السلفيون والحياة السياسية

السلفيون والحياة السياسية

السلفيون والحياة السياسية

 العرب اليوم -

السلفيون والحياة السياسية

مصطفى الفقي

الأصل فى الإسلام الحنيف هو الاقتداء بالسلف الصالح، ومن هذا المنطلق فإننا جميعاً سلفيون فى فهم العقيدة النقية والأخذ بأيسر الحلول بين التفاسير الفقهية، ولكن الذى حدث هو أن كلمة «سلفى» اكتسبت دلالات جديدة كما اصطبغت بروح التشدد وبعملية بحث انتقائى عن أحاديث نبوية غير مؤكدة ومأثورات دينية مهجورة، ذلك أن السلفيين فى بلادنا هم امتداد للجمعيات «الشرعية» وجمعيات «أنصار السنة» وغيرهما من التجمعات الدينية التى لم تكن معنية بالحياة السياسية من قبل إلى أن قامت ثورة 25 يناير 2011 فإذا الحضور السلفى يبدو قوياً، وإذا دور السلفيين فى الحياة السياسية يتعاظم حتى تقدموا بمرشحٍ لرئاسة الدولة! ودخلوا فى تحالف صامت مع جماعة «الإخوان المسلمين» كانوا فيه بمثابة «العضلات» بينما قيادات الجماعة هى «العقل المفكر» ولأن أعداد السلفيين ضخمة فهم لا يمثلون تنظيماً سياسياً شاملاً ولكنهم يمثلون حالة من التدين الخاص حتى اختلطت الصورة لدى جمهرة الناس بين السلفى والإخوانى والمتدين، وأصبح الناس يطلقون تسمية عامة عليهم جميعاً هى «أصحاب اللحى» أو «الذقون»، ولنا هنا عدد من الملاحظات:

أولاً: إذا كان «الإخوان المسلمون» امتداداً لتركيبة تاريخية يمثل فيها الدين عشرين بالمائة بينما تحتل السياسة الثمانين بالمائة الباقية فالأمر عكسى بالنسبة للسلفيين، إذ إن تدينهم يشغل مساحة قد تصل إلى ثمانين بالمائة بينما لا تحتل السياسة فى حياتهم أكثر من العشرين بالمائة الباقية، لذلك خرج كثير من التصريحات السلفية يعكس روحاً متشددة ونفوراً واضحاً من الآخر، فهناك من يدعو إلى فرض «الجزية» على «أهل الذمة»، وهناك من يمنع إلقاء السلام والتحية عليهم ويرفض تهنئتهم فى أعيادهم، ويرى أنه ليس من حقهم المساواة بأشقائهم المسلمين! كما أن النبش بحثاً عن استشهادات تفرق بيننا وبين غيرنا من أهل الكتاب هى عملية خبيثة أدت إلى تشويه المجتمع السلفى عموماً، وخلق نوع من أزمة الثقة فى التعامل بينهم وبين الغير مع زرع الشكوك تجاه النوايا السلفية عموماً حتى بدأ يسرى حديث عن أنهم لا يؤمنون بالمفهوم الكامل للمواطنة ويلعبون على الحبال المختلفة ويقومون بتوزيع الأدوار عند اللزوم.

ثانياً: لقد اعتمدت جماعة الإخوان المسلمين فى حشودها عبر السنوات الماضية على الكتل المتحركة من القوى السلفية، ومازلنا نتذكر يوم تقدم السيد «حازم أبوإسماعيل» بأوراق ترشحه لرئاسة الجمهورية ـ قبل الطعن عليها بجنسية والدته ـ فإن طوابير البشر قد امتدت وقتها من حى «الدقى» فى «الجيزة» إلى لجنة قبول الترشيحات فى حى «مصر الجديدة»، ولقد كان الكل يتساءل: من هم هؤلاء؟ ومن أين خرجوا؟! ولماذا لم يكن لهم وجودٌ ظاهر قبل الثورة المصرية وفى ظل حكم «مبارك» وسابقيه؟! ولقد ترددت همسات كثيرة تشير إلى التعاون الخفى بين قيادات سلفية وأخرى أمنية قبل الثورة المصرية، بل لقد ذكر البعض أن عناصر سلفية كانت تشى ببعض العناصر الإخوانية وتنقل أخبارهم فى تعاون وثيق مع جهاز أمن الدولة المصرية قبل ثورة 2011، وإذا صدقت مثل هذه الروايات فإن ذلك ينال من مصداقية بعض العناصر السلفية بشكلٍ ملحوظ، وهنا لا يجب التعميم، فهناك سلفيون أتقياء يفصلون بين الواقع السياسى وبين علاقتهم بربهم وإسلامهم.

ثالثًا: أظن ـ وليس كل الظن إثماً ـ أن غالبية السلفيين لم يكونوا من المصوتين للرئيس «السيسى» عند انتخابه ولم يذهب كثير منهم إلى لجان التصويت، كما أن معظم من ذهب قد أبطل صوته، وهذه أيضاً استنتاجات تحتاج إلى تمحيص ولا يمكن التعويل عليها بشكل مطلق، ونقول هنا إن من حق «السلفى» كمواطن أن يعطى صوته لمن يشاء مادام يقف على أرضية وطنية ويؤمن بحق الجميع فى المساواة القانونية والسياسية.

.. تلك محاولة لتصفح الملف السلفى فى «مصر»، ولكنى أؤكد هنا مرة ثانية أن من بين السلفيين نسبة لا بأس بها يقتربون من خلق الصوفية يحاكون السلف الصالح بدافع روحى أصيل وإن طرأت عليهم بعض الأفكار العنيفة تجاه أتباع «المذهب الشيعى» من المسلمين، ولعلنا نتذكر تحريضهم للرئيس الأسبق «مرسى» على «الشيعة» بشكل أدى يومها إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع «سوريا»، كما أدى إلى المذبحة البشعة ضد بعض المصريين الشيعة فى إحدى قرى محافظة «الجيزة»، لذلك فإننى أتطلع إلى أن يتحول السلفيون إلى ركيزة وطنية تدعو إلى الإسلام الصحيح وتبشر باعتداله وسماحته وتنأى بنفسها عن الحياة السياسية وسوءاتها وتكتفى بالدور الدعوى داخل المجتمع فى إطار من الحكمة والموعظة الحسنة.

arabstoday

GMT 11:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

لماذا نظرية التطور مهمة؟

GMT 11:35 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

لا تنسوا 420 مليونًا عند “الكردي”

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:38 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 06:36 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وَمَا الفَقْرُ بِالإِقْلالِ!

GMT 06:35 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الزمن اللولبي

GMT 06:34 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

مع ابن بجاد حول الفلسفة والحضارة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلفيون والحياة السياسية السلفيون والحياة السياسية



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab