وأصبحنا نردد أفكارًا وعبارات لا تتصل بسماحة الإسلام، وأتذكر أن أحد رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية العظام كان يضع نسخة المصحف الشريف مترجمًا إلى الإنجليزية فى مكتبه، وأن أسقف كانتربرى قد قال منذ عدة أعوام إنه يريد أن يقتبس من الشريعة الإسلامية بعض مبادئها، لأن المسيحية لا تتعارض مع ذلك من أجل ضرورة التعايش المشترك بين أبناء الديانات السماوية الثلاث، فأهل الكتاب يقفون دائمًا على أرضية واحدة تدعو إلى الفضيلة وتنبذ الرذيلة وتبشر بالحق والخير والجمال، وهل ننسى المحاضرة التاريخية للملك تشارلز الثالث فى جامعة أكسفورد عندما كان وليًا للعهد حين تحدث فى موضوعية عن سماحة الإسلام ورؤيته، وقد قال لى جلالته شخصيًا إن اهتمامه بالإسلام قد بدأ من خلال إعجابه بالعمارة الإسلامية وجمالها وتناسق القباب مع المآذن مما دفعه إلى القراءة أكثر والتعرف على حقيقة الإسلام بعيدًا عن الأفكار المتطرفة والمعلومات الخاطئة، ذلك أن الإنسان بطبيعته عدو ما يجهل، ولكن التعرف على الحقيقة وتلمس مساراتها هو الأسلوب الأمثل للتعايش المشترك بين الجميع ومازلت أتذكر أيضًا خطبة الرئيس الأمريكى الراحل دوايت إيزنهاور عند افتتاح المركز الإسلامى بواشنطن فى خمسينيات القرن الماضى وكان إمام المسجد فى ذلك الوقت هو الراحل د.عبدالرحمن بيصار الذى أصبح شيخًا للأزهر بعد ذلك.

إن جوهر ما أريد أن أقوله من هذه السطور هو أن ما يحدث من تحرش متبادل بين أصحاب الديانات فى إطار غلاف جوى ملوث بالشكوك وغياب الثقة يؤدى إلى حالة من التوتر وينشر أسباب القلق ويضع الجميع فى بؤرة متدنية من المخاوف والأوهام والأراجيف، فالإسلام كما المسيحية وكما اليهودية يهاجم حتى من قبل العصور الوسطى، وتلك موجات تأتى وتزول ويبقى المهم هو التذرع بالحكمة والابتعاد عن المغالاة ونزع الريبة والشك، إذ يعانى المسلمون الآن حالة من التضييق عليهم والعدوان على حقوقهم، وقد لفت نظرى العالم الراحل الدكتور محمود زقزوق إلى أن الحملة على الإسلام ليست جديدة بل إن بعض فترات العصور الوسطى، خصوصًا عقب الحروب حول بيت المقدس كانت فى أوج تأثيرها، وكان التراشق قويًا بين أصحاب الديانات، ولكن التطور الطبيعى للحياة والأحياء قد علم الجميع أن الأديان لله وأن الأوطان للجميع، ولذلك فإننى أدعو بشدة إلى السعى نحو استصدار تشريع دولى يحرم الإساءة للأديان من أى طرف ويفتح باب التسامح واسعًا أمام أبناء إبراهيم مع الاحتفاظ بقداسة كل دين ومكانته الرفيعة لدى أتباعه، وإذا كان هناك تشريع أممى يمنع المساس بالسامية فمن باب أولى أن يكون هناك تشريع آخر يجرم المساس بالإسلام عقيدة وشريعة وفكرًا، ولابد أن أعترف هنا بأنه بقدر وجود من يعارضون الإسلام ويتحاملون عليه، فإن هناك أعدادا أكبر بكثير تحترمه وتدعو لحسن المعاملة معه مهما كانت الظروف السياسية والملابسات الدولية والأزمات الإقليمية.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جناية التطرف على صورة الإسلام المعاصر جناية التطرف على صورة الإسلام المعاصر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab