رصانة المنصب الجنزوري نموذجًا

رصانة المنصب.. الجنزوري نموذجًا

رصانة المنصب.. الجنزوري نموذجًا

 العرب اليوم -

رصانة المنصب الجنزوري نموذجًا

بقلم - مصطفى الفقي

مضى إلى رحاب ربه بعد أن أدى دورًا وطنيًا مشهودًا فى مرتين ترأس فيهما الحكومة المصرية، الأولى قبل ثورة 25 يناير والثانية بعدها، ورغم أننى أعرفه عن قرب منذ أكثر من أربعين عامًا بحكم عملى فى مؤسسة الرئاسة وغيرها إلا أننى اقتربت منه أكثر فى السنوات الأخيرة حيث كان يجمعنا منتدى أسبوعى كل يوم سبت يضم صفوة ممن عملوا معه أو اقتربوا منه وذلك فى مكتب متواضع لزوج ابنته المهندس المحترم سامح الشاذلى، وكانت الجلسة دائمًا بسيطة يتخللها إفطار يشاركنا فيه فقراء مصر وهى أرغفة الفول والطعمية وقد يزداد الأمر إسرافًا فينال كل منا واحدة من حبات البرتقال أو اليوسفى، والرجل يتحدث بيننا- مضيئًا كأعماله طيبًا كطبيعته- عن مشواره الطويل وعن ذكريات كل منا معه، وكنت أحرص على حضور هذا اللقاء الأسبوعى صباحًا حتى ولو وصلت متأخرًا لأنه اليوم الذى أترك فيه العنان لساعات نوم تعوض نقصها طوال الأسبوع، وقد جمعتنى بهذا الراحل العظيم صلة إنسانية عميقة مهما تباعد المكان واختلفت المواقع، وعندما كنت سفيرًا فى النمسا ويعرف أننى قادم فى إجازة عابرة يحدد لى موعدًا عاجلًا للقائه فى مبنى معهد التخطيط بمصر الجديدة ويعطينى من وقته الكثير نتحدث فى شؤون الوطن وأحوال المنطقة والظروف السياسية المحيطة بالدولة المصرية، وكان دائمًا صريحًا معى فى كل ما يقول مستمعًا جيدًا لى فى كل ما أتحدث، ولقد كان محور الحديث دائمًا هو ما يحمله من هموم الوطن والأحداث العابرة والأزمات الطارئة فى شفافية ونقاء وطهارة،

ولقد كان آخر حديث لى معه عبر الهاتف منذ أسابيع قليلة يطلب منى كتابى (الرواية.. رحلة الزمان والمكان) وقد أرسلته إليه بإهداء يليق به، فجاءنى صوته بعيدًا واهنًا يشكر ما احتوته صفحات الكتاب من إنصاف له واعتراف بدوره الحقيقى فى مسيرة الوطن، مؤكدًا أنه التزم طوال حياته بالبساطة وسهولة الوصول إليه والإيمان المطلق بالوطن مع احترام تقاليد الموقع والحفاظ على كرامة من يشغله، وقد اتصلت به آخر مرة قبل وفاته بيومين فقط ورد على رقم الهاتف الممرض الخاص الذى يرافقه فى أيامه الأخيرة وقال لى: إن الدكتور نائم، فقلت له: بلغه تحياتى وتمنياتى بالشفاء القريب، ثم نعاه الناعى عندما ترجل الفارس واتجه إلى الرحيل بلا عودة، ولقد كرمه الرئيس السيسى كدأبه دائمًا مع أبناء مصر الذين أدوا أدوارًا وطنية مشهودة فتقدم شخصيًا جنازته العسكرية وودعه الوداع الذى يليق باسم كمال الجنزورى الرجل الذى يرجع إليه الفضل فى جمع شتات الأمن المصرى وجهاز الشرطة بعد 25 يناير 2011 يعاونه وزير همام كان هو اللواء محمد إبراهيم يوسف، وقد ظل الجنزورى متمسكًا بمبادئه لا يحيد عن مواقفه، وعندما اعترض عليه قادة الإخوان المسلمين ورفضوا استمراره فى رئاسة الحكومة رغم تقديرهم له فإنه انسحب من المسرح حتى كرمه الرئيس السيسى باختياره مستشارًا له وقبله فعل القاضى الفاضل الرئيس الانتقالى عدلى منصور نفس الأمر تقديرًا لمكانة الجنزورى وتكريمًا لاسمه الذى ارتبط بالشعبية الواسعة والتعاطف مع الطبقات الفقيرة والنأى بذاته عن مواضع الشبهات، لقد كان الرجل واضحًا بلا غموض، شفافًا لا يحيطه ضباب، قريبًا من الناس فى كل وقت، والمصريون معروفون بفطرتهم أنهم ينحازون لمن يشعرون أنه قد وقع عليه ظلم لذلك فقد كان يستقبل بحفاوة فى كل المناسبات بين فترتى وزارتيه وهى مدة تصل إلى ما يزيد على اثنتى عشر عامًا عاشها الرجل فى الظل لا يتحدث إلا صدقًا ولا يتدخل فى أمر لا علاقة له به، وأتذكر ذات مرة ونحن جلوس فى قاعة كبرى احتفالًا بعيد العمال أن فوجئت بعاصفة غير مسبوقة من التصفيق فظننت أن الرئيس مبارك قد وصل ونظرت فإذا التحية والتكريم موجهان لرئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزورى، ولسوف أفتقد فيه- مثل الكثيرين- أخًا كبيرًا، وصديقًا عزيزًا، ومصريًا احترم نفسه ومنصبه وحافظ على مبادئه وأفكاره حتى انسحب من الحياة فى هدوء ابنًا بارًا لوطنه ومصريًا مخلصًا للكنانة فى كل الأوقات، «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِى جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ»..عزاء للسيدة الجليلة قرينته وبناته الفضليات وأحفاده فضلًا عن أسرته الكبيرة التى هى الوطن المصرى كله الذى يقدره ويحترمه ويحزن لرحيله

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رصانة المنصب الجنزوري نموذجًا رصانة المنصب الجنزوري نموذجًا



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab