مصر والأزمات الإقليمية

مصر والأزمات الإقليمية

مصر والأزمات الإقليمية

 العرب اليوم -

مصر والأزمات الإقليمية

بقلم - مصطفي الفقي

مصر دولة مركزية محورية وليست مجرد دولة عادية لا فى المنطقة ولا فى العالم، فهى ليست كبيرة ولا صغيرة ولا غنية ولا فقيرة, ولكنها بالتأكيد دولة متميزة ذات شخصية فريدة، فالتاريخ والجغرافيا منحاها قدرًا كبيرًا من التألق، فتاريخها ينطق بما لم يتح لغيرها، أما عن موقعها الجغرافى فحدث ولا حرج فهى دولة تقع على الناصية الشمالية الشرقية للقارة الإفريقية وتطل على جنوب أوروبا من سواحلها الشمالية وعلى آسيا من شرقها وإفريقيا من جنوبها، كذلك فإن لديها نسيجا متجانسا من البشر يمنحها قدرًا كبيرًا من التميز والفرادة لهذا ظلت مصر عبر القرون مطمعًا للغزاة ومسرحًا للطغاة وحائط صدٍ أمام البغاة، ارتبط وضعها بدورها الإقليمى ومكانتها التى جعلتها بحق (عمود الخيمة) التى تظلل بأطرافها امتدادًا واسعًا من العوالم العربية والإفريقية الإسلامية فضلاً عن احتضانها الديانات السماوية، فهى ملاذ أهل البيت فى القرن الأول الهجرى كما كانت البلد الذى باركه السيد المسيح قبل ذلك عندما كان اللاجئ الأول إليها هو وأمه العذراء مريم هربًا من بطش الحكام فى فلسطين، ونحن لا نقول ذلك بمنطق شيفونى أو نزعة عنصرية بل نستند فى ذلك إلى التاريخ المكتوب والأثر المقروء، تطل عليها الأهرامات شاهدة على التاريخ ويجرى النيل فى أرضها حارسًا للحياة وشريانًا للحضارة، لذلك فإن تفاعلها مع المشكلات الدولية والأزمات الإقليمية أمرٌ أفاض فيه المؤرخون وأسهب فى الكتابة عنه خبراء الجغرافيا السياسية والاقتصادية معًا، فيها آثار الأقصر الحاضنة لما يزيد على ربع التراث الإنسانى كله بشهادة اليونسكو وفيها شاطئان على بحرين مفتوحين هما الأبيض والأحمر، وفيها قناة السويس مركز الاتصال بين الشرق والغرب، فهى إفريقية المولد والموقع عرفت التوحيد قبل غيرها واستمدت من العروبة آخر الرقائق الحضارية بعد الفرعونية واليونانية والرومانية عندما دخلتها المسيحية ليلعب أقباط مصر دورًا أساسيًا فى العمران والنهضة، فى الانفتاح والتحرير، فنهض التعليم فيها مبكرًا وظهرت الصحوة على أرضها فى فترات كانت الدنيا ظلامًا حولها، إنها الأرض المباركة التى كانت ابنًا للتاريخ ثم أصبحت أبًا له، لذلك كله تتحمل أعباءه وتبعاته وتكاليفه، فللدور المتميز ثمن، وللموقع الجذاب ضريبة، وللدفاع عن شعوب المنطقة مقابل مطلوب، وقد فعلت مصر ذلك وتفعله على الدوام منذ أطل عليها الإسلام الحنيف يحمل معه الثقافة العربية ومصر تواجه حاليًا الأطماع والحروب أكثر من أى وقتٍ مضى, لأنها تحولت إلى خط الدفاع الأول عن العالمين العربى والإسلامي، ولذلك تميز البناء الحضارى المصرى بأنه سبيكة مشتركة من الحضارات التى وفدت على أرضها والديانات التى استقرت فيها، وها هى اليوم تواجه ذات الاختبار التاريخى الذى شهدته على مر العصور، فالتحديات حولها من كل اتجاه والأطماع ترقبها على نحو غير مسبوق إذ يبدو أن خطوات الحضارة الإنسانية وقفزات النهضة البشرية تنعكس أيضًا على نوعية المشكلات وطبيعة الأزمات فتبدو أشد تعقيدًا وأكثر حساسية، فالقضية العربية الأولى وهى القضية الفلسطينية تلقى على كاهل مصر العبء الأكبر على امتداد قرن كامل وتتحمل مصر تلك المسئولية طواعية حتى أصبحت القضية الفلسطينية مشكلة مصرية بالدرجة الأولى، من أجلها خاضت الحروب، ومن أجلها قبلت الالتزامات، وبسببها وقعت المعاهدات، ولاتزال مصر حارسة للأمن القومى العربى فى كل مواقعه ومراكز الحركة فيه ومفاصل الاشتباك فوق أرضه، وتواجه الكنانة فى الشهور الأخيرة حصارًا خبيثًا له جوانبه السياسية والثقافية والإعلامية كما تبدو النار تحت الرماد، ولكن يقظة الحكم الحالى فى مصر الذى يتصف بالصبر الطويل والتأنى العاقل قد وضعها فى موقع الصدارة مصدرًا للحكمة وداعية للسلم والأمن الدوليين، وحاضنة للشعب الفلسطينى الشقيق برغم كل ما يثار من أكاذيب وافتراءات على شعب مصر الطيب وجيشه الباسل، ولقد حرصت مصر من جانبها على التواصل مع الأطراف الدولية والإقليمية فى نزاهة وشرف ودون التواء أو افتراء أو سوء تأويل، وحتى إذا ابتعد عنها بعض الأشقاء، وانصرف من حولها بعض الأصدقاء إلا أنها تبقى حافظة العهد وفية لمبادئها، وعلى استعداد دائم للتضحية من أجل أمتها وآمال شعبها وعقيدة أبنائها بلا تفرقة أو تمييز، إنها الدولة المصرية التى بدأت برنامج إصلاح اقتصادى جسور ووجهت ضربات فاعلة ضد الإرهاب الدولى وأقامت مؤخرًا بنية تحتية غير مشهودة فى تاريخها وحافظت على ترابها الوطنى المقدس وأعلنت بوضوح أن التفريط فى حبة من رمال صحاريها هو خط أحمر فى رسالة واضحة استوعبها الخصوم قبل الأصدقاء ووعى قيمتها البعيد قبل القريب، وأنا على يقين أن مصر سوف تتمكن من الخروج عن نطاق الأوضاع المأزومة والظروف المعقدة لكى تصبح بحق ميزانًا للعدل ونموذجًا للشرف وتعبيرًا دقيقًا عن كافة الاحتمالات التى تبنى ولا تهدم، ترفع رايات السلام والحق والعدل والتحرر والنهضة وتحترم التزاماتها وتحافظ على تعهداتها حتى لو بلغ الحصار الخبيث حد بناء سدٍ على نيلها، أو ترويع الملاحة فى جنوب البحر الأحمر بما يؤدى إلى تأثير سلبى على قناة السويس.. إنها مصر الشامخة أبدًا، المتألقة دائمًا، وستبقى كما هى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها!

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والأزمات الإقليمية مصر والأزمات الإقليمية



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:11 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً
 العرب اليوم - الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً

GMT 03:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة
 العرب اليوم - بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 13:04 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تطلق خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 العرب اليوم - غوغل تطلق خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 14:56 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 01:33 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقالات جديدة في أحداث أمستردام وتجدد أعمال الشغب

GMT 13:05 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان آفاق مسرحية.. شمعة عاشرة

GMT 06:21 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

مفكرة القرية: الطبيب الأول

GMT 10:50 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

سبيس إكس تعيد إطلاق صاروخ Falcon 9 حاملا القمر الصناعى KoreaSat-6A

GMT 20:05 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

انضمام بافارد لمنتخب فرنسا بدلا من فوفانا

GMT 16:04 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يكشف طبيعة إصابة فاسكيز ورودريجو في بيان رسمي

GMT 07:23 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 08:47 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يتألق في حفل حاشد بالقرية العالمية في دبي

GMT 14:12 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يفقد أرنولد أسبوعين ويلحق بموقعة ريال مدريد

GMT 22:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ليوناردو دي كابريو يحتفل بعامه الـ50 بحضور النجوم

GMT 12:05 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

اليورو يلامس أدنى مستوياته مقابل الدولار منذ أواخر يونيو

GMT 02:27 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

27 شهيدًا ومصابًا في عدوان إسرائيلي استهدف السيدة زينب بدمشق

GMT 01:59 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إعلان حالة التأهب الجوي في ثلاث مقاطعات أوكرانية

GMT 08:40 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نيللي كريم مهدّدة بالخروج من دراما رمضان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab